محرك اجتماعي بالنسبة لبعض الأشخاص، ومحفز لبعضهم الآخر، بما ملكته من طاقة إيجابية، بادرت من خلالها لحماية الطبيعة ومساعدة الأطفال المتضررين وتشجيع من امتلكوا الأفكار والموهبة على المبادرة، هي الصيدلانية "لما حسن".

تتمتع "لما حسن" بذوق رائع وانتقائي للإيجابية في الحياة، وهذا بحسب رأي "حسن حرفوش" من فريق "سلام يا طبيعة" التطوعي، خلال لقاء مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 11 أيار 2015، وأضاف: «تمتلك "لما" خبرة ناتجة عن تراكم سلسلة من المعارف والعلوم، أضافت إلى شخصيتها رصانة وبعداً رابعاً، وروحها المرحة الطفولية استكملت رؤيتها في شتى المواضيع، كبحث مدرسي غير منقطع عن الخير والجمال والسلام، أي البحث عن القيم النبيلة المتعلقة بسلام الإنسان والأرض بكل ما فيها وصولاً إلى المجتمع الذي كانت فيه، من خلال فريق "سلام يا طبيعة" التطوعي، حيث لها دور رائع كعضو أساسي يعمل من دون كلل أو ملل بلا مقابل في التطوير والارتقاء بمشاريع العمل».

لها طاقة غريبة في العمل، استطاعت توظيفها في هذه الأزمة بما يخص ذوي الشهداء والجرحى والوافدين، من دون كلل أو ملل، ففي كل مرة تقترح شيئاً جديداً لتخفيف العناء والضغط عن إخوتنا بالوطن

الآنسة "حلا عبد القادر" مدرسة لغة إنكليزية ومسعفة في الهلال الأحمر، قالت: «ما يميّز شخصية "لما" اختلافها بصفات عديدة، وأسلوبها عمن يمكن أن تتواصل معهم في مبادرة ما أو ضمن نشاط اجتماعي أو حتى في الحياة اليومية، وتختلف إلى درجة الخلاف ربما في بعض الأفكار أو العواطف، لكنها لن تختلف معنا أبداً طالما أدركت أننا معاً يمكننا إنجاز الكثير، إضافة إلى قدرتها الدائمة وإصرارها على جذب الانتباه والاحترام لما تؤمن به وتحاول الوصول إليه أو خلقه أو إعطائه، وهذا تجلى بقوة حسّ المبادرة والمساعدة الفردية أو الجماعية وحسن التوظيف الواقعي».

الرسامة ليديا صالح

الرسامة التشكيلية "ليديا محمد صالح" متطوعة في الأمانة السورية للتنمية، قالت: «إنسانة إيجابية جداً، تحفز جميع من حولها بإمكانياتها وقدراتها، ليحققوا ما يريدون، فأنا مثلاً منذ مدة انضممت إلى فريق إعلامي، وحينها تمكنت من تغطية عدة نشاطات متعاقبة بزمن قياسي، ولكن لم أستطع نشرها كما أريد على صفحة فريقي، فما كان منها إلا بادرت إلى تشجيعي وتحفيزي، وقالت: "أنا سعيدة بنشاطك الكبير جداً، وسأنشر لك ما عملت على تغطيته في الموقع الإلكتروني، وأريدك أن تبقي بهذه الهمة دائماً، وهذا منحني طاقة للمزيد من العمل وأشعرني بقيمة تعبي».

وتضيف: «لها طاقة غريبة في العمل، استطاعت توظيفها في هذه الأزمة بما يخص ذوي الشهداء والجرحى والوافدين، من دون كلل أو ملل، ففي كل مرة تقترح شيئاً جديداً لتخفيف العناء والضغط عن إخوتنا بالوطن».

الصيدلانية "لما" خلال رحلة الاستكشاف الخاصة بمدونة وطن

وفي لقاء مدونة وطن "eSyria" مع الصيدلانية "لما حسن" بتاريخ 11 أيار 2015، أكدت أن كل إنسان لديه قدرات وملَكات يمكن أن يستخدمها لخدمة قضية يؤمن بها، ولتحقيق رؤيا يحلم بها، فالمبادرة تتطلب الإيمان بالإنسان أولاً وبقيمة العطاء ثانياً، ويعزز ذلك البيئة ووجود القدوة الحسنة، وعلى هذا الأساس والفكر كانت الانطلاقة في الشأن الثقافي، وأضافت: «دفعني حب الكتابة والأدب، إلى النشاط الثقافي، حيث تضيء شمعة في الدرب أو شعلة في القلب، وساهمت في تنظيم وتقديم العديد من الندوات الثقافية، والأمسيات الشعرية، وكتبت العديد من المقالات، إضافة إلى نشر العديد من النشاطات الثقافية والبيئية الاجتماعية لمصلحة الصحافة الإلكترونية تطوعياً، وقد حرصت على إجراء لقاءات مع ناشطين وفنانين بهدف تسليط الضوء على تجربتهم، وتقديم القدوة والتشجيع».

