تسعى الدكتورة "ريم حرفوش" بحضورها المحبب، ورغبتها الحقيقية لتكون فرداً فاعلاً بترك بصمة ضمن مجتمعها؛ لتكون نموذجاً إيجابياً للمرأة السورية؛ متخلية عن مهنتها كطبيبة أسنان وتنذر وقتها وجهدها لتقديم الدعم النفسي والمادي والاجتماعي لذوي الاحتياجات الخاصة ومتضرري الحرب.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت مع الدكتورة "حرفوش" بتاريخ 5 كانون الأول 2018، لتتحدث عن مسيرتها، فقالت: «درست الابتدائية في مدارس "دمشق"، لأنتقل بعدها مع عائلتي إلى مدينة "اللاذقية"، حيث أكملت باقي المراحل الدراسية والجامعية. والدي "جمال حرفوش" مدرّس مادة الرياضيات، ومشهود له بالكفاءة العالية، إضافة إلى نضاله السياسي في مرحلة الستينات. خلال دراستي كنت أشارك بكافة النشاطات الاجتماعية والفنية، وكان لي دور بالمشاركة والتأسيس، وهذا برأيي صقل شخصيتي كباقي جيلي ومنحني الكثير من الإحساس بالمسؤولية والمواطنة الفاعلة، وبعد نيلي الشهادة الثانوية لم تكن دراستي لطب الأسنان ضمن خياراتي، ولم ترضِ طموحي، لكنها رغبة الأهل، حيث اجتزت الجامعة بنجاح، والتزمت بمهنتي كطبيبة أسنان لمدة من الزمن، لكن بعد زواجي وإنجابي ثلاثة أطفال، كانت الأولوية الاهتمام بهم ليكونوا أشخاصاً فاعلين ضمن مجتمعهم، وهي رسالتي التي حَمَّلتهم إياها إلى جانب ثقتي بهم ليكون ذلك دافعاً للنجاح والاستمرارية، فهم إلى جانب إصرارهم على النجاح والتميز في دراستهم ضمن الكليات الطبية، انخرطوا بالعمل ضمن الفرق التطوعية ليكونوا داعمين لغيرهم بعيداً عن قصص السلبية التي أفرزتها الحرب مؤخراً».

أعرف الدكتورة "ريم" منذ بداية الأزمة، عرفت بها الأخت والصديقة والأم التي أوصلت أبناءها إلى أعلى درجات التحصيل العلمي. وهي الطبيبة المعطاءة التي تخلّت عن عملها، ونذرت وقتها وجهدها وجنّدت نفسها بكل ما تملك لخدمة بلدها. كما أنها المبادرة منذ بداية الحرب للالتحاق بالعمل التطوعي، ورأيناها في الأماكن الساخنة لتقديم الدعم للجنود، فهي رديفة وداعمة قولاً وفعلاً لكثير من المبادرات والجمعيات الخيرية، ومن المؤسسين لمبادرة "قامات السنديان" المشهود لها بتقديم المساعدات لأسر الشهداء، وإجراء مئات العمليات الجراحية للمتضررين مجاناً، وكثيراً ما كانت تتحمّل أعباء مادية من حسابها الخاص، إضافة إلى عملها بإيصال المعونات إلى المهجّرين. أما في مجال الإعاقة الجسدية والنفسية التي كثرت أثناء الحرب، فكان لها الفضل بما تملكه من خبرة بهذا المجال بإعادة دمجهم بالمجتمع، ومن يعرفها يعلم تماماً أنها لا تتوانى في تقديم أي مساعدة تطلب منها، وتذهب إلى أقصى ما يمكنها فعله

وعن بداية عملها بمجال التطوع، تضيف: «بعد قراري التوقف مؤقتاً عن ممارسة مهنتي كطبيبة أسنان، اتجهت إلى العمل في مجال التثقيف الصحي، واتبعت حينئذٍ دورات تدريبية في مجال الإعاقة، وهو ما مثّل نقطة تحوّل أساسية في حياتي، فكان القرار التوقف النهائي عن ممارسة مهنتي كطبيبة أسنان، والانتقال إلى العمل الإنساني الذي أخذ جزءاً كبيراً من حياتي، وهو ما ولَّد لديّ -على الرغم من لحظات الحزن والتعب والعجز- طاقة إيجابية وإصراراً على الاستمرارية بتقديم الخدمات ضمن المجالات المتاحة، فكنت من الفريق المؤسس لمركز "أنا وطفلي" للأطفال المعوقين عام 2008، كما عملت مديرة له لمدة أربع سنوات، انتقلت بعدها بصفتي خبيرة إعاقة إلى الإشراف على برنامج الإعاقة في مديرية صحة "طرطوس"، ولرفع كفاءة الأداء اتبعت عدة دورات وورشات عمل في المجالات الطبية والمجتمعية وحتى الإعلامية؛ لقناعتي بأن الإنسان يملك مجموعة من العلم والكفاءة والخبرة، إضافة إلى قدرات أخرى علينا تنميتها والارتقاء بها لنكون على مستوى المحبة والثقة التي يمنحنا إياها من حولنا».

