الجمال الطبيعي للشواطئ البحرية بتكوينها وتشكيلاتها الفريدة عامل جذب مهم للكثيرين من محبي السياحة لزيارتها، على الرغم من ضعف الخدمات الشاطئية المتوفرة، التي بدأت ملامح الوعي لها تتبلور وتفعّل لصناعة سياحة شاطئية لا تنضب.

الكثيرون من المتنزهين والمصطافين على الشواطئ البحرية ممن أدركوا جمالية هذه الشواطئ البحرية يعتمدون على جهدهم الخاص في تأمين خداماتهم لرحلاتهم الشاطئية، وهذا بحسب حديث المهندس "بهجت وردة" أحد من التقتهم مدونة وطن "eSyria" على شواطئ مدينة "بانياس" بتاريخ 27 أيلول 2015، حيث أضاف: «نحن نحتاج إلى الكثير من الوعي الشاطئي، وبدقة أكبر نحتاج إلى نشر ثقافة أهمية هذه الشواطئ على مختلف الصعد، لندرك الخدمات التي يمكن توفيرها لصناعة سياحة تليق بشواطئنا الغنية بمكوناتها الطبيعية وتضاريسها المنافسة لمختلف الشواطئ المطلة على البحر المتوسط، حيث إن هذا النوع من السياحة لا يقل أهمية عن أي صناعة قائمة في البلاد، بل يمكن أن تكون منافسة من حيث المردود المادي فيما لو استثمرت بالطريقة الصحيحة بالاعتماد على التجارب العربية والعالمية في فكرها الاستثماري.

هو قيد التنفيذ بنسبة حوالي ثمانين بالمئة، هو منتجع أو قرية سياحية شاطئية تحوي المطاعم والنوادي الترفيهية والملاهي ومسبحاً ومدينة ألعاب و"مولات"، وهي خطوة جديدة في عالم الصناعة السياحية الذي بتنا ندركها ونعمل لأجلها بكل طاقاتنا

فنحن وأسرتي في كل زيارة إلى شواطئ المدينة البحرية، نحضر كل ما يلزمنا من أدوات وتجهيزات ومواد أولية لزوم ساعاتنا المتعددة التي نقضيها هنا بغية التمتع والاستجمام، فنحضر الكراسي والطاولة والمشروب الساخن وغيرها مما نرغب به، لأن هذه الخدمات وإن توفرت في الموقع الشاطئي المطلوب تكون بأسعار مرتفعة جداً لا تتناسب وقيمتها الحقيقية، وهنا مقدمها لا يجد المنافسة من غيره، ويقدمها بطرائق شعبية بسيطة غير جاذبة للتمتع بها، فهو غير مدرك لأهمية ما يقدمه إلا مادياً، وذلك من دون النظرة الشمولية للاستدامة».

كورنيش بانياس

السيدة "عبير رحال" ربة منزل؛ الصديقة الدائمة للشاطئ البحري، قالت: «فكرة صناعة سياحة من هذه الشواطئ لها أهمية كبيرة تبدأ من التثقيف والوعي بقيمتها، فنحن أغلب الأحيان ندرك للأشياء قيمة، فلماذا عليّ حمل الكثير من الأغراض والتجهيزات المنزلية ومنها غاز التسخين مثلاً، إلى الشاطئ لقضاء ساعة أو ساعتين من المتعة السياحية بأبسط التكاليف المادية، في حين أنه يمكن التمتع بذات السياحة على شواطئ "اللاذقية" وبأجور رمزية تتناسب والموقع الشاطئي».

وتتابع: «عادة نخرج من الكتل الإسمنتية "المنازل" في أغلب أوقات الصيف المسائية لقضاء أجواء حميمية مع جميع أفراد الأسرة؛ وهو ما يعني أن لهذه السياحة أهمية في العلاقات الاجتماعية وتقويتها، ويساهم في ذلك بائع الألعاب مثلاً أو الذرة أو "البوشار" بما يوفره للأطفال خلال الرحلة، حيث لا يعدّ الطفل رحلته الشاطئية ذات قيمة أو متعة إن لم يحصل على شيء منها، وهذا برأيي شيء إيجابي على المهتمين التفكير به واستثماره لصناعة سياحة شاطئية لا تنضب وتوفر فرص العمل».

