يدرك بعض الأشخاص أهمية تنمية الذائقة والحس بالمسؤولية والشخصية الاجتماعية للأطفال، فيثابروا كل عطلة مدرسية لمشاركة أطفالهم في الأنشطة الترفيهية بمختلف تصنيفاتها، لكن بعضهم الآخر يرون في العطلة فرصة لتكثيف الدورات المدرسية.

ولكن من وجهة نظر الأطفال الحالة مختلفة تماماً تجاه رجحان التجارب بالأنشطة الترفيهية وانعكاساتها الإيجابية، فالشاب "علي خطيب" المحب لعزف العود والمتمرس عليه منذ أربع سنوات، يؤكد أهمية الترفيه للعودة المبشرة إلى الحصص الدراسية، وهنا قال لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 2 آب 2015: «لم أجد صعوبة في إقناع أسرتي باتباع دورات موسيقية ترفيهية في العطلة الصيفية، فهي ميالة تجاه الموسيقا بوجه عام، والدي عازف بالأساس، وبداية كل عطلة صيفية أتوجه نحو الدورات الترفيهية التي تملأ أوقات فراغي بعيداً عن المناخ التدريسي خلال العام الدراسي، وأنتظر هذه الأيام بفارغ الصبر، لأكون نشيطاً في متابعة تحصيلي العلمي، حيث أعود إلى المدرسة وأنا بشوق لزيادة معرفتي وتحسين مستواي العلمي والمعرفي؛ على عكس بعض الأصدقاء الذين يعودون وهم مكدرون من هذه العودة، لأنهم لم يحصلوا على أجواء الترفيه في العطلة، فتراهم باستمرار متذمرين من حجم المعلومات التي يحصلون عليها على مدار العام؛ وهو ما يؤدي بهم إلى بعض التشتت خلال الحصص الدراسية باحثين عن فرصة تسلية أو خلق هذه الفرصة».

في إحدى ورشاتنا كان من المتابعين طفلة في الروضة كمستمعة فقط، وبعد انتهاء التدريب تفاجأنا أنها قد حفظت الأغاني بأداء لافت وجميل ومتقن، وهذا دفعني لإشراكها بالعمل النهائي، وتقديمها أغنية مع الأستاذ "أمين الخياط" على الفضائية السورية

ويتابع الشاب "علي"، فيقول: «لقد تحسنت علاقاتي مع أصدقائي في المدرسة، وشعرت بقبول كبير لكل معلومة علمية أحصل عليها خلالها، لأنني خلال العطلة الصيفية كنت بعيداً جداً عن هذه الأجواء ولم أملّ منها، وهذا منحني قدرة استيعاب أكبر شعرت بها وأسرتي، وهو ما شجعهم على متابعة تمتعي بالأنشطة الموسيقية الترفيهية، التي هي بالأساس تعليمية وتنموية».

الشاب علي خطيب يعزف على العود

الشابة "كوكب صالح" عازفة كمان، قالت: «أنا طالبة صف ثامن وأعزف الكمان من حوالي عام، وأحب هذه الآلة الوترية كثيراً لأنها تشعرني بالسعادة خلال التعامل معها، وتريح ذهني وتجعلني قادرة على استيعاب كل شيء بعد قضاء بعض الوقت معها.

أجد فيها إحساساً جميلاً لا أجده في القلم والورقة، لكنها تساعدني على العودة النشيطة إلى تحصيلي العلمي خلال العام الدراسي، فمنذ سنوات أواظب على ممارسة مختلف الأنشطة الترفيهية خلال العطلة الصيفية، بعيداً عن الأجواء الدراسية الصعبة، وخاصة مع تغير المناهج وتوجه الكثيرين من الزملاء إلى الدورات المكثفة خلال المدرسة والفترة الصيفية، حيث أصبحت الشغل الشاغل لهم، لذلك أجدهم باستمرار متذمرين ومتأففين».

موسيقا وترفيه

وتتابع: «لقد ساهمت الأنشطة الصيفية بتحسين مستواي وتحصيلي العلمي، لأنني أستقبل العام الدراسي وأنا مرتاحة نفسياً، وجعلتني على تماسٍ مباشر مع أصدقاء جدد وباستمرار؛ وهو ما جعلني أشعر بحميمية تجاه جميع زملاء المدرسة، على عكس بعض الأصدقاء الذين يكوّنون مجموعات رفاقية لا يخرجون منها».

