كما لكل مكان خصوصيته، لبسطات الأرصفة زبائنها الملتزمون بالتسوق الدائم منها، وهو ما منحها أهمية ترافقت والحالة المادية لشريحة مجتمعية واسعة، حتى إنها أصبحت حاجة لبعضهم ومشكلة لبعضهم الآخر.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 5 كانون الأول 2014، السيدة "فتون البلخي" لتحدثنا عن حاجة "البسطة" في حياتها اليومية، وهنا قالت: «بصراحة التسوق من "البسطات" في السابق كان حلاً جيداً للجميع، ولكل شيء تقريباً، أما الآن فقد تقاربت الأسعار بين البسطة والمحل التجاري، وهذا أبعدني عن هذه البسطات في الوقت الراهن، علماً أنني أرى بتواجدها في أماكنها الحالية على الأرصفة وفي الأزقة وضمن مختلف التجمعات السكانية الكبيرة والصغيرة تشوهاً بصرياً، لذلك أتمنى أن تنحصر في أسواق شعبية قريبة من التجمعات السكانية ومراكز المدن، خاصة أن لهذه البسطات زبائنها الخاصين المعتادين على التسوق منها دون التسوق من المحال التجارية، وهذا سبب لانتشار ظاهرة البسطات في مختلف المناطق، إضافة إلى عدم إمكانية امتلاك محل تجاري برأيي.

من مفارقات الأسعار أن لدي بضائع أبيع القطعة منها بحوالي 400 ليرة سورية، ويبيع صاحب المحل الجاري ذات القطعة بحوالي 700 ليرة سورية، وهذا أمر أدركته من خلال علاقاتي مع أصحاب المحال

وهنا لا أنكر أن فضولي الشخصي يدفعني في كثير من الأحيان للتجول ضمن مختلف الأسواق لمعرفة الأسعار، ومن ثم انتقاء المناسب لي».

وفي توضيح للسيدة "فتون" عن جودة البضائع المتواجدة على "البسطات" قالت: «بحسب خبرتي بالتعامل مع البسطات يمكن القول إن بضائعها وجودتها في السابق لم تكن جيدة أبداً، وإنما كانت للاستعمال لمرة واحدة في الأغلب، وقضاء الحاجة السريعة فقط، أما الآن فقد أصبحت هذه الجودة تضاهي جودة بضائع المحال التجارية لدى الجميع، خاصة أن بعض أصحاب هذه المحال فتحوا بسطات أمام محالهم لزيادة نسبة البيع، وهو ما أثر في عمل بعض أصحاب البسطات المعتمدين أساساً في معيشتهم على عمل البسطة، وهذا جشع منهم لأن عمل البسطة جيد ومثمر».

الشاب "مهران ضوا" قال: «أنا أحب التسوق من البسطات في بعض الأحيان، وذلك بحسب الوفرة المادية وأيام الشهر، فعندما أرغب بشراء أي شيء أجول على ما أعرفه من بسطات منتشرة على الأرصفة لمعرفة الأسعار، ومن ثم اختيار الأرخص ثمناً والشراء منها، خاصة أن بعض الباعة يقبلون بالربح البسيط وبعضهم لا، وهنا أؤكد أن في الأغلب البضائع المتواجدة في المحال التجارية هي ذاتها البضائع المتواجدة ضمن البسطات، وهذا من تجربة شخصية.

ومن وجهة نظر فإن انخفاض أسعار البضائع المتواجدة في البسطات ليس مرتبطاً بسوء تصنيعها وجودتها، وإنما لعدم التزام صاحب البسطة بدفع ضرائب ورسوم، بخلاف أصحاب المحال التجارية الملزمين بهذا الأمر، كما أن أغلب أصحاب المحال ملتزمون بعمال يساعدونهم في محالهم التجارية، إضافة إلى التجهيزات والديكورات والضرائب المستهلكة لمصلحة الزبون، يجب تعويضها منه».

وفي لقاء مع السيد "أحمد شامات" صاحب بسطة ألبسة في مدينة "بانياس" قال: «أنا متأكد أن نوعية الملابس المتواجدة لدي هي ذاتها في أغلب المحال التجارية المعروفة والمشهورة بجودة منتجاتها، وهذا لأني بالأساس كنت أملك مشغلاً لتصنيع بعض الملابس الداخلية، ومحال تجارية أبيع فيها منتجات ومنتجات مشاغل أخرى، ولكن بسبب الوضع الحالي والظروف الصعبة فقدت كل شيء وبدأت مشوار عمل جديداً بالعمل على هذه البسطة، لذلك عندما أبيع الزبون بضائع أوضح له مصدرها وجودتها مقارنة مع بقية المحال، وهذا لا يعني أن البسطة لا تحتوي بضائع ذات جودة متوسطة، لتتناسب ورغبة الزبون وقدرته الشرائية».

البسطات في كل مكان

ويتابع السيد "أحمد" فيقول: «من مفارقات الأسعار أن لدي بضائع أبيع القطعة منها بحوالي 400 ليرة سورية، ويبيع صاحب المحل الجاري ذات القطعة بحوالي 700 ليرة سورية، وهذا أمر أدركته من خلال علاقاتي مع أصحاب المحال».

ويختم حديثه فيقول: «هذه البسطة وكباقي البسطات المنتشرة على مختلف الأرصفة، حاجة للمواطن ولصاحب البسطة الذي وجد فيها حفظ كرامته من التسول، وهذا كاف ومشجع للمعنيين بهذا الأمر لإقامة أسواق وتجمعات خاصة بأصحاب البسطات، يلزمون بها الجميع دون استثناء، وبتكاليف وضرائب مخفضة جداً، لا تؤثر في هامش الربح».

السيد "فايز شداد" يؤكد أنه يفضل الشراء من البسطات على الشراء من المحال التجارية، لأن أسعارها مقبولة جداً والوضع المادي والحاجة الاجتماعية، وهنا يضيف: «لا يمكنني اعتبار أن من يقدم لي خدمات بأقل الأسعار، بالاعتماد على هامش ربح بسيط، يساهم بتشويه المشهد البصري للمدينة التي أسكنها، بل على العكس يجب الترحيب به لقناعته وعدم جشعه، ويجب تأمين الدعم اللازم لاستمراره في مختلف الظروف والحالات المناخية، وهنا أؤكد وأنا زبون "بسطة" أن جودة البضائع في وقتنا الحالي مقاربة جداً مع المحال التجارية، إن لم تكن ذاتها».