تغوص عميقاً في بحر الشعر عبر مسار محدد ومتفرد؛ وهو ما يضمن لقصائدها فراغاً جمالياً صافياً يحتوي لغة حوارية مكثّفة ومركزة؛ حيث تعتمد فيها سياقات سردية تتضمّن تعابير ثنائية مميزة.

الشعر يجلسُ في الصفِّ الأول حينَ تكتبُه؛ هذا ما أوضحته الشاعرة "أحلام عثمان" لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 9 تشرين الثاني 2018، وتابعت: «كانت مواضيع التعبير في المرحلة الابتدائية تشدّني للكتابة كثيراً، وساهم إعجاب معلماتي وأصدقائي بما كنت أكتب بزرع أول بذور الشغف في داخلي حتى بتّ عوداً طرياً في فم غابة الأدب. طفولتي كانت في قرية صغيرة من قرى البحر، شرّبتني طبيعتها حتى صرت جزءاً منها، وباتت "سورية" غابتي التي أنتمي إليها، لكن طموحاتي كانت أكبر مني، وبسبب الظروف المغايرة لما كنت أسعى إليه أدركت أنه ليس كل ما يصبو إليه المرء يناله، بل أحياناً يكون ما لم يرد نيله هو الأجمل والأفضل، فالبيئة التي كنت فيها جعلتني أكثر بساطة وأعمق مما يُخيل لامرأة بعمري أن تصل إليه، فالظروف القاسية والتجارب المتكررة والسفر والاختلاط بمجتمعات أخرى، كانت أساساً في التعرّف إلى هذا العالم أكثر، ومنها بدأت بعض المحاولات الجدية في الكتابة، لذلك أظن أنه من رحم الألم يخلق الشعر القصيدة، فأنا حين أنظر في المرآة أدرك أننا نشبه بعضنا بعضاً حين نستيقظ أو نبتسم، أو نُغنّي، أو نغضب، أو نُحبّ».

كلماتها بعيدة عن معاناة الحرب؛ فتراها تنتقي المفردات المرهفة الشاعرية، وربما يعود سبب ذلك إلى إقامتها خارج جغرافية الحرب، ولها بعض التنوع في مواضيعها ذات الطابع الوجداني، أتوقع لحضورها الشعري الكثير من النجاح والتألق

وتابعت عن متابعاتها الشعرية والأسماء التي أثّرت في تجربتها: «عشقتُ في مراهقتي أشعار "نزار قباني"، ثم أحببتُ فيما بعد "رياض الصالح الحسين" أحد أعمدة قصيدة النثر، والشاعر "عماد أبو صالح"، و"لوركا"، و"بابلو نيرودا"، وهناك الكثير من الأسماء، وقد تعلّمت منهم أن الشعر ليس قراراً، الشعر كارثةٌ جميلة، يأتي أحياناً من دون موعد ليعصف بالأخضر واليابس، والغريب أن بعضهم يعشقون أن يصيروا ورقة في هبوب الرّيح، حيث يطلقون على هذه الورقة اسم شاعر أو شاعرة، ومع الرياح ستصعد حروف وتسقط حروف حتى تتشكل أبجدية القصيدة بما يناسب الحالة الذهنية للشاعر».

الشاعرة "رماح بوبو"

أما حول شغفها بالقصيدة، فقالت: «لا أفكر بالوحي الشعري أو اللحظة المستقبلية؛ فأنا أعيش حالتي اليومية، وأمارس طقوس الجمال لربة اللغة وكأنها آخر قصيدة سأكتبها، أعشق التفاصيل المهملة وأحب أن أعيد حياكتها بلغتي، وأعدّ تلك التفاصيل خيوطاً فضيّة تصلني بذاتي غير المرئية، وتجعلني أرى بل ألمس قدسية مكنوناتها بي، كأي امرأة تخبّئ في داخلها عالماً بأكمله، لذلك فإنني أشكر الحياة التي جعلتني أؤمن بأن اسمي للفقراء، وليس لي».

اخترنا مقتطفات من إحدى قصائدها:

«سأضع لكَ السمّ في الطعام.. وسيكون الدواء جاهزاً

لا تخفْ.. سأُنقذك.. ولن تتركني أبداً..

كما يحدث في السينما..

سأطلق عليكَ كلّ الرّصاص الذي اخترق أجساد الممثلين في فيلم "العرّاب"

بأجزائه الثلاثة..

لا تخفْ.. جميعهم لعبوا أدوار البطولة فيما بعد..

سأحرق قلبك وأقول لكَ: أعتذر

كما فعل "أنطوني كوين" بـ"كيفن كوستنر"

سأحرمك الذهاب إلى السينما كما حُرم الطفل "نعيم" في فيلم

”بحبّ السينما"

سأحكي لكَ حكاية وأغنّي لكَ حتّى تنام.. ثمّ سأذبحك كما في فيلم

"سعادة إيما"

ألا تُحب السينما؟

سأجعلك تَعيشها».

أما حول أعمالها الأدبية، فقالت: «ليس لدي مشاركات في ندوات ثقافية أو أدبية بحكم أنني مغتربة، ووجودي في البلاد قليل جداً، لديّ بعض النصوص في مواقع إلكترونية متنوعة، أبرزها: "الرؤيا العمانية"، و"نصوص من خارج اللغة"، و"آفاق حرة"، وفي صحيفة "العربي" وغيرها من المواقع، وسيصدر بداية العام الجديد كتابي الأول الذي افتتحه بالقول: "لست بشاعرة، بل ابنة الشعر الصغرى"».

الشاعرة "رماح بوبو" تحدثت عن تجربة "أحلام" الأدبية، حيث قالت: «اسمها لفت انتباهي على الرغم من الكمّ الكبير من الأسماء التي تحاول كتابة قصيدة النثر والخواطر النثرية على صفحات التواصل الاجتماعي، حيث إن لنصّها سلاسة الماء وعذوبة النبيذ، وأستطيع أن أقول إنها من القلائل الذين استطاعوا حل معادلة قصيدة النثر الصعبة، حيث أجادت اللعب باللغة وإمتاعنا بالصور المدهشة من دون أن تنتقص من شفافية الشعر أو أن تنأى به عن الشغاف».

وأضافت: «كلماتها بعيدة عن معاناة الحرب؛ فتراها تنتقي المفردات المرهفة الشاعرية، وربما يعود سبب ذلك إلى إقامتها خارج جغرافية الحرب، ولها بعض التنوع في مواضيعها ذات الطابع الوجداني، أتوقع لحضورها الشعري الكثير من النجاح والتألق».

بقي أن نذكر، أن الشاعرة "أحلام عثمان" من مواليد "الدريكيش" عام 1989، وتعمل في مجال التجميل في "فانكوفر" في "كندا".