تشكّل السّياحة داعماً أساسيّاً للاقتصاد، خاصّة عند امتلاكها المقوّمات الغنيّة والمختلفة، الأمر الذي يؤكّد ضرورةَ وجود إعلام سياحيّ متخصّص يسلّط الضّوء عليها ليكون منارةَ جذبٍ لمحبّي السّياحة بمختلف أنواعها.

للحديث عن الإعلام السياحي مدوّنةُ وطن "eSyria" التقت بتاريخ 12 تشرين الثاني 2019 "عبد العزيز محسن" وهو الإعلامي ورئيس تحرير موقع "بانوراما سورية" حيث قال: «الإعلام السّياحي هو إعلام ترويجي بامتياز، نظراً للدور الذي من المفترض أن يقوم به، والمهمّة الّتي تقع على عاتقه التّعريف بالأوابد السّياحيّة الموجودة فعليّاً في البلد، والإشارة إلى المقوّمات والإمكانيّات السّياحيّة غير المكتشفة أو المستثمرة، وبالتّالي المهمّة هنا مزدوجة، ترويج للموجود وتحريض على الاكتشاف والاستثمار وما بينهما، أيضاً الدّعوة إلى الارتقاء بالخدمات والبنية التّحتيّة اللازمة للنهوض بالواقع السّياحي، ووجود وسائل إعلام متخصّصة في المجال السّياحي أمر مهم جدّاً، والأهم هو وجود إعلاميين ذوي كفاءة ولديهم الخبرة الكافية في هذا المجال كي لا تصل المعلومة مشوّهةً أو ناقصةً للجمهور المستهدف، كون هذا الإعلام هدفه التّرويج والإقناع والجذب، وموجّه لشريحة ذات خصوصيّة معيّنة، وبالطّبع ما ينطبق على الإعلام المتخصّص ينطبق على باقي وسائل الإعلام الأخرى لناحية جودة المادّة الإعلاميّة وموضوعيّتها».

تخصيص فقرات وبرامج للترويج السّياحي غير كاف، فلا بدّ من إنشاء قنوات خاصّة بذلك، ومواقع إلكترونية وصفحات تواصل عبر الإنترنت، من خلالها يتمكّن أيّ شخص من الحصول على المعلومة القيّمة والحقيقيّة والمفصّلة حول كل ما يرغب أن يعرفه من أماكن طبيعيّة أو آثار أو أطعمة خاصّة بكل منطقة وعاداتها وتراثها المادي واللا مادي

وعن كيفيّة التّأسيس لإعلام سياحي حقيقي يتابع القول: «التّخصص هو بداية الطّريق نحو النّجاح في أي مجال، ولذلك لا بدّ من وجود إعلاميين متخصّصين ووسائل إعلام متخصّصة بهذا المجال، ومن ثمّ بدء مرحلة التّأسيس الّتي تتطلّب إدارةً وإرادةً قويّةً، وبالتأكيد الإمكانات الكبيرة كي ينجح أي مشروع للإعلام السّياحي المتخصّص، وأعتقد أنّه سيكون مشروعاً ناجحاً في بلدنا رغم عدم وجود تجارب مماثلة حتّى الآن، مع الإشارة إلى أن الجهة الّتي يجب أن تقوم بهذا المشروع هي وزارة السّياحة، من خلال إقامة قناة فضائيّة سياحيّة متخصّصة، وهذا ما يجب أن يكون من أولويّات الوزارة في المرحلة القادمة. وبشكل عام الدّور هو واحد ومشترك لجميع وسائل الإعلام العامّة والخاصّة، وكذلك شبكات التّواصل الاجتماعي، وهو التّعريف والتّرويج للسياحة في البلد عموماً، من خلال نشر المقالات والتّقارير والريبورتاجات عن المناطق والمقوّمات الموجودة في جميع المحافظات، مع التّركيز على الإشارة إلى الملاحظات والمقترحات لتحسين الواقع السّياحي، وتلافي الثغرات والصّعوبات، وطبعاً هذا يحتاج إلى تعاون الجهات التنفيذيّة والخدميّة، خصوصاً فيما يتعلّق بالبنية التّحتيّة، وتحسين المنظر الجمالي».

