في ظل تقلب الأسعار وضعف تطبيق الضوابط القانونية لم تستسلم "أمل سليمان" وتمكنت من خلال مبادراتها الخاصة من تحديد متطلباتها الحياتية بما يكفل كبح جماح تقلبات الأسعار اليومية المرهقة.

الجينة السورية كما وصفها الفنان "جورج شمعون" مبدعة وخلاقة، فلا عجب أن نرى تكيف وتأقلم من يمتلكها مع واقع الأسعار المتذبذبة يومياً، والمرهقة لأصحاب الدخل المحدود.

أنا ابنة قرية رغم إقامتي في المدينة، وهذا دفعني للاعتماد على منتجاتها المتعددة والمتنوعة، ففي كل زيارة إلى قريتي "خربة المعزة" أحضر منها كل ما أحتاج إليه لمدة أسبوع تقريباً، مما يتوافر فيها من زراعات ومنتجات حيوانية كالحليب ومشتقاته، إضافة إلى زراعة بعض الخضار في حاكورة المنزل التي يعتني بها أهلي بالعموم، حيث أقصد القرية بالاعتماد على وسائل النقل الجماعية من دون الاعتماد على النقل الخاص، لأن ما قد أوفره مما أحضره منها بسعر التكلفة، قد أدفعه أجور مواصلات في وسائل النقل الخاصة "التكسي"

فكل أصحاب هذه الجينة الخلاقة لهم حاجياتهم اليومية وهمومهم المعيشية، التي توازى معها إبداعهم وتكيفهم مع تقلبات أسعار هذه الحاجيات والهموم، فالمدرسة في المعهد التقني للفنون "أمل سليمان" لم تستسلم لجشع التجار المسيطرين على متطلباتها الحياتية، والمتحكمين بأسعارها المعلنة والمتجددة وفقاً لسعر صرف الدولار المتصاعد يومياً على حد زعمهم، بل كان لها مبادرتها الخاصة المحبطة على حد قولها لجشعهم، وهنا أضافت لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 17 نيسان 2015: «في البداية يجب التأكيد على أن للأزمة دوراً في تقلبات الأسعار اليومية التي ترهقني كربة منزل وصاحبة دخل شهري ثابت ومستقر، ولكن يجب عدم نكران أسباب أخرى رديفة ومهمة، ويمكن أن تكون في جانب من الجوانب أساسية في هذه التقلبات المستمرة والدائمة، ومنها التجار المستغلون للواقع والظروف، ولو كانوا على قدر من المسؤولية لكانت الظروف والأوضاع أفضل مما نحن عليه حالياً.

المدرسة أمل سليمان

فنلاحظ على أرض الواقع أن المنتَج أو ما يمكن أن نسميه حاجة يومية أساسية مسعرة من منتجها المدرك لقيمتها جيداً، بسعر مقبول نوعاً ما، ولكن عند شرائها نحصل عليها بسعر مختلف ارتفاعاً لمصلحة التاجر الوسيط، ومن هنا يمكن القول إن هذا الفرق سيعود بالفائدة على هذا التاجر».

وتتابع: «أنا أجد في نفسي القدرة على التكيف والتأقلم مع دخلي الشهري الثابت، من ناحية التعامل مع حاجياتي ومتطلباتي اليومية، فعلى سبيل المثال أعرف مزارعاً يشكو من ضعف تسويق صنف معين من الخضار، وذلك من ناحية السعر المناسب لجهده وللتكلفة التي وضعها حتى أنتجه، والمفارقة أن هذا الصنف يباع في الأسواق بأسعار مضاعفة عدة مرات، فلماذا؟ لأن جشع التاجر واستخفافه بالقدرة الشرائية للمواطن كبير، معتمداً على ذريعة أن الأوضاع غير مستقرة وصرف الدولار له علاقة بالأمر، وهذا دفعني إلى التسوق من المنتج مباشرة بسعر يرضيه ويخفف عليّ الكثير من المصاريف التي كانت تعود إلى جيب التاجر.

سوق الخضار

أي إنني أوجدت ضابطاً وعلاقة مع المنتج، وهو حل جذري وسليم لتذبذب أسعار صنف خضار معين».

