مهنته بالمحاماة لم تشفع له عند رغباته في حب الطبيعة البرية والعناية بها، والتنمية المحلية المجتمعية فكرياً وثقافياً، فكانت له بصمته الخاصة في مجتمع "مشتى الحلو".

هذه البصمة أقر بها وصدقها المجتمع في "مشتى الحلو"، وهنا تحدث لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 19 تشرين الثاني 2014، النحات "علاء محمد"، فقال: «يعتبر المحامي "وائل صباغ" أن ما يقوم به حياته وإيمانه وعقيدته ومصدر سعادته، لأنه يمثل رضا وقناعة بالنسبة له، بل هو قدره ورسالته التي خلق لأجلها ومن أجلها».

يعتبر المحامي "وائل صباغ" أن ما يقوم به حياته وإيمانه وعقيدته ومصدر سعادته، لأنه يمثل رضا وقناعة بالنسبة له، بل هو قدره ورسالته التي خلق لأجلها ومن أجلها

في مجال الطبيعة والحياة البرية كان "رحم الغابة" الموقع السياحي والاصطيافي أهم ما قدمه المحامي "وائل صباغ"، وهنا قال: «أنا أعشق الحياة البرية وتفاصيلها الطبيعية التي تعيدني إلى البساطة في كل شيء، لذلك قمت بمحاولة إيجاد مكان في "غابة الصنوبر" في "مشتى الحلو"؛ له مفردات البرية والجمال والبساطة، وفعلاً تمكنت مع بعض الأصدقاء اللذين يملكون ذات الميول نحو الطبيعة، من توضيب موقع طبيعي وتشذيب محيطه وصخوره وتقليم أشجاره وتنظيفه من كل التشوهات البصرية غير المألوفة في الطبيعة، أسميناه "رحم الغابة"، فأصبح معلماً سياحياً له مكانته الخاصة عند الجميع، كما أن له رواده الدائمين بعدما كان مهجوراً من قبل الأغلبية».

المحامي وائل خلال أحد نشاطات الملتقى الثقافي

وعلى الصعيد الفكري والثقافي كان للمحامي "الصباغ" بصمة خاصة تحدث عنها بالقول: «كانت لي مبادرة مهمة في هذا المجال الفكري لأني أجد في الثقافة حاجة لكل زمان ومكان، ففيها تنمو المجتمعات وتزدهر وترتقي، حيث قمت بتأسيس "الملتقى الثقافي العائلي في مشتى الحلو" بتاريخ 21 آذار 2013، ومنه انطلقت كافة النشاطات والكيانات الفنية والفكرية والاجتماعية في المدينة، ومنها "فرقة مشتى الحلو المسرحية" بإشراف الأستاذ "بسام مطر"، و"النادي السينمائي" بإشراف الأصدقاء: "عامر طنوس"، و"ساندرا حدو"، و"سامي حنا"».

ويتابع فيما يخص بصمته الخاصة في الملتقيات الثقافية التي جمعت أبناء المجتمع المحلي في الداخل ودول المغترب، فيقول: «الملتقى اليوم بعد مرور أكثر من عام ونصف العام على انطلاقته أصبح الحاضن والراعي لجميع النشاطات الفكرية والثقافية الاجتماعية والفنية في "مشتى الحلو"، كالرسم والنحت والموسيقا والسينما والمسرح وغيرها، إضافة إلى إقامة أمسية أسبوعية في الشعر والقصة القصيرة والمعارض وأمسيات التكريم لقامات إنسانية ووطنية وفكرية في "مشتى الحلو"، ولكن الحدث الأبرز الذي كان له التأثير الأكبر في النهضة الثقافية والفكرية والاجتماعية بـ"المشتى"؛ سقوط جذع من شجرة الدلبة في منتصف ساحته الساعة الثالثة بعد ظهر يوم الخميس 13 حزيران 2014، هذه الشجرة الكبيرة التي تعد قلب "مشتى الحلو".

السيد وائل يوزع الحلوى في نشاط بيئي

وهنا كان لا بد من فعل شيء يعلن الحياة والأمل من رحم الموت وهذا السقوط، فعملت وبذات اليوم على تأسيس صفحة على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" باسم "أصدقاء دلبة مشتى الحلو الحبيبة"، وما هي إلا مدة زمنية قصيرة حتى كان صداها كبيراً، والاستجابة لها عظيمة من قبل السوريين، من داخل البلاد وخارجها في مختلف دول الاغتراب، وهنا لا بد من الإشارة إلى هؤلاء المغتربين اللذين كانوا داعمين حقيقيين لنا، لأن ارتباطهم الفكري والروحي بهذه الأرض المقدسة التي أنجبتهم، وهذه الدلبة التي حفروا عليها ذكرياتهم، كانت شاهد طفولتهم وحياة أجدادهم، كان كبيراً جداً.

