بعيداً عن أهمية المكان بالنسبة للحلاقة الرجالية، قدم الحلاق "يحيى" مهاراته المكتسبة في هذا المجال في الحدائق وعلى الشواطئ، وضمن الغرف مسبقة الصنع في مركز إيواء معسكر الطلائع.

الزبائن المهتمون بأناقتهم وحلاقة شعرهم باستمرار، يتواصلون شفهياً مع الشاب "يحيى عرابي" ويخبرونه بحاجتهم إلى موهبته، ولا يكترثون لعدم امتلاكه لصالون حلاقة، طالما مهارته تلبي حاجتهم، وهذا بحسب حديث أحد الزبائن، السيد "محمد دنش" لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 8 تموز 2015، مضيفاً: «عند حاجتي لحلاقة شعري أخبر الشاب "يحيى" ليقصدني في المكان الذي أنا فيه، فأحياناً نجلس في حديقة المعسكر وأحياناً يأتي إلى منزلي، غير مهتمين بالمكان الذي نلتقي فيه، طالما هو مقتنع بهذا الأمر، ويقدم خدماته وخبرته الطويلة.

أكون سعيداً حين يلبي الحلاق "يحيى" دعوة أهلي لحلاقة شعري في المكان الأقرب إلي، وهذا بعد إخباره ودعوته، ليحضر عدته ويباشر عمله، حتى إن أجوره بسيطة لا تتعدى خمسين ليرة سورية

والأمر المهم أيضاً أن أجور الحلاقة التي يتقاضاها بسيطة جداً لا تتجاوز 100 ليرة سورية للكبار وخمسين ليرة سورية للصغار، وهذه أسعار مقبولة جداً إذا ما قورنت بأسعار الحلاقين الآخرين».

الحلاق يحيى عرابي

أما الطفل "جمال سكر" الذي صادفت حلاقة شعره وزيارتنا، فقال: «أكون سعيداً حين يلبي الحلاق "يحيى" دعوة أهلي لحلاقة شعري في المكان الأقرب إلي، وهذا بعد إخباره ودعوته، ليحضر عدته ويباشر عمله، حتى إن أجوره بسيطة لا تتعدى خمسين ليرة سورية».

وفي لقاء مع الحلاق "يحيى عرابي" الوافد من مدينة "حلب" إلى مركز إيواء "معسكر الطلائع"، قال: «تعلمت الحلاقة منذ كان عمري عشر سنوات، وأحببت المهنة كثيراً ووجدت فيها مستقبلي، ولكن بعد قدومي إلى المركز هنا توقف لفترة، ثم فكرت لماذا لا أستثمر مهاراتي التي اكتسبتها لتأمين دخل مادي يعيلني وأسرتي، وأساعد بهذه الخدمات الناس البسطاء الذين عانوا الكثير نتيجة الأزمة، وهذا بحد ذاته كان حافزاً لإعادة الحياة إلى مهنتي».

الشاب محمد دنش بعد الانتهاء من الحلاقة

ويتابع الشاب "يحيى": «لدي زبائن كثر هنا، استطعت كسب رضاهم بمهاراتي وانخفاض الأجور التي أتقاضاها، والأهم من هذا كله أنني لا أكترث للمكان الذي أجلس فيه لحلاقة شعر الزبون، ففي كثير من الأحيان نجلس في الحديقة تحت ظل الأشجار، أو أذهب إلى منزل الزبون، أو حتى نجلس على شاطئ البحر، بطلب من الزبون، وهذا لا يكلفه أي أجور إضافية، بل على العكس أكون سعيداً لخروجي من المألوف في مهن الحلاقة التي اختصت لنفسها المكان لممارسة العمل».

المنافسة لا تهم الحلاق الشاب "يحيى" طالما الزبون راضٍ ومقتنع بما يقدمه له، وهنا قال: «لا أحاول منافسة زميل المهنة الموجود معنا في المركز، فهو ملثي يرغب بالعيش الكريم وتأمين حاجاته المعيشية فقط مما يتقاضاه من أجور، لكنني أختلف معه بعدم أهمية المكان لممارسة المهنة».

وفي لقاء مع السيد "غسان أبو الكنج" أحد الزبائن الذين وجدناهم على كرسي الحلاقة، قال موضحاً التسهيلات التي حظي بها ووجد فيها راحته: «يوجد في المركز حلاق آخر أحجز دور عنده في حال لم يحضر الحلاق "يحيى"، وحينها أنا مضطر للالتزام بالموعد والمكان الذي اختصه لنفسه ولا يبارحه، وهذا بخلاف الحلاق "يحيى" الذي لا يهتم للمكان لممارسة مهنته، فأكون سعيداً أكثر إن جاء إلي الحلاق، ووفر عليّ التنقل بين أقسام المركز المتعددة والمتباعدة بعضها عن بعض».

وبالعودة إلى حديث الشاب "يحيى" الذي امتهن الحلاقة كوسيلة عيش له، قال: «أواكب جميع القصات و"الموديلات"، وأحاول ابتكار بعضها من مخيلتي، وذلك بما يتناسب وشعر الزبون، وهذا لاقى استحسان وقبول الزبائن، ومنهم من يحب نموذج حلاقة خاصاً ومعيناً، فيوضحه لي لأنجزها له، وأحاول هنا أيضاً أن تكون مناسبة لطبيعة رأسه».