الخيم على شواطئ موقع الأحلام

وفي لقاء مع المهندس "سومر حسن" مدير فرع الشركة السورية للنقل والسياحة بـ"طرطوس" قال: «بدأنا ندرك أهمية صناعة سياحة شاطئية من خلال توفير الخدمات السياحية ونشر الوعي السياحي، وبدأ هذا من خلال التفكير ثم العمل على تحويل شاطئ مهجور لقرابة خمسة عشر عاماً وهو شاطئ موقع "الأحلام" جنوبي مدينة "طرطوس"، محدود الزوار والخدمات، مقارنة مع الشواطئ الساحلية الشاطئية المعروفة في محافظة أخرى، إلى شاطئ مخدم بخدمات سياحية راقية وبأجور رمزية بغية التعريف بهذا الشاطئ وجماله الطبيعي الذي كان استثماره بمنزلة صناعة سياحة نوعية على مستوى الشريط الساحلي».

ويتابع: «الوعي السياحي مهم جداً في صناعة السياحة، لذلك كان التعريف بالشواطئ أمراً مهماً في تنمية هذا الوعي، فرواد شواطئ "اللاذقية" مثلاً أكثر بكثير من رواد شواطئ "طرطوس" خلال المواسم السياحية، وذلك نتيجة الخدمات السياحية المتوافرة والوعي السياحي للسياحة البحرية، واللافت بالأمر أن في عمق هذه الأزمة بدأنا نتلمس الوعي السياحي تجاه شواطئنا السياحية، فالوعي والرغبة من الناس هو حافز لتأمين الخدمات السياحية، ويأتي هنا العامل الأساسي من الضغط في أعداد السكان والتنوع الاجتماعي الحاصل في المحافظة، حيث خلق رفداً للفكر الثقافي الخاص بالحركة البحرية السياحية الشاطئية، فأصبحنا نجد التنوع في المطاعم والخدمات السياحية الجاذبة، ففي كل مدة نرى خدمات سياحية جديدة جاذبة، ولكل منها اختصاصها ومؤهلاتها وعوامل جذبها الخاصة المختلفة تماماً عن غيرها، وهذا بحد ذاته جاذب لعشاق السياحية ومرتاديها، حيث بتنا نجد فروعاً جديدة لأقوى سلسلة مطاعم في "سورية" كـ"الجيميني" و"النارنج"».

المهندس سومر حسن

إذاً، التنوع الاجتماعي هو من حرك رأس المال، وهنا قال المهندس "سومر": «لقد ساهم التنوع الاجتماعي الجديد في المحافطة بخلق الحوافر للاستثمار السياحي الجاذب للسياحة الشاطئية بما تشمله من كورنيش وشواطئ رملية، حيث امتلكوا الأفكار الخلاقة تجاه هذا الأمر والمال الجاهز للتوظيف، فشواطئنا اليوم تختلف تماماً عنها في عام 2010 مثلاً، ونحن بدورنا أطلقنا مشروع الرحلات البحرية من خلال مركب كبير مجهز بكافة وسائل الرفاهية البحرية منها الإطعام واستراحات الجلوس وأنظمة الأمان والحماية المتطورة والشاملة، وكأنه مطعم متنقل بحرياً، ويتسع لحوالي سبعين شخصاً».

وعن مشروع "شاطئ الأحلام" أو مشروع "سوريانا" يقول: «هو قيد التنفيذ بنسبة حوالي ثمانين بالمئة، هو منتجع أو قرية سياحية شاطئية تحوي المطاعم والنوادي الترفيهية والملاهي ومسبحاً ومدينة ألعاب و"مولات"، وهي خطوة جديدة في عالم الصناعة السياحية الذي بتنا ندركها ونعمل لأجلها بكل طاقاتنا».