في ظل التطوّر التكنولوجي وتعدد أدواته، تأسست مبادرة "اقرأ معنا" بهدف تشجيع ودعوة الشباب للبحث عن المعرفة عبر الكتاب، من خلال الحوار الهادف والجاد، وغير ذلك من الأنشطة المتنوّعة والمحفّزة.

مدوّنةُ وطن "eSyria" التقت بتاريخ 5 كانون الثاني 2020 الأديبة والكاتبة "لبانة الجندي" لتحدثنا عن أهداف ملتقى "اقرأ معنا" المقام في "طرطوس"، والفئات التي يتوجه لها وأهم ما يقدمه، فقالت: «لطالما كانت القراءة هي التي ترقى بالشعوب من حيث تمازج الثقافات التي تغني الفكر، فالتنوع الثقافي هو ما يُنتج الحضارة، ومن هنا كانت مبادرة "اقرأ معنا"، وهي مبادرة تهدف إلى التشجيع على البحث عن المعرفة عبر الكتاب، سواء الكتاب الورقي أو حتى الإلكتروني، والملتقى دعوة للشباب الذين جذبتهم التكنولوجيا وأدواتها وأبعدتهم عن الكتاب، كي يتعرفوا على أهمية القراءة بشكل غير تنظيري، بل بالقدوة والمشاركة باللغة التي يتعامل معها، فلغة الشباب أصبحت أقرب للرقميات منها للكلمات».

لطالما كانت القراءة هي التي ترقى بالشعوب من حيث تمازج الثقافات التي تغني الفكر، فالتنوع الثقافي هو ما يُنتج الحضارة، ومن هنا كانت مبادرة "اقرأ معنا"، وهي مبادرة تهدف إلى التشجيع على البحث عن المعرفة عبر الكتاب، سواء الكتاب الورقي أو حتى الإلكتروني، والملتقى دعوة للشباب الذين جذبتهم التكنولوجيا وأدواتها وأبعدتهم عن الكتاب، كي يتعرفوا على أهمية القراءة بشكل غير تنظيري، بل بالقدوة والمشاركة باللغة التي يتعامل معها، فلغة الشباب أصبحت أقرب للرقميات منها للكلمات

وتتابع القول: «من المؤكد أنّ القراءة ضرورية في أي مرحلة عمرية، فهي لا تقتصر على سن محدد، أو على مستوى تعليمي معيّن، فالقارئ هو من يسعى للمعرفة التي ترقى بمستواه الفكري، وتصقل حضوره وآراءه، لكن برأيي أن التوجه للفئات العمرية الصغيرة وإلى فئة الشباب هو الهدف الأسمى لهذه المبادرات، سواء مبادرتنا أو المبادرات المشابهة لها، حيث تخلق حافزاً للقراءة من جهة وتفسح المجال لقيام حوار بين الأجيال على اختلافها من جهة أخرى، فالقارئ الصغير يحتاج إلى القدوة، والقارئ الشاب يحتاج إلى المحاور المثقف المرن، الذي يتقبل الآراء بصدر رحب وبسعة أفق تجعل من المثقف دليلاً له بشكل غير مباشر، وبشكل بعيد كل البعد عن التنظير من الكبار، الذي يرفضه الجيل الشاب خاصة من الأهل».

الأديبة لبانة الجندي

وعن نوعية الكتاب ورقياً كان أم إلكترونياً تضيف قائلةً: «في الحقيقة أنا شخصياً مع القراءة من أي مصدر وأي وسيلة، سواء كانت هذه الوسيلة ورقية أم إلكترونية، بالنسبة لنا نحن الجيل الأكبر لقد نهلنا من الورق ما يكفي، وما زلنا مولعين بالكتاب الورقي نظراً للحالة الحميمة التي نشعر بها، ونحن نحتضن الكتاب في ساعات الاسترخاء، كما في ساعات التعب، ولطالما كان هو المؤنس الدافئ المخلص لنا، لكن وفي زمن التكنولوجيا وعصر الرقميات، أصبحت أشجع على القراءة من أي مصدر، والمهم هو الحصول على المعلومة، وتوفير جو الحوار والتعرف على الثقافات المتنوعة لشحذ شخصية القارئ بما يغنيه في صقل معارفه، لكي ينتج فكراً يرقى بمجتمعه، هذا من ناحية رأيي الشخصي، لكن من ناحية أخرى يقوم الملتقى -أعضاءً وداعمين- بالتشجيع على إعادة الاعتبار للكتاب الورقي بين يدي أطفالنا وشبابنا، من خلال توفير ميزة الاستعارة من المكتبة التي أنشأها الملتقى بمبادرات فردية وجماعية متعددة، وبشروط راقية ومريحة جداً، وكذلك تقديم الهدايا في ورشات العمل والأنشطة التي يقوم بها، ككتب مطالعة تناسب كافة الأعمار المشاركة، وبذلك يتم التوجه للتكنولوجيا بالشكل الأمثل مع التشجيع على اقتناء الكتاب الورقي، وتحفيز الأهل على توفير مكتبة ورقية لهم ولأطفالهم في منازلهم، والحقيقة يعتبر ملتقى "اقرأ معنا" من أنجح الأنشطة الموجودة حالياً على الساحة الثقافية، فمن خلال مشاركاتي في نقاشات الكتب المتنوعة على مدار خمس سنوات حتى الآن لم نشهد خلالها إلا الألفة والفائدة وزيادة وتنوع المشاركين بالانضمام إلى هذه الأسرة، إضافةً إلى النشاط الأساسي وهو مناقشة كتاب في كل شهر، إلى جانب العديد من الأنشطة المتنوعة والمميزة، كمسابقة كتابة القصة القصيرة للأطفال، وماراثون القارئ الصغير، وهذا ما أضاف لملتقانا عدداً لا يستهان به من المتابعين من الأطفال وأهاليهم.

