تعد الخدمات الصحية المقدمة في المستشفيات الحكومية منحة للمرضى من مختلف المستويات الاجتماعية، لكن وفق تعاملات بعض الأطباء تظهر أنها نقمة تفسد عليهم مصدر استجرار مالي معين، ولكل قاعدة شواذ.

الحالة المرضية حالة اجتماعية جمعية، والاستشفاء منها أمر مفروض لا بد منه، فيلجأ المريض بداية إلى العيادات الطبية الخاصة لمعرفة وتشخيص هذه الحالة المرضية، فيرى نفسه في مستشفى خاص يقدم له الخدمات الطبية التي ينتظرها، لكن بأجور قد تفوق طاقته وإمكانياته المادية، وهنا قال الشاب "محمود درويش" لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 20 أيار 2015: «يلعب هذا الدور غير الجيد الثقة بالطبيب، حيث يلجأ المريض بداية الأمر إلى طبيب يعرفه ضمن حيه أو قريته ليستشيره، فإن كان مرضه بحاجة إلى دخول المستشفى يبدأ الطبيب الحديث عن قيمة الخدمات الطبية التي يقدمها المستشفى الخاص، ولا يتطرق إلى الخدمات الصحية في المستشفى الحكومي، والمريض هنا لا يدرك الحالة الخاصة أو العلاقة التي تجمع الطبيب بهذا المستشفى، وهي عموميات شائعة بين الناس جميعاً.

في وقتنا الحالي -للأسف- المواطن هو من فقد الثقة بكل ما يخص هذا الجانب الصحي؛ نتيجة واقع معاش فرضه الدكتور بالعموم، ويقوم هذا الواقع على عملية الترغيب بالمستشفيات الخاصة، من خلال الحديث المثار في العيادة الخاصة له، فيمدح عمل المستشفيات الخاصة، ويستهزئ بخدمات الحكومية منها، ونحن كمواطنين تأخذنا الإشاعات والأحاديث من دون الرجوع إلى مصداقيتها وواقعيتها، فمن مصلحة الدكتور أن يقدم خدماته الطبية في مستشفى خاص، حيث يحصل على نسب مالية نتيجة هذا الاستشفاء، بصرف النظر عن الحالة المادية والاقتصادية للمريض، أو الاكتراث لها وتقديرها عاطفياً، لإرشاده إلى الأنسب والأفضل له أي للمواطن

لكن الحالة المميزة بالنسبة لي أن قريتنا "العصيبة" في ريف مدينة "بانياس" قد حظيت بطبيب يعرفه جميع أبناء المدينة، ويعرفون تواضعه وتعاطفه اللا محدود مع المرضى، وفي حالات الاستشفاء المستعصية لديه ضمن العيادة الخاصة أو التي تتطلب زيارة المستشفى، يوجههم إلى الحكومي منها، ويوضح لهم بكل صراحة وثقة قيمة الخدمات الاستشفائية التي يقدمها، لأنه مدرك لقيمتها وتكاليفها المادية البسيطة، التي تصل إلى الحدود المجانية في بعضها غير المصنف كهيئات استشفائية، حيث تتقاضى هذه الهيئات أجوراً، لكنها رمزية بالمطلق.

محمود درويش

وهذا ما يجعلني كمواطن أثق وأقدر قيمة الخدمات الاستشفائية التي تقدمها المستشفيات الحكومية، علماً أن هناك بعض الأطباء من ضعاف النفوس، يحاولون من خلالها جر المرضى إلى عياداتهم الخاصة لتقاضي بعض الأجور أو ما يسمى المعاينة السريرية أو الاستشفائية، أملاً منهم بأنها حق لهم، وهذا غير سليم، لكنه واقع، وهنا يمكن التأكيد على أن المستشفيات الحكومية تقدم خدماتها الصحية الموكلة إليها وفق روتين وتراتبية عمل قد يتململ منها المريض أحياناً».