وتضيف: «أنا ابنة قرية رغم إقامتي في المدينة، وهذا دفعني للاعتماد على منتجاتها المتعددة والمتنوعة، ففي كل زيارة إلى قريتي "خربة المعزة" أحضر منها كل ما أحتاج إليه لمدة أسبوع تقريباً، مما يتوافر فيها من زراعات ومنتجات حيوانية كالحليب ومشتقاته، إضافة إلى زراعة بعض الخضار في حاكورة المنزل التي يعتني بها أهلي بالعموم، حيث أقصد القرية بالاعتماد على وسائل النقل الجماعية من دون الاعتماد على النقل الخاص، لأن ما قد أوفره مما أحضره منها بسعر التكلفة، قد أدفعه أجور مواصلات في وسائل النقل الخاصة "التكسي"».

محمد علي

لقد ضبطت المدرسة "أمل" إيقاع حياتها الاجتماعية والمهنية بما يكفل كبح جماح تقلبات الأسعار اليومية المرهقة، وهنا قالت: «على صعيد الذهاب والعودة إلى المنزل من الدوام الوظيفي اليومي في المعهد بحي "الإنشاءات"، كنت معتادة على سيارات النقل الخاصة "التكسي"، بحكم الأجور الزهيدة، ولكن بعد ارتفاعها أصبحت أنتظر سيارات النقل الجماعي حتى ولو على حساب الوقت.

أما على صعيد الرفاهية الأسرية فيمكن القول بكل جدية إنني تمكنت من الاقتصاد في كثير من الأمور، ومنها ما كنت أحضره قبل ارتفاع الأسعار المتنامية في كل يوم، بهدف التسلية في أوقات الفراغ كالموالح وغيرها، وقد تأقلم أفراد الأسرة على هذا، لأننا مدركون بأن المعنيين من دوائر رسمية وغيرها لو أرادت ضبط تقلبات الأسعار لتمكنت، ولكنها لا ترغب في الوقت الحالي لأسبابها الخاصة».

التاجر "محمد علي" أدرك قيمة الفاتورة التي يدفعها كمواطن من تقلبات الأسعار نتيجة جشع تجار "الجملة" كما وصفهم، وحبهم لتوظيف الفراغ الرقابي لبناء ثروات متنامية يومياً، وكان له أسلوبه الخاص في التجارة المرضية أولاً لذاته، وهنا قال: «أنا مواطن أولاً وأخيراً، وما يصيب أفراد مجتمعي يصيبني قولاً واحداً، لأن لي حاجياتي ومتطلباتي التي لا يمكن تأمينها إلا عبر التجار، وعلى هذا الأساس أحضر ما أحتاج إليه إلى محلي التجاري على دراجتي النارية حتى ولو على دفعات متتالية، لأوفر أجور النقل المرتفعة، التي تضاف بعرف التجارة إلى أسعار السلع والحاجيات اليومية، وبالتالي أخفض القيمة المالية التي ستضاف إلى السلع، فأبيع السلعة بسعر أقل من باقي المحال التجارية المحيطة بي، فأوفر على الزبون الذي سيتحدث عن هذا التوفير لأصدقائه، فيقصدونني للشراء من محلي، وهنا أكون قد كسبت زبوناً جديداً في كل يوم، وهذا الزبون الجديد سيحقق التوازن بالنسبة لي مع الربح المنخفض، وذلك مما سيستجره يومياً».

أما السيد "ماجد وردة" العامل في حرفة ميكانيك الدراجات النارية قال: «تقلبات الأسعار اليومية أرهقت الجميع من دون استثناء، أي أصحاب الدخل المحدود وغيرهم، وهي لعبة من بعض التجار للمحافظة على رؤوس أموالهم من التضخم، وبالنسبة لي أدركت هذا الأمر من تاجر صديق، فبادرت إلى شراء قطع الغيار وكل ما يلزم لصيانة الدراجة النارية حتى ولو لم أكن بحاجة إليها، أي أمنت مخزوناً احتياطياً لمحلي التجاري، وهو ما ساهم في المحافظة والثبات على أسعار الصيانة لفترات مقبولة بالنسبة للزبون، وهذا انعكس على كثافة عملي الميكانيكي إيجاباً، فبات يدخل محلي ما يزيد على عشر دراجات نارية يومياً، بعد أن كانت لا تتجاوز خمس دراجات فقط، أي إن الزبون أصبح لا يخشى نفقات الصيانة يومياً».