زرع السيد "سمعان سارة" الفواكه الاستوائية ضمن البيوت المحمية، بعدما أنتج فيها الخضار كأول مزارع ضمن الساحل السوري، محققاً ما أراد من تميز زراعي واجتماعي ومردودية اقتصادية.

فزراعة النباتات الاستوائية وانتظارها عامين لتظهر نتائج نجاحها ومردوديتها الاقتصادية، أمر مكلف جداً، ولكن الشغف بالنسبة للسيد "سمعان سارة" ذلل همومها وقهر زمنها، وهو ما أكده لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 9 كانون الأول 2014، مضيفاً: «التميز الذي أسعى إليه دائماً دفعني لزراعة الفواكه الاستوائية، وأنا على يقين بنجاح أو فشل التجربة بذات النسبة، فهي مغامرة لم يسبقني إليها أحد في منطقتنا "مرقية" و"متن الساحل"، على مستوى المساحة والتخصص في النوعية، وهذا كان حافزاً بالنسبة لي، كما أن عامل الملاءمة البيئية والمناخية لم يكن واضح المعالم، وهنا تكمن المغامرة إضافة إلى التكاليف الباهظة والمستمرة لعامين متتاليين لحين إدراك نجاح أو فشل الزراعة.

سوقنا المحلي ضعيف، لأن مستهلكنا من ذوي الدخل المحدود ولا يعلم عن هذه الفواكه الاستوائية الشيء الكثير، لذلك كان التصدير الخارجي إلى جانب التسويق الداخلي مهماً جداً للمُنتج، وهنا استخدمت لمرة واحدة علاقاتي التجارية مع مربي الدواجن الذين أتعامل معهم، للتعريف بالمنتج محلياً، وتصدير الفائض إلى الدول المجاورة، وكان الأمر ناجحاً وذا مردودية اقتصادية عالية

وأنا مدرك أن حظي الجيد سيساعدني كثيراً في الحصول على غراس "المنجا" من خارج البلاد، لأنها ليست متوافرة فيها، كما أن قدرتي المادية في تجارة الدواجن تؤهلني للترف المادي على هذه الزراعة، والانتظار لعامين لحين بلوغ النتائج، ناهيك عن إدراكي للتغيرات المناخية وارتفاع الحرارة عموماً، وهو ما يؤهل البيئة الزراعية في "الساحل السوري" لتكون بيئة منتجة للفواكه الاستوائية.

السيد سمعان داخل بيوت محمية مزروعة بالمنجا

وهنا يمكن القول إن تجربتي في زراعة الفواكه الاستوائية كانت شبه مدروسة وبدقة، كما أني ولتكون الدراسة متكاملة، استقطبت مهندساً زراعياً ليشرف على المزرعة منذ البداية».

الخطوة الأولى في الزراعة المحبة والإتقان والتخصص رغم تشعب الأعمال الأخرى، وهنا قال السيد "سمعان": «اشتريت قطعة الأرض التي أزرعها حالياً بالمنجا بحوالي 300 ألف ليرة سورية، وزرعتها في البداية بنباتات البندورة القصبية، لأدرك قابليتها للاستثمار الزراعي، وكانت خيرة جداً، حيث إن ثمرة البندورة الواحدة أصبح وزنها كيلو وربع الكيلوغرام، وبدأت أصدرها للخارج عبر صديقي التاجر "عزيز وردة"، وهنا تذكرت وبحب كبير أصولي الفلاحية المنتمية لوالدي وجدي الذي كان ماهراً بالزراعة ومحباً لها، وبعدها تحولت من زراعية طبيعية إلى زراعة محمية، وكانت ناجحة جداً، بمختلف المقاييس.

إنتاجه من المنجا يوضبه المزارع بطريقة جميلة

حقاً بهذه التجربة الزراعية كنت صاحب أول بيت بلاستيكي محمي مرخص يقام في "الساحل السوري"، وذلك عام 1976، وطورت المزرعة المحمية وأضفت إليها المزيد من البيوت المحمية، بالاعتماد على الفائض المادي من عملي في تربية الدواجن، وهذا نتيجة محبتي لعملي وإتقانه ضمن أصوله وشروطه الزراعية للوصول إلى القيمة الاستثمارية منه».

ترافقت المحبة للعمل الزراعي مع التفوق فيه، حيث كان السيد "سمعان" من المزارعين الأوائل من حيث النوعية والكمية، لذلك كان يحصل على بذور الزراعة مجاناً من الشركات الإنتاجية، ولكن هذا لم يرضِ شغفه فتوجه نحو الزراعات الاستوائية، وهي الحلم: «في عام 2006 قررت زراعة فواكه استوائية ضمن ذات الحقل الزراعي، نتيجة رغبة بإنتاج شيء غير موجود ومميز، كنوع من المغامرة الزراعية، فزرعت الكيوي والمنجا، وكنت حينها ودون مبالغة الأول في هذه الزراعة، من حيث الإنتاج والكمية والجودة، فأقدمت على زراعة عدة دونمات بالكيوي، وزراعة ست وثمانين غرسة "منجا" ضمن البيوت المحمية، وبعد حوالي عامين بدأت الإنتاج الفعلي منها، أي إنها كانت زراعة ناجحة على مختلف الصعد.

وكان السبب الأساسي لاختيار زراعة المنجا كتجربة جديدة بمساحتها ونوعيتها ضمن الساحل، إعجابي بمزرعة صديق ابني في "أميركا"، التي تجولت فيها، واستمعت لحديث صاحبها عن فوائدها ومردوديتها الاقتصادية».

النجاح في الزراعة أعقبه نجاح في التسويق، خاصة أن أسواقنا غير معتادة على هذه الثمار الاستوائية: «سوقنا المحلي ضعيف، لأن مستهلكنا من ذوي الدخل المحدود ولا يعلم عن هذه الفواكه الاستوائية الشيء الكثير، لذلك كان التصدير الخارجي إلى جانب التسويق الداخلي مهماً جداً للمُنتج، وهنا استخدمت لمرة واحدة علاقاتي التجارية مع مربي الدواجن الذين أتعامل معهم، للتعريف بالمنتج محلياً، وتصدير الفائض إلى الدول المجاورة، وكان الأمر ناجحاً وذا مردودية اقتصادية عالية».

وفي لقاء مع المهندس "رفعت عطا الله" المشرف على الزراعات الاستوائية عند السيد "سمعان سارة"، قال: «تميزت تجربة السيد "سمعان" بانخفاض فرص الفشل، نتيجة وعيه لما يريد، ومعرفة القواعد الأساسية للزراعة، ومنحها كل ما تحتاجه من كرم مادي لحين الإنتاج والمردودية الاقتصادية، كما أن خبرته بالتسويق ساعدته ليكون متميزاً في عمله الزراعي، ومن خلال عملي في "مديرية زراعة طرطوس" أؤكد أنه كان من أوائل المزارعين المرخصين للبيوت المحمية في "الساحل السوري" في عام 1976».

يذكر أن، السيد "سمعان سارة" من مواليد عام 1929 "متن الساحل".