الشابة "ليلى ونوس" ترى أن المستشفيات الحكومية مهمة جداً في القطاع الصحي، لأنها تقدم الكثير من الخدمات الصحية المطلوبة مباشرة للمواطن، وتضيف: «في وقتنا الحالي -للأسف- المواطن هو من فقد الثقة بكل ما يخص هذا الجانب الصحي؛ نتيجة واقع معاش فرضه الدكتور بالعموم، ويقوم هذا الواقع على عملية الترغيب بالمستشفيات الخاصة، من خلال الحديث المثار في العيادة الخاصة له، فيمدح عمل المستشفيات الخاصة، ويستهزئ بخدمات الحكومية منها، ونحن كمواطنين تأخذنا الإشاعات والأحاديث من دون الرجوع إلى مصداقيتها وواقعيتها، فمن مصلحة الدكتور أن يقدم خدماته الطبية في مستشفى خاص، حيث يحصل على نسب مالية نتيجة هذا الاستشفاء، بصرف النظر عن الحالة المادية والاقتصادية للمريض، أو الاكتراث لها وتقديرها عاطفياً، لإرشاده إلى الأنسب والأفضل له أي للمواطن».

محمد علي

السيد "محمد علي" أجرى عملاً جراحياً لإصبع قدمه في مستشفى خاص بناءً على توجيهات طبيبه في القرية، وهنا قال: «بعض الأطباء من أصحاب العيادات يملكون أسهم في مستشفيات خاصة، ومن مصلحتهم زيادة عدد مرضاها، لذلك يتم الترويج لها في تلك العيادات.

وما حدث معي أنني لجأت إلى أحد الأطباء بناءً على أحاديث أبناء القرية عن مهارته، وبعد عدة جلسات معاينة وجهني لضرورة إجراء عمل جراحي لإصبع قدمي في مستشفى خاص يعمل به، مع أن المستشفى الحكومي الذي ترددت إليه عدة مرات قدم لي الخدمات الاستشفائية المطلوبة ومجاناً، وهو ما كوّن لدي ثقة كبيرة بما يقدمه من رعاية استشفائية دفعتني إلى سؤال الطبيب لماذا ليس في مستشفى حكومي فأوفر تكاليف مادية قد ترهقني، فأجابني أنه لا يعمل به، وبالعموم العمل الجراحي في الخاص لن يكلفك أكثر من عشرة آلاف ليرة سورية، وهنا لم يكن لدي خيارات سوى القبول لثقتي بالطبيب.

ليلى ونوس

المهم بالأمر أنني وخلال دفع فاتورة المستشفى تفاجأت بأنها تجاوزت العشرة آلاف ليرة بكثير، فعاتبت الطبيب عند أول زيارة له لي في المنزل لفك القطب، وهنا شعرت من خلال حديثه بأن ثقتي لم تكن بمكانها، وكان المفروض علي اللجوء إلى المستشفى الحكومي».

وبالعودة إلى حديث الشابة "ليلى" أكدت أن المستشفيات الحكومية تقدم خدماتها على أكمل وجه، وهذا وفق حقائق واقعية تحدثت عنها بالقول: «تعرضت أختي لحادث سير بقيت نتيجته خمسة عشر يوماً مقيمة في المستشفى الحكومي تتلقى العلاج، وهنا فرض عليها إجراء عدة عمليات جراحية، أهمها تركيب صفائح مكان الإصابة، فأحضرت هذه الصفائح الطبية بمساعدة المستشفى الحكومي وعلى نفقته الخاصة، حيث كان من المفروض عليها لو نقلت إلى مستشفى خاص أن تتكفل بالقيمة المرتفعة لهذه الصفائح الطبية، ناهيك عن العناية المركزة التي حظيت بها، التي كانت ستكلفها الكثير فيما لو كانت في مستشفى خاص.

إذاً، مجمل هذا خلق لدي الثقة بالمستشفيات الحكومية، وهو ما يدفعني للقول لا غنى عنها مهما كانت، على الرغم من وجود بعض الأطباء المتعمدين لحالة التخريب في عقول المواطنين الراغبين بالاستشفاء فيها، وهنا أضع الحق على الطبيب مهما كان اختصاصه، ومهما كانت صفته الوظيفية في القطاع الخاص أو العام».