شكّلت حالاتُ الازدحام التي تشهدها بعض المرافق العامة هاجس مجموعة من الشباب في ظل الحذر المفروض لمنع انتشار فايروس "كورونا" المحتمل، فبادر المتطوعون في "طرطوس" إلى توزيع المعقمات ومنشورات التوعية على المتزاحمين، حاملين اسم مجموعتهم الافتراضية "وصل صوتك" عنواناً لهم.

مدوّنةُ وطن "eSyria" تابعت المبادرة التي انطلقت والتقت بتاريخ 18 آذار 2020 المتطوع "علي غانم"، الذي قال: «جميعنا شاهد وتابع وعايش حالات الازدحام التي فرضتها الظروف الحالية، فتزاحم الناس على كواة الصرافات الآلية بهدف الحصول على رواتبهم الشهرية أو التقاعدية، ومنافذ بيع "السورية للتجارة" بهدف الحصول على المواد التموينية المدعومة، وكوات بيع الخبز في الأفران المنتشرة بمختلف أحياء المدينة، وكذلك مراكز شركة "تكامل" الخاصة بإصدار البطاقات الذكية، وهذا التزاحم يشكل خطراً على الناس والمجتمع بشكل عام، وهو الأمر الذي دفعنا كمجموعة ناشطة على مواقع التواصل الاجتماعي للتنبه إلى هذه الحالة ومحاولة إيجاد الحلول الممكنة لها.

شيء جميل أن نرى من يقدر ظروف الناس ويحاول مساعدتهم، والأجمل أنه يدرك الوقت المناسب ويختاره بدقة وعناية كما في ظروفنا الحالية التي نحن فيها أحوج ما نكون إلى بعضنا البعض إنسانياً

فكان هناك بعد التشاور فيما بيننا كأعضاء فريق عدة اقتراحات، منها محاولة نشر التوعية الصحية تجاه كيفية حماية أنفسنا من خطر الإصابة بفايروس "كورونا" ضمن التجمعات البشرية التي تفرضها الظروف المعيشية، وأيضاً طرق التعقيم والنظافة الشخصية التي تعتبر شيئاً مهماً جداً في مواجهة خطر الفايروس، كما قمنا بتوزيع المعقمات على الأشخاص الموجودين في طوابير الازدحام، وكان لافتاً وجود الأطفال والكبار في العمر وهما أكثر شريحتين معرضتين للإصابة، ما يعني أن ما قمنا به كان إيجابياً جداً في حالة الإجراءات الاحترازية التي أعلنت عنها رئاسة مجلس الوزراء في الثاني عشر من شهر آذار الحالي».

المتطوع أحمد ملحم

ومن خلال رصد صدى المبادرة على المستفيدين قالت ربة المنزل "نبيلة أحمد" أحد المستفيدين: «شيء جميل أن نرى من يقدر ظروف الناس ويحاول مساعدتهم، والأجمل أنه يدرك الوقت المناسب ويختاره بدقة وعناية كما في ظروفنا الحالية التي نحن فيها أحوج ما نكون إلى بعضنا البعض إنسانياً».

توزيع المعقمات البروشورات التوعوية كما أكد "علي" تستمر لعشرة أيام، وهذا يتطلب مزيداً من الجهد والتكاتف الاجتماعي، وهنا قال: «الحملة التي انطلقت بتاريخ 17 آذار 2020 مستمرة لأسبوع قادم، وتعتمد على الجهد الميداني في مختلف أجزاء المدينة بين الجموع المحتشدة لطلب الرزق أينما وجدت، حيث يتم مسبقاً تفريغ كمية المعقم المراد توزيعها وهي ثلاثين ليتراً كحولياً نسبة تركيز المادة الفعالة فيه 75%، ضمن عبوات صغيرة وكبيرة عددها 250 عبوة».

علي غانم خلال التوزيع

وفي لقاء مع المتطوع "أحمد ملحم" من مجموعة "وصل صوتك" قال: «الفكرة من المبادرة هي جعل طوابير الازدحام أقل خطورة على حياة الناس وآمنة قدر الإمكان من نشر عدوى الفايروس المستجد إن وجدت كحالة غير مكتشفة أو سجلت بين المتزاحمين، لذلك قمنا باستهدافها وتوزيع المعقمات والبروشورات، والتي تم تجهيزها بجهود شخصية فردية منا كأعضاء فريق عددنا لا يتجاوز العشرة أشخاص، حيث تستمر المبادرة لعشرة أيام قابلة للزيادة حسب الظروف».

ويتابع: «في ظروفنا الحالية الكثير من الناس يعيش بمستوى حياة مادية أدنى من المتوسطة، وهذا يجعلهم غير قادرين على شراء المعقمات والكمامات باستمرار أو حتى لمرة واحدة، ويعيشون حياتهم بالاعتماد على رحمة الله، ومن هنا انطلقت فكرتنا بالمساعدة وتطورت بالنقاش فيما بيننا كفريق تطوعي ينشط على وسائل التواصل الاجتماعي».

خلال تجهيز عبوات التعقيم

أما المتطوعة "نداء الترك" فقالت: «الهدف بالنسبة لي أن نبقى جميعاً بخير وتبقى بلادنا خالية من الـ"كورونا"، وأن يمتلك الجميع ثقافة الوقاية منه، وأن يتحمل كل مواطن واجبه الوطني تجاه هذا الحدث الذي أرضخ أكبر دول العالم».

في حين أن المتطوعة "لودي ناصر" أكدت أن الحملة تتضمن توزيع منشورات توعوية تثقيفية صحية للوقاية من الفايروس طبعت بجهد شخصي، كذلك تعليمات خاصة بالنظافة العامة والشخصية الواجبة على الفرد كاستحقاق وطني، وهذا لاقى استحساناً من قبل الناس تلقينا صداه بنظراتهم وابتساماتهم، وخاصة الفتية والفتيات».