وقد استثمرت التقانة الحديثة لا للترويج، للتحفيز والتشجيع، وهنا قالت: «يصح أن نقول في شبكة الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي ما يقال في المال: "خادم جيد وسيد سيء"، حيث يمكن من خلالها نقل التعارف الإلكتروني إلى نشاط واقعي مثمر، مثلاً عندما أعلنت على صفحتي عن مشاركتي بإحدى الأمسيات الشعرية، تحفز وتحمس صديق شاعر شاب من "حمص"، فقلت: لِمَ لا تشاركنا أمسية في "طرطوس"؟ فتواصلت مع الشاعر "محمد حمدان" رئيس فرع "اتحاد الكتاب العرب في طرطوس" لاستضافته على منبر الاتحاد، وفعلاً تم الأمر في أمسية ناجحة، كذلك عند الإعلان عن مبادرات للوافدين أو الأطفال يشارك أصدقاء من محافظات أخرى».

خلال حملة تشجير

وفي الشأن الاجتماعي والإنساني كان لها كما يقال اليد البيضاء تطوعاً ومحبة لكينونة الإنسان السوري، وتوظيفاً لعلاقاتها الاجتماعية كحلقة وصل، وأوضحت ذلك بالقول: «من موقعي في العمل وفي الحياة، أصل إلى شريحة كبيرة ومتنوعة من الناس، واكتساب ثقتهم بالنسبة لي أكبر امتياز، ومن هذا المنطلق يعتمد عليّ كثيرون من الأصدقاء لإيصال المعونة إلى مستحقيها، وفي الظرف الذي يشهده وطننا اليوم يدرك كثُر حجم المسؤولية، لكن يفتقرون أحياناً لوسائل أداء الواجب، خاصة مع نفور بعضهم من التصوير والنشر على الإنترنت، وهنا تكمن أهمية المبادرة في البحث وتوجيه الاهتمام نحو من يستحق، خاصة من ذوي الشهداء والجرحى وأبنائهم، فلنتحدث معهم ولنزُرهم في منازلهم كأبناء وإخوة، ونقدم واجبنا ضمن المستطاع، وهذا عمل أتشرف به.

تبرز هنا أهمية التعاون والتشبيك بين الفعاليات والجمعيات والناشطين فيها، حيث يمكن بالبحث أن نصل إلى حالة جريح مثلاً يحتاج إلى جراحة، فنتواصل مع جمعية قادرة على المساعدة، وننقل الحالات التي تمنع عزة النفس أصحابها من دق أبواب المساعدة، هذه الشبكة التي يمكن أن نخلقها كأفراد تساهم كثيراً في تمتين النسيج الاجتماعي وإيصال المساعدة إلى من يحتاج إليها».

ومن أهم المبادرات الاجتماعية التي تستخلص منها روح الحياة الإنسانية، مساعدة طلبة المدارس: «أحرص في بداية السنة الدراسية على تقديم قرطاسية لمدرسة مجاورة يشارك بذلك الأهل والأصدقاء، كمبادرة أهلية وكنموذج للتعاون البناء بين أفراد المجتمع أيضاً، تعرفت إلى شاب يجمع الملابس المستعملة ويقدمها إلى مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل، فتعاونّا ووسّعنا نطاق الحصول على الملابس المستعملة من الأهل والأصدقاء، وقمنا بحملات توزيع ملابس وقرطاسية وأغذية أطفال في بعض مراكز الإيواء، امتد التعاون إلى توزيع حصص غذائية إلى ذوي شهداء في قرى بعيدة وبسيطة جداً، تستمر الحملات باستمرار التبرعات، وعند سعيي للحصول على موافقة للقيام بالتوزيع في مركز إيواء تعرفت إلى لجنة الطفولة والدعم النفسي التي شاركت معها من خلال مخصصات التوزيع بحوزتي في تقديم هدايا رمزية لأبناء شهداء من قرى مدينة "بانياس"».

التجول في الطبيعة أوقد بداخلها شغف العناية بها، وهنا قالت: «وصلتني دعوة على "الفيسبوك" للمشاركة في مسير لفريق "سلام يا طبيعة"، وشاركت بالنشاط بمفردي، فلم أبحث عن رفيق رحلة بقدر بحثي عن الرحلة بحد ذاتها، أبهرتني التجربة كمشاركة أولى، حيث إن السير الطويل في الطبيعة ودروبها، ولقاء مختلف أنواع الناس، كان تجربة غنية وممتعة لي، ومن حينها أشارك بحملات تشجير وتنظيف و"مَسَر" ليلية، إلى أن تم الإعلان عن الدورة التدريبية الأولى للفريق، فشاركت بها وتخرجت مع مجموعة زملاء نمثل اليوم كادر فريق "سلام يا طبيعة"».

ما رسمته الصيدلانية "لما" لخط سيرها ساعدها بكسب الكثير من الثقة بين معارفها ووسطها الاجتماعي، وهنا قالت: «أدعو مثلاً صديقاتي لرحلة إلى جزيرة "أرواد"، نزور القلعة حيناً ونكتفي بالمشوار البحري حيناً آخر، والجميل أن العديد من الشابات اللواتي يخفن، أو يتخوف ذووهن من مشاركتهن بالنشاطات عموماً، ويتحفظون في البداية، يعدون مشاركتي بمنزلة تشجيع لمشاركتهن، وهو ما يمنحهن القوة ويمنح ذويهن الاطمئنان، فاحترام الذات والإيجابية والتشجيع يخلق حالة ثقة ومودة تساعد في نشر الخير وتوسيع أفق الإنسان وتحفيزه».