في المناسبات الاجتماعية تجده أول الحاضرين، وفي المصالحة له باع وأصول، "محمد أحمد يوسف"، الملقب "أبو يونس" كما يفضل أن يناديه أهله وأصدقاؤه، يعرفه الجميع محباً ومتفانياً في خدمتهم.

مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 20 تشرين الأول 2014؛ زارت "يوسف" في قريته "الجروية" التابعة لمنطقة "صافيتا"، فحدثنا قائلاً: «منذ نعومة أظافري كنت أدرك أن أساس المجتمع هو الإنسان، وأساس الإنسان هو الأخلاق؛ لذلك انطلقت من هذه القاعدة واتخذتها أساساً للتعامل مع المجتمع الذي أعيش فيه، كما أنني أؤمن بأن كل إنسان يجب أن يكون لديه رسالة وواجب تجاه مجتمعه، يستطيع من خلاله أن يلعب دوراً في إعمار الكون، والإنسانية هي المحور في ذلك؛ لهذا السبب انطلقت من الإنسان باعتباره أساس المجتمع، وعملت على المصالحة الاجتماعية، وهو العمل الذي أعتز به ضمن المجتمع الذي أنتمي إليه، فأجد نفسي أسعى لزرع بذور الخير في نفوس الناس، وليس لي هدف إلا زرع المحبة في قلوبهم، وقد ساعدني على ذلك تربيتي ضمن بيت كان مقصداً للناس؛ وخاصة من هو بحاجة إلى المساعدة، فوالدي لم يهتم يوماً بجمع المال؛ بل رأى أن الغنى هو في القدرة على مساعدة الناس، فرأيت أن أكرس في نفوس الآخرين هذه القيم لأنها تبقى على مر الأزمان، أما الناحية المادية فأنا أهتم بها فقط لتوزيعها على مستحقيها من تعليم الأيتام ومساعدة الأمهات اللواتي فقدن أزواجهن ولديهن أطفال ليكملن حياتهن بالطريقة التي تحفظ لهن كرامتهن.

هو رجل لكل المناسبات، يشارك الناس أفراحهم وأتراحهم، أعماله الخيرة دخلت إلى كل بيت، نذر حياته لخدمة من حوله لدرجة أنه لا يملك وقتاً لراحته الشخصية، تعرفه المنطقة على أنه الرجل الذي أزال عن كاهل القضاء مهمات ليست بقليلة لكونه يحل معظم المشكلات قبل وصولها إلى المحاكم، فهو لم يضع يده في مشكلة إلا وأوجد لها الحل، ودافعه فعل الخير والسعي لإصلاح المجتمع

وأنا أؤمن بأن الإنسان خلق لكل شيء، فيستطيع أن يكون في آن معاً أباً مثالياً في عائلته ورجلاً مصلحاً في مجتمعه».

يلقن حفيده

وعن اهتماماته الأخرى تابع قائلاً: «بما أنني ابن قرية ريفية؛ فأنا أملك أرضاً زراعية أحب أن أقضي فيها وقتي صباحاً، فالتعامل مع الطبيعة يشعرني براحة نفسية، كما أنها تساعدني مادياً بمد يد العون لمستحقيه وتأدية واجباتي الاجتماعية، لكنني أجد نفسي في مجال خدمة الناس؛ وهنا أذكر حادثة حصلت منذ مدة، حيث كنت أتناول طعامي وإذ بهاتف البيت يأتيني بصوت سيدة تبكي وتناشدني المجيء إليها لكونها تعرضت للضرب من قبل زوجها، وقالت لي إنها تريد أن أراها بالحالة التي آلت إليها، لكنني قلت لها إنني أود رؤيتك وأنت بأفضل مظهر، وفعلاً ذهبت مباشرة إليها وكان أولادها إلى جانبها وزوجها في المنزل جلست معهم حوالي نصف ساعة ولم أخرج قبل أن يتسامحوا، وتتصافى القلوب، وفي اليوم التالي عدت لأجدهم في أحسن الأحوال؛ فالمشكلة كانت صغيرة بالأساس، لكن سوء التعاطي معها أوصلها إلى ذاك الحد، وكانت فرحتي كبيرة لأنني استطعت الحفاظ على كيان هذه العائلة، لأن إعمار بيت إنسان أفضل من كنوز الدنيا؛ هكذا أرى».

ولمعرفة المزيد عنه كإنسان ومصلح اجتماعي التقينا الأستاذ "محمد منصور"؛ وهو شخص مقرب جداً منه وشاهد على أياديه البيضاء في مساعدة الناس، حيث قال: «أعرف "أبا يونس" منذ زمن بعيد، وأنا على اطلاع على ما يقوم به من أجل نشر المحبة والخير في نفوس الناس، إنه يحمل صفات التسامح والصدق والإخلاص، إنه الإنسان الذي خلق في مجتمعه ليعم من خلاله الخير والحب والأمانة، فهو مصلح اجتماعي يؤدي رسالة إنسانية ويغرس في نفوس الناشئة المعرفة والمحبة لتثمر حياةً وأمناً بفضل مساعيه في عمل الخير، وهذا لا ينبع من فراغ حقيقةً؛ فهو الإنسان الشاعر والأديب، وفاعل الخير المعزز بالتواضع والعطاء غير المحدود».

محمد منصور

ولتسليط الضوء أكثر على أعماله الخيرة والسعي للمصالحة ونشر المحبة بين الناس؛ التقينا "إبراهيم علي" من أبناء القرية، وأحد أكثر المقربين من "يوسف"، إذ حدثنا عنه كوجهٍ بارز في القرية: «هو رجل لكل المناسبات، يشارك الناس أفراحهم وأتراحهم، أعماله الخيرة دخلت إلى كل بيت، نذر حياته لخدمة من حوله لدرجة أنه لا يملك وقتاً لراحته الشخصية، تعرفه المنطقة على أنه الرجل الذي أزال عن كاهل القضاء مهمات ليست بقليلة لكونه يحل معظم المشكلات قبل وصولها إلى المحاكم، فهو لم يضع يده في مشكلة إلا وأوجد لها الحل، ودافعه فعل الخير والسعي لإصلاح المجتمع».

من الجدير ذكره أن "محمد يوسف" من مواليد عام 1945، متزوج وله ستة أولاد؛ حاصل على الشهادة الثانوية عمل موظفاً في مرفأ "طرطوس"؛ له اهتمامات في مجال الشعر، وله ديوان مطبوع بعنوان "ليلى" صادر عن دار "أرواد" للنشر، يقرض الشعر وخصوصاً الوجداني، كما تستهويه الموسيقا ويعد من "السميعة" فيعيش معها حالة من السمو على حد تعبيره، وهو قارئ نهم يقتنص الكتاب فيما يتبقى من وقته.