تتوافر في محافطة "طرطوس" مقومات صناعة غذائية متنوعة؛ منتج زراعي، وأيد عاملة، منافذ بحرية وبرية للتصدير، وموقع مهم على ساحل المتوسط، وخاصة صناعة حديثة مربحة تشغل مئات الأيدي العاملة.

وفي حين تتوافر الأساسيات فإن أسباباً كثيرة حالت دون قيام صناعة حقيقية تستثمر المنتج الزراعي المحلي، وعن ذلك يتحدث المستثمر وعضو "مجلس الشعب" الأستاذ "علي نده" فيقول: «للاستثمار مقومات وبيئة حاضنة، وتشريعات تتلاءم مع هذه البيئة، فالاستثمار يحتاج إلى بيئة تشريعية حقيقية، كما يحتاج إلى دولة تحترم مضمون هذا التشريع ولا تخرج عنه حيث تريد ومتى أرادت، وفي محافظة "طرطوس" يوجد حالياً كل ما يحتاجه المستثمر من مواد أولية للقيام بصناعة غذائية حقيقية، ووجود الصناعة التحويلية يساهم في توجيه الإنتاج الزراعي، حيث إن تنشيط أي قطاع إنتاجي يحتاج إلى تنشيط الطلب على المواد التي ينتجها، سواء بالاستهلاك المحلي أو بالتصدير، وهنا لا بد أن أذكر أن "سورية" فشلت خلال الفترات السابقة فشلاً كبيراً في خلق حالة الطلب الخارجي بعدم القيام بأية إجراءات تشجيعية تساهم في هذا الاتجاه، يضاف إلى ذلك عقلية المستثمر السوري القائمة على التجارة والسمسرة، على حساب الصناعة التي تتطلب جهداً أكبر للقيام بها، وتشريعات فاعلة وثابتة تضمن حقوق المستثمر وتدفعه لخوض غمار الصناعة».

أسواق خضار "طرطوس" تتعرض سنوياً لضغط كبير في فترات الإنتاج الغزير، ويبقى المزارعون ساعات طويلة بانتظار بيع إنتاجهم من الحمضيات، وأحياناً التفاح، كذلك يتعرض الفريز لخسائر كبيرة في ذروة الإنتاج، وهناك تطور واضح في زراعة "الموز البلدي" وأعتقد أن هذا أيضاً سيؤدي إلى ضغط على هذا المنتج، من هنا يشكل تحويل هذه المنتجات إلى أشكال مختلفة وخصوصاً العصائر فرصة كبيرة لتصريف الإنتاج، وحقيقة فوائد هذه الخطوة من قبل المستثمرين لا حصر لها، باعتبار أن المكان الذي ينتج سيضم المصنع الذي سيحول المنتج إلى شكل صناعي آخر

يؤكد المهندس "عمار حسن" مدير صناعة "طرطوس" الجدوى الاقتصادية الكبيرة من إقامة مصانع العصائر والأغذية "الكونسروة"، باعتبار أن المحافظة زراعية تضم الساحل والجبل، وفيها الزراعة المكشوفة والمحمية، وللفاكهة نصيب كبير من المساحات المزروعة أهمها الحمضيات، والتفاحيات والكرز والمشمش، وبالتالي الفرصة كبيرة لتحريك سوق العمل واستثمار كل الفائض من هذا الإنتاج، وفي حديثه لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 12 أيار 2014، يقول: «من حيث الجدوى الاقتصادية والأرباح فإن معامل "عصائر الفاكهة" تعود بأرباح كبيرة على أي مستثمر، فإذا لاحظنا نسبة المادة الطبيعية في العبوة فإنها تصل إلى 20% وما تبقى فهو سكر وماء، وهذا يعني أنها صناعة مربحة للغاية، ومن جهة أخرى فهذه الصناعة تشغل يداً عاملة كبيرة بدءاً من الحقل وصولاً إلى المصنع حيث يعمل بها ما يزيد على 500 عامل وفي هذا أهمية كبيرة جداً، وبالنسبة لمحافظة "طرطوس" حالياً لا توجد أية عوائق فيما يخص الترخيص الصناعي لإقامة مصانع كهذه، ولا يبقى سوى إيجاد أماكن لإقامتها، وبالنسبة للصناعات الغذائية حصراً فإن شروط الموقع سهلة ولا تتعدى فكرة إيجاد مساحة كافية خارج التنظيم والحماية».

