في زمن أحبطت فيه أغلب مقومات الشعور والعطاء، باتت فيه قدرة الفرد على تحفيز ذاته أمراً ليس بالسهل لبعضهم، ولكن لبعضهم الآخر كانت أمراً ناجعاً ومحفزاً للبدء بخطوة نحو الهدف المنشود.

إذاً، هي الطاقات الكامنة الإيجابية منها والسلبية التي نختزنها في أعماقنا، فالطاقة الإيجابية الكامنة في داخل كل إنسان، يمكن أن تبدل أسلوب الحياة وطريقة العيش والقدرة على المواكبة وتحقيق تكيف معيشي مهني يؤدي للنجاح، وهذا وفق رأي السيدة "أمل جريعة" الموظفة في "الشركة السورية لنقل النفط" ممكن، وهنا قالت لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 2 كانون الأول 2014: «تأتي أهمية الطاقة الإيجابية الكامنة في داخلنا من انعكاسها على واقع حياتنا الشخصية الانعكاس الإيجابي الذي يحفزنا ويدفعنا نحو العطاء أو تقديم شيء ما مفيد، أو تحقيق ما قد نظن أننا عاجزون عن تحقيقه في ظرف أو مرحلة ما، وهنا يمكن الاستشهاد بقول مأثور للإمام "علي" كرم الله وجهه حين قال: "أتحسب أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر". إذاً، فمن المؤكد أننا نملك الكثير من الإمكانيات والطاقات، التي يمكن باستثمارها تغيير أسلوب الحياة والتكيف مع كل طارئ وجديد فيها، وخاصة في هذه المرحلة من حياتنا بما تحويه من متغيرات وصعوبات وطوارئ يومية متغيرة، ومن أهم محفزات هذه الطاقة الإيجابية امتلاك الإيمان بذاتنا، وإلا هذه الطاقة ستنعكس سلبياً على ممتلكها، وهنا لن نتمكن من تحصيل شيء ذي نفع لوجودنا، وستبقى رؤانا وأهدافنا أحلاماً صعبة التحقق».

يجب أن يؤمن الشخص بذاته، لتفتح جميع الأبواب أمامه، ويجب أن يكون مبدعاً وخلاقاً بتكيفه مع واقعه المتجدد في كل لحظة

وتتابع السيدة "أمل جريعة" عن كيفية تأثير الطاقة السلبية في حياتنا، فتقول: «إن لم نحفز الطاقة الإيجابية سنجد الطاقة السلبية في وجهنا، عندها نستسلم أو هي من يرغمنا على الاستسلام، وهناك الكثيرون ممن يملكون إمكانات وطاقات كثيرة، ولم يحفزوها نتيجة الدور السلبي للمجتمع المحيط، الذي ينظر بالعموم نظرة دونية للشخص، فتقزمه نفسياً دون الاكتراث بقدراته، بدليل أنه يتواجد الكثيرون من العلماء والمفكرين رغم تقزيم المجتمع لهم أصبحوا ذوي وجود عالمي بما أنتجوه وأبدعوه لإيمانهم بما في داخلهم، والعكس أيضاً صحيح».

المهندسة "حلا سويدان" موظفة في دائرة السياحة بمدينة "بانياس" أكدت أنه يمكن بالقليل من الجهد والتعب والثقافة أن نواجه الطاقة السلبية، مضيفةً: «يجب أن يؤمن الشخص بذاته، لتفتح جميع الأبواب أمامه، ويجب أن يكون مبدعاً وخلاقاً بتكيفه مع واقعه المتجدد في كل لحظة».

وبالعودة إلى حديث السيدة "أمل" قالت: «أمر مهم أحاول تطبيقه على نفسي كل يوم تقريباً لشحذ طاقاتي الإيجابية، حيث أنظر في المرآة كل صباح وأقول: أنا محظوظة، فأجد في كل يوم شيء إيجابي يدفعني للأمام نحو عالم لا متناهٍ من العطاء والخير.

السيدة أمل جريعة

إضافة إلى أنني في بعض الأيام وخاصة في هذه الفترة التي تشهد غلاء فاحشاً لا يبقى لدي الكثير من مال لأيام الشهر الأخيرة، فأقول بيني وبين نفسي: "ستفرج إنشاء الله"، فأتفاجأ بمن يرسل لي المال من إخوتي على سبيل المثال، وهذا أمر لم يحدث مرة أو مرتين فقط وإنما حدث عدة مرات.

إذاً، إلى حد ما يمكن تحقيق التوازن بين قناعاتنا وطرائق حياتنا، لأننا في مرحلة زمنية عصيبة على الجميع، ولكن لا بد من المحاولة لخلق حالة التوازن هذه، لتكون مقبولة ومرضية وفق القناعات الشخصية، وذلك بما يتناسب والطبيعة المجتمعية المحيطة، لأنه لا يمكن أن يكون الشخص مثالياً بالمطلق، فيقال عنه متطرف بالمثالية، أو سلبي بالمطلق فيقال عنه معتوه.

الدكتورة سوسن حكيم

وبالعموم كتجربة شخصية أحاول الابتعاد عن الأشخاص المحبطين نفسياً أو المتشائمين، لأنهم يؤثرون فيّ سلباً عبر طاقاتهم السلبية».

وفي لقاء مع الدكتورة "سوسن عبد الرحمن حكيم" عضو الهيئة التعليمية في جامعة "تشرين"، ومدربة لعلوم التنمية البشرية والتطوير الشخصي، قالت عن قدرة الطاقة السلبية في شل القدرة الحياتية اليومية: «من الطبيعي أن الطاقة السلبية تحبط قدراتنا وتؤثر في نفسيتنا فكرياً واجتماعياً، ومن المهم أن يبتعد إنسان العصر الحديث عن مصادر الطاقة السلبية جميعها، وسائر الناس السلبيين وحتى الإعلام السلبي أو الفكر السلبي، لأنه يؤدي إلى انخفاض مستوى أدائه وتفكيره ومشاعره، ويجب أن يتحول باتجاه الطاقة الإيجابية، التي تعد بالنسبة لي شيئاً يمنحني التحفيز الإيجابي باتجاه أداء أفضل ومزاج أفضل وعمل أفضل وتفكير أفضل».

وتضيف الدكتورة "سوسن": «الطاقة الإيجابية الأسهل والأسرع هي اللغة والأفكار الإيجابية، فعندما نتحدث مع الآخر ومع أنفسنا بطريقة إيجابية، ونفكر معاً بالحلول وليس بالمشكلات، سنصبح فوراً على موجة وتردد الطاقة الإيجابية، وهنا يجب التأكيد على أن الوعي بالقدرة هو سر القدرة، فعندما أدرك ماذا لدي من إمكانيات وقدرات وأعمل على تطويرها باستمرار، وأدرس الواقع وأدرك ما هي الفرص والعقبات والتحديات وأعمل للتغلب عليها، ستكون النتيجة أني سأعمل للتغلب عليها، وأحقق التوازن بين ما أملك وما لدي».