في قرية بسيطة صغيرة اسمها "وادي البركة" التي تبعد عن مدينة "بانياس" حوالي "20" كيلومتراً ولد ونشأ الباحث في التراث الريفي الساحلي السيد "حسن اسماعيل" الذي أحب هذا الريف البسيط بطبيعته الجميلة وطيب أهلها وبساطتهم.

وخلال الزيارة التي قمنا بها بتاريخ "20/6/2009" للسيد"حسن" حدثنا عن علاقته بالطبيعة ومسيرة حياته حيث قال: «عشقت هذه الطبيعة وكان عشقي لها متميزاً عن أترابي وقد وعيت ومن حولي يقولون أن صوتي جميل وكنت أغني في سن "الخامسة" من عمري حتى أنني أذكر يوم انتدبني الكبار عام"1955" لرفع الأذان للصلاة وكنت في "السادسة" من عمري وأثنى الجميع على أدائي خاصة وأنني كنت في ذلك السن، قرأت القرآن كله وكنت أجيد القراءة والكتابة والتهجئة والحساب الذي كانوا يسمونه "علماً هندياً"».

التراث هو هوية الشعوب ويربطنا بالطبيعة ويجعلنا نحس بانتمائنا لهذه الأرض ويغنينا عن الكثير من ألوان الحضارة المزيفة بما يكفل لنا حياة و صحة أفضل

ويضيف: «دخلت المدرسة مباشرة في الصف "الثالث الابتدائي" في قرية مجاورة اسمها "وادي القلع" وبدأت رحلة التعلم من مدرسة إلى أخرى ومن قرية إلى أخرى وختامها في ثانوية "بانياس" حيث المدينة التي قضيت فيها حياتي بعيداً عن قريتي بسبب عملي في مدينة "طرطوس"».

ويتابع السيد "حسن": «حياتي منذ الطفولة خارج قريتي زرعت بداخلي الحنين الدائم للقرية وطبيعتها وكنت أشعر بالظلم لأني حرمت من متعة الطفولة التي نعم بها أترابي في القرية لذا فقد كانت أية إجازة لي في القرية فرصة للخروج إلى الطبيعة وهذا ترك في ذاكرتي صوراً جميلة للكثير من الأماكن ولعدد كبير جداً من نباتات الطبيعة ولا أنسى كلمات جدتي وهي تخاطبنا كأطفال مهمتنا الرعي في الصيف "ياعين ستك خود خبزاتك معك والبرية زوادتها منها وفيها" وهي تقصد بذلك وجود نباتات برية كثيرة صالحة للأكل ومازلت أحفظ أكثر من "50" اسماً لنباتات برية كنا نأكل منها بخبزاتنا التي حملناها من البيت».

وعن المجالات التي اختار البحث فيها يقول: «اخترت لنفسي جانبين للبحث فيهما لم أقرأ قبل أن أحداً كتب عنهما إلا ما قل وندر وهما "التراث" بكل أنواعه و"الطبيعة" خاصة الطبيعة البكر وقد سجلت في التراث بعض ما عرفته في عمري نقلاً عن مصادر قليلة ومن كبار السن ممن كان لهم بعض الاهتمام بهذا الجانب وكتاب "رحلة الأغنية في الساحل السوري وتراث العرس الريفي" أحد الكتب التي حاولت الدخول فيه إلى معاني الأغنية الشعبية إضافة إلى رصد كل حركات العرس ومعناها وأسباب اتباعها وكتاب آخر بعنوان "كنوز في الريف" تناولت فيه الحياة اليومية للناس في الريف من خلال الزراعة وبناء البيوت ومواسم القطاف وغيرها وفي نيتي أن أجمع كل التراث في كتاب جديد».

ويضيف السيد"حسن":«أردت تثبيت بعض هذه التراثيات أكثر فقمت بتصوير مقاطع فيديو لمعظم ما هو موجود على الأرض مع التعليق على هذه الأشرطة المصورة والمحفوظة عندي وبلغت أكثر من "40" شريط فيديو سلمت بعضاً منها لوزارة الثقافة»

وعن الأعمال التي قام بها يقول: «ساهمت في تشكيل أكثر من "10" فرق مسرحية في مدارس مدينة "طرطوس" و"صافيتا" و"بانياس" خلال عملي مع فرع الشبيبة وقدمت كلها أعمالاً مسرحية وشارك بعضها في مهرجانات الشبيبة السنوية كما ساهمت في تأسيس فرقة المسرح الزراعي الجوال عام "1989" التي جالت كل أنحاء سورية لمدة "15" عاماً كتبت لها أكثر من "250" نصاً مسرحياً وقدمت أكثر من "2500" عرض مسرحي زراعي بيئي صحي واجتماعي كما ساهمت في تأسيس وترخيص فرقة فنون شعبية اسمها "البيادر لإحياء التراث" في المحافظة وهي الآن قائمة وجاهزة لتقديم عروض تراثية إضافة إلى ذلك كانت لي إصدارات أدبية حيث أصدرت ديواني شعر الأول بعنوان "إلى حواء" والثاني باللغة المحكية بعنوان"شوية حكي عالحب"».

ويضيف السيد"حسن":«أشارك في عدد من البرامج التلفزيونية كباحث في التراث والطبيعة منها "أغاني عالبال" و "لحن الزهور" و "بحر وجبل وشوية حكي" و "حكايا زمان" وعندي الآن برنامج لمحطة "الدنيا" بعنوان"حكاية نبتة" وبرنامج لمحطة "مسايا" بعنوان "مقارنة بين العرس القديم والعرس الحديث" وبرنامج للفضائية "السورية" بعنوان"سبحان الله" وبرنامج للمحطة "التعليمية" » .

وعن سبب توجهه للتراث يقول:«التراث هو هوية الشعوب ويربطنا بالطبيعة ويجعلنا نحس بانتمائنا لهذه الأرض ويغنينا عن الكثير من ألوان الحضارة المزيفة بما يكفل لنا حياة و صحة أفضل ».