استطاعت المدرّسة "بانة علي" أن تتميّز بأسلوبها التربوي والتعليمي من خلال إيمانها برسالة التعليم السامية، فتركت بصمة مميزة عند تلاميذها؛ من خلال إخلاصها وإتقانها أساليب التعليم الحديثة، ومبادراتها الخلاقة البعيدة عن الروتين.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 10 تشرين الثاني 2018، المعلمة "بانة علي"، التي حدثتنا عن مسيرتها، فقالت: «ولدت في تموز 1985 في قرية "ضهر بشير"، ودرست في كلية التربية في جامعة "تشرين"، إلى أن تزوجتُ في "الكفرون"، والآن أدرّس في مدرسة "الأخطل" الابتدائية في ذات البلدة.

أمامنا طريق طويل، وسعادتي الكبرى عندما أرى طفلاً أصبح ذا شخصية متزنة قادرة على مواجهة الصعوبات للسير قدماً نحو مستقبل أفضل

عملت في مجال التعليم لمدة اثنتي عشرة سنة، وفي كل سنة علّمت فيها، أحسّ بأن هناك خبرات تنقصني وبحاجة إلى تعديل وتطوير، وخلال هذه السنوات تغيرت المناهج الدراسية مرتين، وشاركت في جميع الدورات التي كانت بهذا الخصوص، وفي كل مرة كنت سعيدة فيها لأنني كنت أتعلّم من خبرات زملائي في العمل. حاولت جاهدة تطبيق ما تعلمته، وقد حرصت على إدخال التقانة بالتعليم من خلال حاسوبي الشخصي الذي لا يفارقني، فكنت أعرض مقاطع فيديو مثيرة تشجع التلاميذ وتشوقهم وتحببهم بالمادة التعليمية؛ وهو ما ميّز طلابي ووسّع آفاقهم.

أثناء الدرس التعاوني

كلما بدأ عام جديد كنت أشعر بأن هناك الكثير من الأفكار التي تراودني، وكنت أحاول تطبيقها، بعضها ينجح، وبعضها الآخر يفشل، لكن لم أكن أيأس أبداً، إلى أن جاءت المناهج الدراسية الجديدة، وأظنّ أنها أفضل المناهج التي كتبت حتى الآن، فأحسست بأنها ستساعدني على تطبيق بعض أفكاري».

وأضافت: «هدفي أن أساعد تلاميذي على إبراز شخصيياتهم، وأخرج منها ما يملكونه من مهارات وميول تصقل شخصياتهم فأنزع الخجل والخوف، وأنمي لديهم القدرة على التفكير، وأحفّزهم بعيداً عن أسلوب التلقين والحفظ الببغائي الذي يقتل العقل والتفكير.

"بانة علي" خلال تكريم الطلاب

في أحد الأعوام الدراسية تسلّمت تعليم تلاميذ الصف الأول، ولم تكن لدي الخبرات الكافية في التعامل مع التلاميذ من هذا العمر، فحاولت جاهدة إيجاد طريقة للتعامل معهم، وقمت بتصميم لوحة تعديل السلوك الخاصة بكل تلميذ، حيث كتبت اسم كل واحد منهم على اللوحة، وبجانبه جدولان؛ الأول لشخصية سعيدة؛ وعبّرت عنها بوجه سعيد. والثاني لشخصية حزينة؛ وعبّرت عنها بوجه حزين. وفي كل مرة يتصرف فيها التلميذ تصرفاً إيجابياً أسجله في قائمة الشخص السعيد، أما التصرف غير اللطيف، فأسجله في جدول الشخص الحزين، محاولة محو هذه التصرفات بالتركيز على الأمور الإيجابية في جوانب الطفل، وتعزيزها بحوافز بسيطة، وأعطت نتائج مذهلة لم أكن أتوقعها.

واجهت الكثير من الصعوبات، وخاصة في فهم الناس لطريقة تعليمي، وتوصيل رسالتي التعليمية كانت صعبة، لكنها لم تكن مستحيلة، إلى أن أصبحوا يعرفون المعلمة "بانة" وطريقتها التعليمية».

المديرة "سونيا سنيور"

وعن المبادرات الذاتية قالت: «حالياً أطبّق فكرة تدوير النفايات التي تحدثت عنها مناهجنا الدراسية، وهي متبناة من أغلب دول العالم، وأحاول تطبيقها في مدرستنا بالتعاون مع الزملاء والتلاميذ في المدرسة، لكن نحتاج إلى من يدعمنا كي يكبر مشروعنا ويتوسع نطاقه لما له من أهمية في ثقافة الطفل وبناء شخصيته».

وختمت قائلة: «أمامنا طريق طويل، وسعادتي الكبرى عندما أرى طفلاً أصبح ذا شخصية متزنة قادرة على مواجهة الصعوبات للسير قدماً نحو مستقبل أفضل».

"سونيا سنيور" مديرة مدرسة "الأخطل"، قالت عنها: «"بانة" معلمة معطاءة بكل معنى الكلمة، متقنة لمهمتها، وتعرف واجبها بدقة، فهي لا تحتاج إلى نصيحة أو توجيه، وهي ملمّة بكل جوانب التربية والتعليم، قاعتها الصفيّة مميزة ومنضبطة، محبوبة من قبل تلاميذها، وتحرص على التعاون مع الأهالي، إضافة إلى أنها لا تبخل بالمساعدة والنصح حتى لزملائها».

المهندسة "سمر الحسين" أمّ أحد طلبة "بانة" قالت: «للعطاء أناس وللتميّز عنوان، المدرّسة "بانة" هي المثال، فلقد زرعت بذوراً بشتى الألوان، وكانت لابنتَيّ "دانية" و"فرح" الأم والمعلمة والصديقة والقدوة، حيث زرعت فيهما حب التفوق والتميز والعطاء بروحها المرحة وصفاء قلبها وطلتها البهية وعطائها الذي لا ينضب. مبادراتها في الصف والمدرسة تتسم بأنها تعطي شخصية مستقلة ومنظمة للأطفال، وهو شيء راقٍ ومبتكر».