المهندس "مروان حسن" والد الطفلة "أمل حسن" المشاركة في كل عطلة صيفية بالكثير من الأنشطة الترفيهية، ومنها الموسيقية، قال: «علينا أن نقتنع أن الأطفال بحاجة إلى الترفيه كالتعليم، لأن هذه الجانب مهم جداً لتحسين مداركهم العقلية والاجتماعية، فيجعلهم قادرين ومقبلين على تحصيل علمي أكثر جدوى ومحاكاة للحياة الواقعية، بعيداً عن التحصيل العلمي المتعلق بالشهادة فقط، خاصة أن الزمن متغير ومتجدد تجاه تطور سريع قد يخلق أزمة بين الأسرة والطفل إن لم تتم مواكبته بالترفيه وفتح الأفق أمامهم، فهؤلاء الأطفال يملكون طاقات كبيرة تحتاج إلى توجيه، والترفيه يوجهها توجيهاً جيداً وينميها، ويصنع لها القوالب العلمية والاجتماعية والفكرية المناسبة».

الشابة كوكب صالح تعزف على الكمان

وفي لقاء مع الفنان المغني والموسيقي "علاء صالح" قال عن أهمية الترفيه في العطلة الصيفية بالنسبة للأطفال: «استثمار عطلة الصيف بالترفيه هو واجب على كل أسرة، لأنه إن لم يتم استثمارها بهذه الطريقة سيذهب الطفل أو الفتى إلى المشكلات وغيرها، فهي سبيل لتنمية طاقات الأطفال وتوجيهها، وخير مثال على هذا -إن لم أذكر أطفالاً تحسنت قدراتهم التعليمية بعد ممارستهم الترفيه والموسيقا- ابنتي التي فاجأتني بقوة شخصيتها بعد أن مارست الموسيقا في العطلة الصيفية، لأنني -وعلى صعيدي الشخصي- لم أوجهها إلى الدورات الدراسية في الصيف، على الرغم من وجودها وإقامتها واتباعها في مدرستها من قبل الكثيرين من زملائها، بل وجهتها إلى النشاطات التنموية الترفيهية، فالموسيقا والغناء الهادف كما بقية الأنشطة الترفيهية ذات دور مهم جداً في تنمية الأفكار والقدرات والمدارك بوجه كامل».

ويتابع: «من المهم جداً عدم حشر الطفل في العطلة الصيفية بالمناخ الدراسي، بل بما يساعده على تنمية مهاراته وقدراته وذائقته التي هي بالأساس دفينة أو بحاجة إلى تنمية وتوجيه، فمن المفترض من الأهل توجيه أبنائهم إلى مختلف الأنشطة الترفيهية ومنها الموسيقية، فهي بمرحلة من المراحل أهم من الدراسة، وخاصة في الصيف، لأنها تساهم في تقوية شخصيتهم، وخير دليل على ذلك وقوف الطفل أمام الناس وتقديم موهبته أو إبداعه مباشرة، وهذا على عكس الكتاب الذي يمنحه المعلومات والمعرفة فقط بعيداً عن تنمية الشخصية.

فبالعزف أمام الناس مثلاً ينشأ حوار خاص بين الطفل وبين الحضور، وبينه وبين رفاقه في النشاط الترفيهي، وهذا الحوار مهم بمختلف جوانبه وفق تجارب تحدث بها الأهل بعد انتهاء الأنشطة الترفيهية المتبعة.

ولا ننكر أن الطفل يتعرف إلى أصدقاء جدد، ويتعلم العمل الجماعي ضمن الفريق، بعملية العزف الجماعي، وهو ما يمكن تسميته الحميمية، ونحن بأمس الحاجة إلى هذه الحميمية والحالة الجماعية، إضافة إلى الجرأة والقوة وتنمية الجمالية والذوق والإحساس».

ويضيف: «في إحدى ورشاتنا كان من المتابعين طفلة في الروضة كمستمعة فقط، وبعد انتهاء التدريب تفاجأنا أنها قد حفظت الأغاني بأداء لافت وجميل ومتقن، وهذا دفعني لإشراكها بالعمل النهائي، وتقديمها أغنية مع الأستاذ "أمين الخياط" على الفضائية السورية».