تكريمها لفعاليتها ونشاطها بالعمل التطوعي

وتتابع: «ضمن مجال العمل الإنساني والإغاثي الذي نشط بوضوح في بداية الحرب على "سورية"، كنت إلى جانب الكثيرين الذين حاولوا أن يكونوا جنوداً لأجل الوطن ونصرة قضيته، والوقوف إلى جانب المتضررين من الحرب، فنظّمنا عملنا وبدأنا توحيد جهودنا لتجاوز سلبيات الحرب، وكان التعاون مع المهندس "عمار بلال" مثمراً ضمن مبادرة "عشاق الوطن" للتخفيف من وطأة الحرب على الأسر المتضررة التي هجرت إلى محافظة "طرطوس"، حيث اعتمدنا من خلالها تدريب العائلات المهجّرة على تعلّم الحِرَف والمهن التي تساعدهم بتأمين مصدر دخل لهم، والتكفل بإقامة المعارض لبيع إنتاجهم. كما عملنا على تأسيس فريق "قامات السنديان" التطوعي للوقوف إلى جانب متضرري الحرب بتقديم المستلزمات الطبية، وحملات الألبسة المدرسية، والترفيه للأطفال على مدى سنوات الأزمة، وكذلك أسر الشهداء والجرحى بتقديم العلاج لهم. وفي محفوظاتنا زيارات ميدانية لأكثر من 400 أسرة، وعشرات العمليات الجراحية لجرحى الحرب بالتعاون مع بعض الأطباء الذين قدَّموا خدماتهم بأقل التكاليف، وفي بعض الأحيان مجاناً، إضافة إلى مشاركة فعالة من بعض المغتربين، وبالتشبيك مع فرق أخرى تجاوزنا حدود المحافظة، وانطلقنا لتقديم خدماتنا ضمن عدة محافظات ومناطق، كـ"حلب"، و"دمشق"، و"درعا"، و"كسب"، ووصلنا إلى المناطق الساخنة لإيصال الدعم إلى جنود الجيش العربي السوري، كما قصدنا "بيروت" للقاء بعض المسؤولين فيها. الصعوبات كانت كثيرة، لكن ايماننا بعملنا وبلدنا وثقتنا الكبيرة بالنصر ذلّلت المصاعب وأحبطت أحلام المشككين بنجاحنا».

بدورها المحامية "غيداء علي" ناشطة بمجال التطوع، وعضو ضمن فريق "قامات السنديان" التطوعي، قالت: «أعرف الدكتورة "ريم" منذ بداية الأزمة، عرفت بها الأخت والصديقة والأم التي أوصلت أبناءها إلى أعلى درجات التحصيل العلمي. وهي الطبيبة المعطاءة التي تخلّت عن عملها، ونذرت وقتها وجهدها وجنّدت نفسها بكل ما تملك لخدمة بلدها. كما أنها المبادرة منذ بداية الحرب للالتحاق بالعمل التطوعي، ورأيناها في الأماكن الساخنة لتقديم الدعم للجنود، فهي رديفة وداعمة قولاً وفعلاً لكثير من المبادرات والجمعيات الخيرية، ومن المؤسسين لمبادرة "قامات السنديان" المشهود لها بتقديم المساعدات لأسر الشهداء، وإجراء مئات العمليات الجراحية للمتضررين مجاناً، وكثيراً ما كانت تتحمّل أعباء مادية من حسابها الخاص، إضافة إلى عملها بإيصال المعونات إلى المهجّرين. أما في مجال الإعاقة الجسدية والنفسية التي كثرت أثناء الحرب، فكان لها الفضل بما تملكه من خبرة بهذا المجال بإعادة دمجهم بالمجتمع، ومن يعرفها يعلم تماماً أنها لا تتوانى في تقديم أي مساعدة تطلب منها، وتذهب إلى أقصى ما يمكنها فعله».

مع رجال الجيش في الخطوط الأمامية

يذكر، أن الدكتورة "ريم حرفوش" من مواليد "اللاذقية" عام 1969، تعيش في "طرطوس" وهي إلى جانب عملها التطوعي، ناشطة ومدافعة عن حقوق الطفل والمرأة وتمكينها في المجتمع، ومشاركة فاعلة في عدد من الحوارات والملتقيات في "بيروت" وعدة محافظات سورية حول تحسين واقع المرأة، وفعاليات للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، حاصلة على شهادة تقدير في مجال العمل الصحي والخيري من منظمة "ألعاب السلام العالمية" وعدد من شهادات التكريم من عدة جهات مجتمعية.

المحامية غيداء علي