وبصفته مستثمراً محلياً يتحدث الأستاذ "علي ندة" عن بعض صعوبات العمل والتشريع في البيئة المحلية، حيث يقول: «ما ينطبق على محافظة "طرطوس" ينطبق على غيرها، ففي العموم لا يمكن القيام باستثمارات حقيقية في "سورية" قبل تحديد هوية البلد الاقتصادية، فنحن حين نترك للحكومة التحكم وتغيير الهوية الاقتصادية كيفما تريد، يوم باتجاه اشتراكي وآخر باتجاه رأسمالي ماذا سيحدث للمستثمر؟ ومن سيعطيه الضمان لاستثماره؟ إذا كان القانون لا يعطيه ذلك الضمان، والحكومة لا تلتزم بقرار محدد.

واليوم بالنسبة لـ"طرطوس" منذ خمسة عشر عاماً ماذا تغير فيها على صعيد التطوير الزراعي؟ سواء بتقنيات الإنتاج الزراعي أم أسلوب التسويق؟ أين دور الدولة وماذا قدمت وزارة الزراعة؟ ماذا لو ألغينا اليوم وزارة الزراعة؟ هل سيشعر المزارع أو المستثمر الزراعي بأي اختلاف؟ بالتالي المطلوب أسس قانونية ثابتة تنطبق على الوزراء وعلى رجال الأعمال، وهذا الأمر بدوره يحتاج إلى تشريع، فمثلاً تبلغ نسبة الفوائد التي يدفعها المستثمر في "سورية" 15% وفي باقي العالم 2%، من سيأتي إلى "طرطوس" ليستثمر في زراعتها وتسويق منتجاتها؟ وتحويل منتجاتها الزراعية إلى صناعات غذائية».

وهناك بعض الإشكاليات الأخرى التي حالت دون قيام صناعة غذائية متكاملة في "طرطوس" يضيفها الأستاذ "علي ندة" إلى حديثه بالقول: «شكل خوف المستثمرين وضعف الخبرات عاملاً مهماً في التأخير بقيام صناعات غذائية متعددة، من ضمنها صناعة العصائر، وبالنسبة للتخصصات العلمية فإن "هندسة الصناعات الغذائية" لاتزال حديثة ولا توجد الخبرات العملية الكافية التي تواكب قيام المصنع، عدا تكلفة هذه المصانع التي تجاوزت "300 مليون ل.س"، بالتالي لا تمتلك "طرطوس" فعلياً جميع مقومات الإنتاج الصناعي المتكامل، لكن رغم كل ذلك فإن الاتجاه نحو هذه الصناعات شجّع المستثمرين بوجود مقومات الإنتاج الأساسية، ومتى قام المستثمرون بالخطوات الأولى على هذا الطريق فإنهم سيجدون جدوى اقتصادية كبيرة، لوجود مقومات حقيقية لقيام هذه الصناعات، وحالياً يوجد ترخيص لمصنع "كونسروة" ومن ضمنه "عصائر الحمضيات"، أعتقد أنه سيشكل فاتحة على هذا الطريق».

وفي لقاء مع أحد مزارعي "طرطوس" السيد "عمار أحمد" تحدث عن إيجابية تحويل منتجات المزارعين إلى عصائر توفر فرصاً جديدة للعمل، واستثمار الفائض من الإنتاج، وأكد أن: «أسواق خضار "طرطوس" تتعرض سنوياً لضغط كبير في فترات الإنتاج الغزير، ويبقى المزارعون ساعات طويلة بانتظار بيع إنتاجهم من الحمضيات، وأحياناً التفاح، كذلك يتعرض الفريز لخسائر كبيرة في ذروة الإنتاج، وهناك تطور واضح في زراعة "الموز البلدي" وأعتقد أن هذا أيضاً سيؤدي إلى ضغط على هذا المنتج، من هنا يشكل تحويل هذه المنتجات إلى أشكال مختلفة وخصوصاً العصائر فرصة كبيرة لتصريف الإنتاج، وحقيقة فوائد هذه الخطوة من قبل المستثمرين لا حصر لها، باعتبار أن المكان الذي ينتج سيضم المصنع الذي سيحول المنتج إلى شكل صناعي آخر».

الأستاذ "علي نده"