كان لاغترابه خارج "سورية"، ورؤيته لآثارها في مختلف أنحاء العالم دورٌ في قراره إعادة نبش التاريخ من وجهة نظر حيادية.

مدوّنةُ وطن "eSyria" تواصلت مع الدكتور "هيثم طيون" بتاريخ 27 نيسان 2020، ليحدثنا عن بداية رحلة اغترابه، حيث قال: «منذ طفولتي تنقلت بين العديد من المحافظات بحكم عمل والدي في الجيش العربي السوري، ولكن بقيت رائحة "دمشق"، و"حلب" تختزنان في ذاكرتي، فكل ما يتعلق بالمناطق الأثرية كان يتوغل في عقلي، وانتهى بي المطاف في مدينة "حمص" للحصول على الشهادة الثانوية التي نلتها بتميز على مستوى القطر في عام 1982، فدخلت كلية الطب البشري في "دمشق"، وتخرجت عام 1988، ثم عملت سنتين في قسم الإسعاف والعناية المشددة في المشفى العمالي بـ"حمص"، وانتقلت بعدها لـ"الولايات المتحدة الأمريكية" وتخصصت في جامعة "سينسيناتي" في ولاية "أوهايو" في التشريح المرضي والطب المخبري، ثم أنجزت زمالتين في تشخيص أمراض الجلد والجهاز البولي التناسلي، وتنقلت بين "فلوريدا"، "واشنطن"، و"نيويورك" حتى استقريت أخيراً في ولاية "تكساس" التي أمارس فيها عملي اليومي».

سيتم نشر كتاب بحثي لي في "الولايات المتحدة الأمريكية" بعنوان "تاريخ حضارات الشرق الأوسط المغيب" بالتعاون مع زملائي، والذي يضم حلقاتي البحثية حول عدد من الأحداث التاريخية عن "سورية" الكبرى التي قمت بنشرها في عدد من المدونات والمواقع، ولكن تم تأجيل موعد نشره بحسب رأي دار النشر لحين انتهاء العالم من التعامل مع جائحة "كورونا" لضرورات تسويقية بحتة

حول بداية شغفه بالبحوث التاريخية فقال: «بدأ اهتمامي بالتاريخ منذ أيام الدراسة مع كتابي "لغز عشتار"، و"مغامرة العقل الأولى" للباحث "فراس السواح"، وهما اللذان شكلا نقلة نوعية في مفهومي للقصص التاريخية، كما اطلعت على العديد من الكتب مثل كتاب "قس ونبي" للكاتب "جوزف قزي" وغيرها من الكتب الجدلية التي تناقش الحضارات العربية والأديان وغيرها من المواضيع الإشكالية، كما عشقت السفر والتعرف على الحضارات، حتى أني زرت 90 دولة إلى الآن، وشكلت المتاحف حافزاً معرفياً وثقافياً لتشكيل صورة واضحة للحضارة البشرية، وكنت كلما زرت بلداً أوروبياً أفاجأ بالآثار السورية في كل مكان، ولكن ما أثار استغرابي كيف يمكن لبلدي "سورية" أن تحتوي كل هذه الآثار في حين أن "إيطاليا" التي كانت مركز الحكم الروماني تكاد تكون شبه خاوية بالمقارنة مع غزارتها في وطني الأم، ومن هنا برز السؤال! هل يعقل أن "إيطاليا" كانت جزءاً من "سورية"؟ وأن حروب الرومان مع البرثيين كانت عبارة عن حروب استقلال عن "سورية" وليس العكس كما أظهر العلماء الأوروبيون؟، وخصوصاً أنّ الكثير من الأباطرة ممن حكموا الإمبراطورية الرومانية كانوا سوريين، وحتى المحامين والقضاة والمشرعين ورجال الجيش وغيرهم، كان الكثير منهم سوريين، ولا نغفل عن ذكر أهمهم المهندس "أبولودور" الدمشقي الذي بنى الجسور الرومانية، وعدة صروح منها بناء "البنثيون" الروماني الشهير، وعمود الإمبراطور "تراجان" الذي لا يزال منتصباً في "روما" إلى اليوم.