الإعلامي عبد العزيز محسن

أمّا عن الآليّة الصّحيحة للترويج السّياحي في وسائل الإعلام من حيث جذب المستثمرين من جهة ونشر الوعي للحفاظ على هذه المواقع الطّبيعيّة أو الأثريّة وغيرها فقد قال: «المتخصّصون في هذا المجال يعلمون تماماً ما هو المطلوب منهم، أمّا باقي وسائل الإعلام فيجب أن تُخضع المادّة الإعلاميّة لإشراف أهل الاختصاص من قلب الجسم السّياحي، مثل إدارات التّرويج والإعلام السّياحي في وزارة السّياحة ومديريّاتها، وهذه المهمّة يجب عدم الاستهانة بها، والموضوع يتعدّى إنجاز مهمّة تصوير مكان ما أو استعراض آراء مجموعة من الزوّار، بل الموضوع يحتاج معلومةً جديدةً للمتلقّي حول المكان والتّاريخ والمستقبل، ويتم توظيفها بشكل مناسب ضمن التّقرير الّذي بدوره يحتاج إلى الموضوعيّة والخصوصيّة والواقعيّة والابتعاد عن المبالغة، أيضاً يجب عدم إغفال الحاجة إلى تعزيز ثقافة الوعي السّياحي وحتّى إدخال مناهج متخصّصة بالسّياحة في المراحل الدّراسيّة، وتشجيع قيام الحملات والمبادرات والأنشطة التّوعويّة، والتّرويج من خلالها للمناطق السّياحيّة في كل مدينة وبلدة وقرية، والتأكيد من خلالها بأنّ السّياحة هي فعل اقتصادي حقيقي يمكنه أن يحقق نتائج كبيرةً على الصعيد العام والشّخصي، من خلال الإيرادات المباشرة وغير المباشرة النّاتجة عن هذا النّشاط».

الإعلاميّة ومعدة البرامج في التلفزيون العربي السوري "حلا سلمان" قالت: «تعدُّ السّياحة من أهم مصادر الدّخل لدى الدّول المختلفة، لذا تسعى الدّول باستمرار إلى تنمية السّياحة داخلها وبمختلف أنواعها لجذب المزيد من السّيّاح، فتعم الفائدة على كل من الدّولة المضيفة والسّائح، وتساهم في دخول العملة الصّعبة، والّتي بدورها تساعد على تنمية الاقتصاد الوطني، وانطلاقاً من هذه الأهميّة تأتي أهميّة وجود إعلام سياحي متخصّص يسلّط الضّوء على كل الأماكن السّياحية الطبيعيّة والأثريّة والدينيّة وغيرها، وبلدنا تعاقبت عليه الحضارات على مرّ الزّمن، وبقيت أوابدها الأثريّة شاهدةً، بالنّسبة لنا قمنا بالكثير من التّغطيات للعديد من الأماكن الأثريّة والتّاريخيّة في وسائل الإعلام المحليّة، وعرضنا البرامج والأفلام الوثائقيّة المتعدّدة، والحقيقة أنّه بعد سنوات الحرب أصبحت الحاجة أكبر إلى برامج توثيقية للأماكن السّياحيّة والأثريّة في "سورية"، خاصةً وأنّنا الآن في مرحلة يمكن أن يكون قطّاع السّياحة داعماً حقيقيّاً للاقتصاد الوطني، فكما كانت بلدنا قبل الحرب قبلةً للسيّاح من كل أصقاع الأرض، لا بدّ اليوم من وجود إعلام سياحي يخبرهم بأنّ هذا البلد بدأ يتعافى، وعاد ليفتح أبوابه أمام الزّائرين ومحبّي السّياحة على اختلاف أنواعها، الثّقافيّة والطبيعيّة والدّينيّة والتّرفيهيّة والعلاجيّة والبيئيّة وغيرها، و"سورية" غنيّة بكل ما سبق بما تحتويه من مقوّمات ومناظر ساحرة جبليّة وبحريّة وصحراويّة».

وتضيف: «تخصيص فقرات وبرامج للترويج السّياحي غير كاف، فلا بدّ من إنشاء قنوات خاصّة بذلك، ومواقع إلكترونية وصفحات تواصل عبر الإنترنت، من خلالها يتمكّن أيّ شخص من الحصول على المعلومة القيّمة والحقيقيّة والمفصّلة حول كل ما يرغب أن يعرفه من أماكن طبيعيّة أو آثار أو أطعمة خاصّة بكل منطقة وعاداتها وتراثها المادي واللا مادي».

وتختم قائلةً: «الإعلام السّياحي لا بدّ أن يتحوّل إلى ثقافة مجتمعيّة بكل ما للكلمة من معنى وبرأيي أنّ هناك طرقاً كثيرة لتنشيط السّياحة من خلال الإعلام، منها مثلاً أن تقوم الجاليات بكل أنحاء العالم -بالإضافة إلى السّفارات- بتوزيع (بروشورات) عن أماكن سياحية وأثريّة وكل ما يميّز هذه البلد ويحتويه من مقوّمات سياحيّة متعدّدة، مع الاهتمام بالتّصميم الجذّاب لهذه (البروشورات)، إضافة لوجود وسائل إلكترونية لا بدّ من وجود قناة سياحيّة متخصّصة تضم الكفاءات والخبرات، وهذه من أولى مهام وزارة السّياحة».