ومن هذا الحدث وعبر التواصل مع أهالي "مشتى الحلو" في الخارج، وأخص بالذكر الصديق "فراس الياس شماس" الذي كان من المبادرين والداعمين لـ"ملتقى دلبة مشتى الحلو الأول"، فحولنا الجذع المكسور إلى منحوتة جميلة يدها اليمنى في السماء ترمز للانتصار، واليد الأخرى اليسرى باتجاه الأرض ترمز إلى التمسك بالأرض، وأطلق النحات "علاء محمد" مصمم وشاغل العمل النحتي عليه اسم "الولادة"، ووضع بجانب شجرة الدلبة الأم ذاتها التي بدأت التعافي بفضل العناية الطبية التخصصية لها، وكان تفاعل الناس معنا أكثر من رائع، وقد أعاد هذا الحدث الحياة إلى قريتنا باجتماع عفوي يومي لأبناء القرية تحت الدلبة خلال أيام الملتقى».

مع النحات علاء محمد

وعند سؤالنا: كيف ترى مساهمة بعض الأصدقاء لإغناء مسيرتك مع الفكر والثقافة والعمل التطوعي؟ أجاب: «هي مهمة لي ولهم، ولها الأثر الإيجابي في حياتي التطوعية وما تفرع عنها، وهنا لا بد من ذكر الفنان التشكيلي النحات "علاء علي محمد" الذي كان معنا في كل خطوة، وكان الشريك الجميل لنا، والداعم الحقيقي لكل النشاطات رغم المسافة البعيدة التي تزيد على خمسة وخمسين كيلومتراً وتفصله عنا، حيث يقوم بزيارة أسبوعية لنا ليتابع نشاطاتنا وما وصلنا إليه، كما كان له الفضل بافتتاح دورات الرسم والنحت ضمن نشاطات الملتقى الثقافي لمختلف الأعمار وبمختلف التقنيات الفنية، التي باتت اليوم من أهم النشاطات في الملتقى، كما لا يمكن أن أنسى الأطفال الصغار المواكبين لعملنا خطوة بخطوة فهم الهدف الذي نعمل لأجله ونعتمد عليه لمتابعة المسيرة الفكرية والثقافية، وحينها يمكن القول إنني نجحت في رسالتي مما أقوم به الآن».

لقد تمكن السيد "وائل" رغم صغر سنه من تحقيق ما عجز عنه الكبار، وهنا قال: «صغر سني هو عامل إيجابي في نجاحي وتقبل الناس لي واحتضانهم لمشاريعي وأفكاري، ربما لأني بطريقة أو بأخرى أعني لهم المستقبل أو الأمل لا أدري، وهذا شيء يعطيني إصراراً على العمل والعمل المضاعف، لكي أكون عند تطلعات الناس ليكون الغد أجمل، وبكل تأكيد عمري الصغير جعلني في المنتصف وقريباً من الشباب والأطفال ومن الكبار أيضاً، وأنا بطبيعتي لا أضع حواجز بتعاملي مع الآخرين، وهذا ما دفعني لأكون يومياً مع الشباب الصغار الذين هم عماد أي عمل أقوم به، فهم طاقات جبارة لا تتعب علينا فقط أن نشاركها معنا».

وفي لقاء مع النحات "علاء محمد" أكد أنه قرأ في المحامي "وائل صباغ" رجل فكر، وأدرك ذلك من خلال مكتبته الفكرية الثقافية الضخمة التي اطلع على جميع محتوياتها ولو جزئياً، ويتابع: «ما لم يتمكن المحامي "وائل" من إكمال قراءته وضع عليه إشارة ليعود إليه لاحقاً، وهذا أدى إلى معرفته وإدراكه لرجال الفكر في بلاده والعالم، إضافة إلى أنه يهوى العمل الجماعي ويحب العلاقات الإنسانية الصريحة والواضحة المبنية على المودة والمحبة، وهذا منحه شعبية ومحبة كبيرة من أبناء مجتمعه، ناهيك عن علاقته بالطبيعة والحياة البرية المميزة، ومجمل ما ذكرت ساهم بلم شتات مجتمع في بلدة "مشتى الحلو"، وساهم بانطلاقة ملتقاها الثقافي المستمر حتى الآن.

لقد كرم السيد "وائل" كل من أعطى ويعطي لبلاده دون مواربة أو انتقاء، وهو مؤمن بفكرة الفن الذي سيخلص العالم، حتى إن هذا أصبح شعاره بالملتقى، وهذا أجمل ما فيه».

يشار إلى أن السيد "وائل صباغ" من مواليد عام 1983، ويعمل محامياً منذ عام 2010 في بلدته "مشتى الحلو".