الإعلامي "عماد ياسين"

وهكذا بدأت أبحث وأقرأ وأتابع كل ما يتعلق بالتاريخ والأساطير والأديان، وصارت التفاصيل الصغيرة التي لم تعنِ أحداً هاجسي، ورغم أنه بإمكان أي شخص اليوم استخدام محرك البحث "غوغل" في البحث والاستكشاف على الإنترنت، وهي أداة توفر الكثير من الوقت والجهد، إلا أنّ هناك الكثير من المعلومات المتناقضة والخاطئة المنشورة فيه، فقررت أن أبدأ بالبحث عن كتب مختصة بالتاريخ وعلم الآثار لأطفئ هذا الشك الذي بات هاجسي».

وتابع: «ثم ظهرت مواقع التواصل الاجتماعي، فأسست صفحتين الأولى باسم "صح النوم يا قوم"، والثانية أسميتها "تاريخ الأسطورة والأديان"، ورحت أنشر فيها أبحاثي وآرائي، وفي تلك الفترة تعرفت على الدكتور الأمريكي "سام مايكلز" الذي يمتلك اطلاعاً واسعاً في مجال الأديان اليهودية والمسيحية، كما تعرفت على الباحث المصري "أحمد رسمي" وهو عالم في اللسانيات واللغات القديمة وخبير في العملات، ويمتلك قدرة على تفكيك النصوص الأكادية وإعادة ترجمتها، كما تعرفت أيضاً على الباحث العراقي "عارف معين" وهو مطلع بشكل واسع على التاريخ الإسلامي وخبير في قراءة العملات أيضاً، والدكتور "سامي فريد" الذي يمتلك معرفة جيدة بالأديان الآسيوية الهندية والبوذية والزرادشتية، وغيرهم من خيرة الباحثين الحاليين في العالم العربي والإسلامي، وهكذا بدأنا معاً رحلة البحث عن التناقضات التاريخية والأحداث الجدلية، وكان لتواصلي مع الإعلامي الكبير الراحل الدكتور "فايز مقدسي" لترجمة بعض الطلاسم الأوغاريتية دور حقيقي في معرفة رأيه بالعديد من التناقضات التاريخية والقصص المغيبةً».

أما حول أعماله فقال: «سيتم نشر كتاب بحثي لي في "الولايات المتحدة الأمريكية" بعنوان "تاريخ حضارات الشرق الأوسط المغيب" بالتعاون مع زملائي، والذي يضم حلقاتي البحثية حول عدد من الأحداث التاريخية عن "سورية" الكبرى التي قمت بنشرها في عدد من المدونات والمواقع، ولكن تم تأجيل موعد نشره بحسب رأي دار النشر لحين انتهاء العالم من التعامل مع جائحة "كورونا" لضرورات تسويقية بحتة».

الإعلامي "عماد ياسين" قال عنه: «الدكتور "هيثم" من الشخصيات المميزة التي استضفتها في برنامجي "من أول السطر" على قناة "أوغاريت"، وهو باحث من الطراز الأول في التاريخ الإنساني، مُجد، مجتهد، وباحث يهدف لوضع الحقائق في خدمة البشرية، ينطلق من رصيده الفكري الذي راكمه خلال العقود الثلاثة الأخيرة، أفكاره تدعو إلى العقلانية والبحث عن الحقيقة العلمية الصرفة، كما يمتاز أيضاً بقناعاته الجميلة والواقعية».

وأضاف: «حبه للبحث والاستكشاف الدائم واهتمامه بالتراث الإنساني القديم لا يعني تقديسه لهذا التراث، بقدر ما هو اتكاء على نص منجز بقصد الوصول إلى ضفاف نص آخر، كما يمتاز بالمرونة ويقدم آراءه ويتقبل أي فكرة برحابة ويناقشها، ويعطي المعطيات دائماً بحيادية، وتشكل أبحاثه التاريخية نقطة جدل كبيرة بين علماء الآثار والتاريخ، حيث يعتمد فيها على معلومات موثقة ونصوص قديمة مترجمة، وتمتاز بالجرأة في الطرح والابتعاد عن المألوف».

بقي أنْ نذكر أنّ الدكتور "هيثم طيون" من مواليد عام 1965 وهو بالأصل من قرية "بيت طيون" التابعة لمدينة "صافيتا" في محافظة "طرطوس"، ومقيم حالياً في ولاية "تكساس" في "الولايات المتحدة الأمريكية".