تَعتبر السيدة "سناء" مكونات الطبيعة المحيطة بها مصدر دخلها، فتجني نباتاتها، لتقطر وتجفف وتصنع الكريمات الطبية، غير مبالية بعناء الرحلة، فهي نزهه تستعيد بها نشاطها الانتاجي.

الطبيعة الريفية الجبلية برأي السيدة "سناء جعفر" زاخرة بالمكونات الطبيعية التي استخدمها أجدانا ببساطتها في حياتهم اليومية، وبرأيها أيضاً تحتاج إلى ثقافة خاصة لإعادة إحياء طرق التعامل بها، وهنا تقول لمدونة وطن eSyria بتاريخ 22 آب 2014: «في قريتي الصغيرة "عين التينة" التابعة لمحافظة "اللاذقية" طبيعة بكر لم تمسسها يد إنسان بسوء، وفيها الكثير من النباتات البرية الطبيعية الطبية التي آلف استخدامها أجدادنا الأوائل ببساطة في حياتهم اليومية، وفي لحظة من اللحظات فكرة أن استثمر خيرات هذه الطبيعة لتوفير مصدر دخل أساند أسرتي بها وأعتاش منها كما تعود أجدادنا، وهنا وجب عليّ التحلي بثقافة خاصة والاعتماد على الذات للحصول عليها.

في كثير من الرحلات البرية أحاول حماية النباتات المهددة بالانقراض، فلا أجنيها بشكل كامل بل أبقي على أصولها لتستمر دورة حياتها، وحين العودة أخبر أصدقائي وأقاربي بالأمر ليحافظوا عليها بعدم العبث بها أو قطفها

ففي بداية التجربة أو المشروع وجدت في مشروع المرأة الريفية رديف مهم لهذه الثقافة، إضافة إلى الدورات المكثفة بهذا المجال برعاية كريمة من السيدة الأولى "أسماء الأسد" التي أمنت لنا خبراء ومختصين يقدمون لنا الخبرة والمعرفة، ومنهم خبير ايطالي سر كثيرة لشغفي بالتجربة وفكرة المشروع، حيث زودني بالكثير من المهارات والمعارف بطريق تحضير المقطرات والنباتات المجففة وصناعة الكريمات الطبية الاستشفائية والعلاجية، وبخبرة ونجاح تمكنت من استحواذ أكبر قدر ممكن من هذه الخبرات والمعارف لأنطلق ذاتياً بمشروعي البسيط».

مقطرات نباتية

وتتابع السيدة "سناء": «تجفيف النباتات الطبية واستخلاص أوراقها التي تكمن فيها الفائدة أمر بالنسبة لي دون غيري بسيط وسهل، فهو يحتاج في البداية إلى زيارات يومية إلى الطبيعة البرية، ومعرفة النباتات المفيدة من غير المفيدة، والتأكد من بدء مواسم نمو هذه النباتات، ومواعيد جنيها، وهذا ما ألفته وخبرته بتجربتي وتثقيفي الذاتي ومطالعتي للعديد من الكتب التخصصية بهذا المجال، إضافة إلى أني اعتبر هذه الرحلة بمثابة نزهة بين أحضان الطبيعة استشفي بها فكرياً وجسدياً من ضغوط الحياة».

مراحل العمل بسيطة وسهلة نتيجة التكرار اليومي للعمل، وهنا قالت السيدة "سناء": «بعد احضار وجني النباتات المفيدة أبدأ بفرز الأوراق الجيدة عن الأغصان لأضعها في الظل عدة أيام حتى تمام الجفاف، ومن ثم في أكياس بلاستيكية مخصصة محكمة الإغلاق لمنع تعرضها للهواء والرطوبة، أما بالنسبة للمقطرات فأضع كامل النبات المفيد في جهاز التقطير وأوقد النار تحتها لأحصل على مستخلص يعتبر ذبدة النبات، كما ماء الورد وماء الزهر.

نباتات مجففة

في حين أن صناعة الكريمات الطبية تحتاج إلى خبرة ودراية أكبر في طريقة اختيار المكونات الأساسية المفيدة ومعرفة مدة فائدتها وفاعليتها، ومن ثم خبرة في طريقة مزجها وتحضيرها ومقاديرها "نسبها"، لكي أحصل على الفائدة المرجوة منها، وهذا كله تمكنت منه خلال تجربتي بالثقافة والشغف لهذا العمل المنتج والمفيد».

الفائدة التي تحققها السيدة "سناء" من الطبيعة جعلها تدرك فضل هذه الطبيعة بشكل عام على الإنسان، وهو الأمر الذي دفعها لتكون سيدة ناجحة في مجتمعها من خلال حثها أبناء بيئتها الاجتماعية على حماية الطبيعة ومكوناتها، وأضافت بالقول: «في كثير من الرحلات البرية أحاول حماية النباتات المهددة بالانقراض، فلا أجنيها بشكل كامل بل أبقي على أصولها لتستمر دورة حياتها، وحين العودة أخبر أصدقائي وأقاربي بالأمر ليحافظوا عليها بعدم العبث بها أو قطفها».

كريمات طبية نباتية

لقد حقق هذ العمل السعادة للسيدة "سناء" لأنها أصبحت سيدة منتجة في مجتمعها، وهذا ما أكدته بحديثها: «لقد حقق هذا العمل اكتفاء ذاتي بالنسبة لي وأسرتي الصغيرة، فأبيع منتجاتي وأتقاضه ثمنها لأساند به زوجي الموظف، فالكثير من المعارف والزبائن يطلبون منتجاتي لفائدتها ورخص أسعارها مقارنة بالعقاقير الطبية الصناعية التي تعتمد في أساسها على مكونات الطبيعة، إضافة إلى أني أسوق لها في المعارض وبعض المحال التجارية لفتح أسواق جديدة ومتجددة».

وعن بعض منتجاتها تقول: «أجمع وأقطر وأجفف نبات الزوفا وزهر الزعرور والميريمية والقريص واكليل الجبل وماء الخزامة وغيرها الكثير، كما أصنع كريمات للبشرة الحساسة وواقيات شمسية لمختلف بشراة الوجه، وهي مجربة ومصنوعة بأفضل الطرق ووفق نسب علمية مدروسة».

وفي لقاء مع السيدة "مها يوسف" قالت: «حاولت جاهدة الحصول على أكبر تنوع من النباتات الطبية العشبية المجففة، لأني خبرت فائدتها بشكل عام، والسيدة "سناء" سيدة مشكورة على جهدها في تقديم خيرات الطبيعة لنا، وأنا أشد على يدها لجرأتها في تحدي واقعها لتصبح سيدة منتجة ومفيدة في مجتمعها».