فرص عمل كبيرة، ومردود اقتصادي هائل، يوفرها وجود أحواض عائمة محلية لصيانة السفن، ويستقدم المزيد من الموارد والخبرات الوطنية المهاجرة، فالبيئة والبنى التحتية متوافرة، لكن ينقصها الإرادة والتصميم.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 4 آذار 2014 المهندس "حسان محمود حمود" من نقابة مهندسي "طرطوس"، أحد القائمين على ورشة "صناعة النقل البحري"* ليحدثنا عن الوحدات والأحواض العائمة، فقال: «الوحدات العائمة هي كل قطعة بحرية تطفو فوق سطح المياه البحرية، ويعتمد تصميمها على دافعة أرخميدس أي مبدأ الكثافة وحجم الفراغ الداخلي للقطعة البحرية، وهنا يختلف تصميم الوحدات العائمة باختلاف مكان وخط السير والإجهادات التي يمكن أن تتعرض لها هذه الوحدة العائمة، إضافة إلى عمق وطول الغاطس.

لقد تمت دراسة المناطق البحرية السورية لمعرفة إمكانية استضافتها لهذه الصناعة البحرية المرعبة، وأشارت هذه الدراسات إلى إمكانية قيام هذه الصناعة بالمتابعة والتصميم عليها

وبالعموم نحن قادرون على إنتاج السفن بخبراتنا الوطنية التي تمتلك التجارب الجيدة، ولكنها تحتاج بالمطلق إلى رعاية حكومية، وإلى المزيد من الدورات التدريبية المتخصصة، ومن هذا المنطلق يجب أن يكون للخبرات الهندسية الميكانيكية والبحرية دور جيد في هذه العملية الإنتاجية الصناعية، للحصول على معايير جودة مناسبة ومطابقة للمعايير العالمية، ومن هنا جاءت أهمية وجود الحوض العائم الخاص لبناء وصيانة السفن السورية، الذي يؤمن مردودية اقتصادية عالية ويوفر فرص عمل كبيرة ويجذب القطع الأجنبي بكميات كبيرة، مع تحسين الشروط المعمول بها ومطابقتها عالمياً وتوفير خدمات متميزة، وبشهادات لهيئات تصنيف عالمية».

الدكتور رامي مصطفى حوا

ويتابع عن أهمية وجود أحواض عائمة، فيقول: «نظراً إلى توافر البنية التحتية الخاصة بالأحواض العائمة، من أعماق وموقع جغرافي، والخبرات الجيدة والمتمكنة، كان من المفروض التفكير بهذا المشروع الاستثماري الضخم، لما يحقق من مردودية اقتصادية عالية، وهنا لا يمكن الحديث عن رؤوس الأموال الطرطوسية، لأنها ضعيفة مقارنة مع تكلفة المشروع الضخمة، فهو بحاجة إلى دعم وإشراف حكومي رسمي».

وتعد الوحدات العائمة من أهم مقومات صناعة النقل البحري، فكل ما يتعلق بها من صيانة وإعادة تأهيل فيما لو توافر، يخلق مردوداً اقتصادياً لا يستهان به، وهذا بحسب رأي الدكتور "رامي مصطفى حوا" مدير عام "المؤسسة العامة للتدريب والتأهيل البحري"، وهنا أضاف: «يعدّ إنشاء السفن علماً قائماً بحد ذاته، ويعنى بمختلف جوانب بناء السفينة، من نوعية الحديد وسماكاته وطريق التعامل معه إلى طرائق تركيبه وتحمله للإجهادات البحرية، إلى اتزان السفينة داخلياً وخارجياً، وصولاً إلى الطلاء والرفاهية العامة، وهذا وفق مخططات يتم وضعها بمعايير عالمية، ومن ثم تنفيذها وفق تكنولوجيا بناء السفن في الأحواض، وهذا ما تعتمد عليه دول مطلة على البحر في دخلها الاقتصادي العام.

ميناء بانياس

وبالعموم نحن نملك مقومات نجاح هذا العمل، من إرث فينيقي متناقل ومهارات وخبرات وطنية عاملة في هذا المجال كما في "أرواد" و"طرطوس"، وبيئة ومواقع جاهزة للتأهيل والعمل، ولكن تنقصنا الخطوة الجريئة في مجال البدء، وهو الأمر الذي نعمل عليه حالياً، وتجاوزنا خطواته الأولى، ونناقش الخطوات اللاحقة للعمل».

الدكتور الربان "طه محمد لبادي" رئيس القسم البحري في "الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري" فرع "اللاذقية"، قال بدايةً عن أهمية الصناعة البحرية ونجاحها محلياً: «إن تعديل السفن وإصلاحها بأيدي خبراء ومهنيين محليين، قد يوفر الكثير من فرص العمل، ويساهم في عودة رؤوس الأموال وبالقطع الأجنبي، التي تصرف في أحواض مجاورة، حيث تعدّ هذه الصناعة البحرية ضعيفة في وقتنا الراهن، لعزوف ملاك السفن عن العمل بعد اضطرارهم لرفع أعلام غير "سورية"، ومن هنا تأتي أهمية وجود أحواض عائمة لإصلاح السفن في "سورية"».

الدكتور الربان طه محمد لبادي

ويتابع القبطان "طه": «لقد تمت دراسة المناطق البحرية السورية لمعرفة إمكانية استضافتها لهذه الصناعة البحرية المرعبة، وأشارت هذه الدراسات إلى إمكانية قيام هذه الصناعة بالمتابعة والتصميم عليها».

أما المهندس "نزيه السيد" وهو خبير ميكانيك آليات بحرية، واختصاص بحري، فقال: «من خلال خبرتي الممتدة لعقود في المجال العملي البحري، أؤكد أن خبراءنا في هذا المجال هم القائمون على أعمال الكثير من الأحواض العائمة في مختلف الدول، أي إنها خبرات تستحق الجذب والاستقطاب للعمل في بلادنا، علماً أن لدينا إمكانية التمويل والتشغيل لهذه الأحواض، ولكن لا أحد يدرك لماذا التعطيل في هذا المجال حتى الآن؟».

  • أقيمت ندوة ورشة "صناعة النقل البحري" لمدة يومين 3- 4 آذار 2014.