استطاع العمل الأهلي في قرية "بستان الحمام" سحب مياه نبع جبلي إلى مكان يستفيد منه كثيرون من الناس في قرية تشتهر بينابيعها الصافية، ولمسافة تزيد على 2كم.

يقع النبع في حارة تحمل نفس اسم النبع في تلك القرية التابعة لمنطقة "بانياس" محافظة "طرطوس"، أطلق عليه اسم عين "بطة" أو "البطة" منذ وقت لا يعرفه أحد، فلربما كان فيها نبع مماثل حمل هذا الاسم في قديم الزمان، أما نبع عين "البطة" نفسه فهو حديث النشوء هنا، فقد بني في موقعه الحالي في نهاية السبعينيات.

حتى وقت قريب بقي النبع مكاناً نقصده لتعبئة المياه للشرب، فمياهه عذبة ولا يوجد مثيل لها خاصة لمشروب الشاي، فطعمها طيب وخفيف، لذلك يحبها الناس ويحرصون على طقس تعبئة الأواني و"البيدونات" منه، وقد كنا ننقل على الدواب بـ"الراوي"* منه إلى بيوتنا

يقع مركز النبع الأساسي على سفوح جبل يسمى جبل "الأسْود" بالقرب من منطقة عين "الجوز"، يتحدث "محمود شاهين" من أهالي القرية لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 12 حزيران 2015، فيقول: «أغلب مناطقنا تسمى نسبة لعين المياه التي تظهر فيها، فهناك إضافة إلى عين "الجوز" و"البطة" عين "الخريبة" الذي يقع أيضاً على مسار نبع عين "بطة"، وكل منها مختلف الغزارة عن غيره، وقد تم تجميعها كلها في مواقع يستفيد منها الأهالي في السقاية والشرب خاصة في ظل شح متزايد للمياه في السنوات السابقة وعدم جر مياه ينابيع جديدة إلى القرية».

من مصادر التغذية

نهاية السبعينيات اجتمع أهالي القرية في حارة "عين بطة" واتفقوا على جر مياه النبع إلى أعلى الحارة وتجميع المياه في عدة برك لاستخدامها في سقاية المزروعات والشرب أيضاً، يذكر المحامي "آصف سليمان" من أهالي الحارة، "ولأن منطقة النبع الأساسية تقع في منطقة مرتفعة من أعلى القرية، فقد تم سحب المياه من دون الحاجة إلى مضخات نتيجة لانحدار المنطقة وغزارة المياه التي تتغذى من مياه المطر وهي صالحة للشرب والسقاية معاً".

تتدفق المياه بغزارة تقترب من ثلاثة إنشات شتاء، وتنقص إلى إنش ونصف الإنش صيفاً، لكنها تبقى جارية ويستخدمها الناس هنا، يذكر "سليمان" من أهالي القرية أيضاً، أنه تم تجميع المياه في بركتين منفصلتين؛ تستجر المياه منهما لري المزروعات في الحارة ومنها الخضراوات وأشجار الحمضيات، ويضيف: «لمسافات تبلغ مئات الأمتار يسحب الأهالي المياه وفق دور متفق عليه بالساعات أو الأيام، ويلتزم الجميع بدورهم محافظين على هذه النعمة من الهدر، ومع وجود فائض من المياه فإن الحنفية الأساسية للنبع التي أقيمت عليها نقطة توزيع تسقي في فصل الصيف مع اشتداد الحر وقلة مياه الشفة نسبة جيدة من أهالي القرية كلها ومن مناطق خارج القرية أيضاً؛ حيث تملأ الصهاريج وخاصة ليلاً».

محمود شاهين

تم تمديد قساطل من البيتون المدعم من نقطة التجميع في نقطة "عين الجوز" إلى "عين البطة" بطول حوالي واحد كيلومتر، وتغطيتها حفاظاً لها من التخريب بسبب الأمطار أو العوامل الأخرى، وتجرى صيانة سنوية لهذا المسار من قبل الأهالي أنفسهم أو من قبل مؤسسة المياه في القرية.

كانت المنطقة المحيطة بالنبع حتى عهود قريبة مركزاً اجتماعياً يتجمع عنده الناس للحديث والكلام ومتابعة شؤون القرية، إضافة إلى الأعراس التي انتقلت من الهواء الطلق إلى الصالات، تذكر السيدة "مارية إبراهيم" أنها شهدت عدة أعراس في محيط النبع في الثمانينيات والتسعينيات، وقد كان كل أهالي القرية يجتمعون حول النبع وفي محيطه للدبكة والأكل وحضور الفرح، تضيف قائلة: «حتى وقت قريب بقي النبع مكاناً نقصده لتعبئة المياه للشرب، فمياهه عذبة ولا يوجد مثيل لها خاصة لمشروب الشاي، فطعمها طيب وخفيف، لذلك يحبها الناس ويحرصون على طقس تعبئة الأواني و"البيدونات" منه، وقد كنا ننقل على الدواب بـ"الراوي"* منه إلى بيوتنا».

بئر تجميع

  • "الراوي": أداة مصنوعة من الجلد أو الكاوتشوك تتم خياطتها من جهتين وتترك في أعلاها فتحة لتعبئة المياه، وقد انقرض استعمالها كلياً.