ومن أجمل المبادرات كانت مبادرة ماراثون القارئ الجامعي، تم من خلالها اختيار القارئ الجامعي الأول، بالإضافة لبقية المراتب، وتم توزيع الجوائز عليهم، والهدية بالتأكيد هي مجموعة كتب متنوعة وقيمة».

الشاعر حسن بعيتي

وسائل التواصل الحديثة جعلت الغالبية العظمى من الأجيال الشابة بعيدةً عن الكتاب والقراءة، ما جعل من هذه المبادرات ضرورةً لا بد منها، وعن أهمية التكثيف من هذه المبادرات الهادفة لإعادة الاعتبار للكتاب بعد تراجعه أمام الغزو التكنولوجي من جهة، وارتفاع أسعار الكتب من جهة أخرى قالت: «وسائل التواصل الافتراضية غطت على العلاقات الواقعية، وقللت من الحضور الجماهيري في أي نشاط ثقافي، وفسحت المجال للكل لأن يكتب ما في خاطره، وهنا اختلطت المفاهيم التقييمية للكتابة، الحقيقة أنّ المسؤولية تقع من جهة على عاتق الفرد إن كان قارئاً مثقفاً في نشر ثقافة التعامل مع الكتاب ضمن المحيط الموجود فيه، ومن ناحية أخرى يقع جانب من المسؤولية على الوزارات المعنية، وأخص وزارة الثقافة فهي المعنية بتوفير الكتب بأسعار محفزة، وأيضاً التوجه نحو الأنشطة التي ترقى بالمتابع، أما التكنولوجيا فيمكن توجيهها كأي منتج حضاري لصالح المعرفة وليس لإدمان اللهو واللعب».

الأديب والشاعر "حسن بعيتي" قال: «مجتمعنا اليوم بحاجة إلى كثير من الخطوات الجوهرية للخروج من حالة الركود والتخبط، وأهم خطوة يمكن أن تساهم في ذلك العمل هي نشر ثقافة القراءة كعادة يدمنها أكبر عدد ممكن من الناس، والتي بفضلها فقط يمكن رفع مستوى الوعي الفردي والجمعي، وبسببها حدثت تلك الفجوة الهائلة بيننا وبين المجتمعات المتقدمة، فهي أهم وأعمق أشكال الاحتكاك بالآخر لمعرفته والاغتناء بما يضيفه إلينا من وجوه الحقيقة التي لا تكتمل ذواتنا إلا بها، وهذا بالضبط ما تحدثت به للأصدقاء في جلستنا الأولى في ملتقى "اقرأ معنا" قبل عدة سنوات في "طرطوس"، وأوضحت أن القراءة هي المعيار الذي نقيس به، أو بمساحة ومستوى انتشاره، درجة فعالية المجتمع في أيّ أمة من الأمم، بل ودرجة امتلائه بالحياة وحركته باتجاه مستويات أعلى من التحضر، والحقيقة أن الملتقى كتجربة أنا جزء منها، ينتقل اليوم من نجاح إلى نجاح، وأعتقد أنه اليوم وبعد عقد ما يقارب أربعين جلسة مناقشة لكتب وروايات متنوعة من كل أصقاع الأرض، أصبح الفعالية الثقافية الأكبر والأكثر فعالية، والتي أصبحنا نلحظ نضوج ثمرتها أكثر وأكثر مع مرور الزمن».