دفعته ظروف المعيشة الصعبة للهجرة، وهناك عمل بجدٍ في كثير من المهن، لكن الشوق لقريته كان أكبر فعاد إليها.

السيد "محمد أسعد محمد" من مواليد قرية "دوير الشيخ سعد" عام "1941"، يتحدّث في لقاء لمشروع "eSyria" معه بتاريخ "25/7/2011" عن سفره إلى "فنزويلا" بالقول: «استغرقت رحلتي إلى "فنزويلا" شهر كامل عبر البحر، ويومها كانت السفينة تنقلنا من "سورية" إلى "إيطاليا" وهناك كنا نبقى سبعة أيام ريثما تصل السفينة التي ستنقلنا إلى "فنزويلا"، كان اسم السفينة "فيدريكوسي" وتتألف من سبعة طوابق، قضينا فيها قرابة الشهر، فكانت تلك السفرة من أكثر الأيام التي لا تنسى في حياتي.

استمرت صداقتي مع "محمد أسعد محمد" منذ تعرفت عليه في "فنزويلا"، رغم أن لقاءاتنا كانت قليلة هناك

في نهاية الرحلة وصلنا إلى ميناء "غويره" في مدينة "كاراكاس" الواقعة على البحر "الكاريبي"، حيث كان بانتظاري بعض الأصدقاء من قريتي ممن سافروا قبلي إلى "فنزويلا"».

السيد محمد أسعد محمد في الوسط برفقة أصحابه

وبالعودة إلى وضع "سورية" في ذلك العهد والأسباب التي دعته للسفر يقول السيد "محمد محمد": «كان عمري يوم سافرت 25 سنة وذلك في عام "1965"، وفي ذلك الوقت كانت ظروف الحياة صعبة، والفقر مستشري على نطاق واسع، ففي قريتي المحاذية لمدينة "طرطوس" كنت تجد سيارة واحدة في القرية في أفضل الأحوال عدا عن مختلف نواحي الحياة الأخرى، مع التذكير بأن "طرطوس" لم تكن يومها مدينة وإنما منطقة تابعة لمحافظة "اللاذقية"، وفي هذه الأحوال الصعبة كنا نضطر كشباب للسفر إلى دول الغرب للعمل وتأمين مستقبلنا».

يتابع السيد "محمد" بالقول: «الحياة في "كاراكاس" كانت مختلفة تماماً، من حيث الحياة المدنية وظروف المعيشة والبنية التحية وغيرها الكثير، والتي أمّنت لي منذ وصولي مجال رحب للعمل في كثير من المهن، من بائع "الكشة" أي البائع المتجول إلى التجارة والخدمات، فكان تطوري في العمل سريع للغاية حيث وصلت في سنين قليلة إلى العمل بتجارة السيارات وغيرها من الأعمال الكبيرة، وبقيت في "فنزويلا" إلى أن قررت العودة إلى بلدي في عام "1975"، لأن السفر كان بقصد تحسين ظروف حياتي والمساهمة بتطوير بلدي وليس بقصد الحياة الدائمة هناك».

السيد كمال محمد

بالعودة إلى قصة السيد "محمد أسعد محمد" فقد التقينا بولده السيد "كمال محمد" الذي تكلم عن تجربة والده بالقول: «حدّد والدي هدفه بدقة عند ذهابه إلى "فنزويلا" من حيث جني المال ثم العودة لبناء مستقبله ومستقبل أبنائه، فبعد عودته إلى "سورية" اشترى والدي سيارة شاحنة، وعمل على نقل البضائع بين "مرفأ طرطوس" ودول الخليج، واستمر في تطوير عمله حيث كنا قد كبرنا وبدأنا نعمل معه إلى أن دخل في أعمال التعهدات الطريقية، وغيرها من الأعمال الأخرى.

وقد وصلنا الآن إلى مرحلة متقدمة في أعمالنا التجارية والتي يعود الفضل فيها إلى والدنا وإلى تلك العزيمة التي دفعته في ذلك الوقت إلى تخطي المصاعب والسفر إلى المجهول لبناء مستقبله ومستقبل أبنائه».

ومن أصدقاء المغترب السيد "محمد محمد" التقينا بالسيد "يوسف فرحة" من قرية "بيلة" والذي ناهز الثمانين من عمره، والذي تحدث عن السيد "محمد محمد" بالقول: «استمرت صداقتي مع "محمد أسعد محمد" منذ تعرفت عليه في "فنزويلا"، رغم أن لقاءاتنا كانت قليلة هناك».

حيث عمل كل منا بجد ودون توقف لجمع مايقدر عليه من المال والعودة بسرعة إلى بلدنا، وأعرف عنه هناك مدى حرصه على التزام هدفه وعلى مايجنيه من أموال، وعدم مجارات مواطني البلد في أساليب حياتهم وطبيعتها، واليوم ينعم مع أبنائه بثمرة جهده وتعبه في بلاد الاغتراب، وبما أنعم الله عليه من المال والصحة».