لا يكاد سائقو السيارات يتخلصون من حفرة إلا ويسيرون فوق أخرى، محققين أعلى نسب المحاولات الفاشلة لتفاديها، والأمر سيان بالنسبة للمواطنين الهاربين من إشغال الأرصفة إلى القفز فوق الحفر.

والسؤال المطروح من قبل الشاب "محمود درويش" لماذا هذه الحفر والحفريات المستمرة تشغل أغلب الطرق والأرصفة وحتى المنافذ الأساسية لبعض الأحياء، دون الاكتراث للزمن ومعاناة المواطن؟ وهنا يضيف عن سبب زحمة شوارعنا بالحفريات وفق رأيه: «باعتقادي إن السبب الأساسي لكثرة الحفريات وعدم انتهاء العمل بها صيفاً أو شتاءً، معتدين على حقوق المواطن في السير ضمن شوارع خالية من الحفريات؛ هو عدم وجود تنسيق وتنظيم بين الجهات المنتجة أو المصدرة لهذه الحفريات، وعدم وجود الخبرة الكافية بطريقة وضع مادة الزفت الخاص بالطرق والشوارع على هذه الحفريات بعد الانتهاء منها، حيث يحضرون الزفت السائل ويشتغل به على الطرق والأرصفة غير المشغولة بطريقة جيدة وسليمة، أي غير المرصوفة جيداً، وباعتقادي يجب أن يكون هناك مختصون بطريقة وضع هذه المادة فوق الحفر لا تكون على هيئة مطبات تؤذينا كمارة وتؤذي السيارات العابرة فوقها.

التخطيط المستقبلي بعيد الأمد أساس في التخلص من مخاطر الحفريات والتشوهات البصرية التي تحققها، وهذا لكلا الطرفين المواطن والجهات الخدمية المعنية

ومن أهم المؤسسات المعنية بالحفريات؛ التي لا تكاد تنهي المراحل الأولية لمشروع حفر وإعادة الطرق إلى وظيفتها الاجتماعية الحركية، إلا وتبدأ بمشروع آخر يعيق حركة مرور المواطنين؛ مؤسسة الاتصالات، ومؤسسة الخدمات الفنية، ومؤسسة المياه والصرف الصحي، وهي لا تكترث بالزمن الذي يجب أن تنهي فيه أعمالها، وكأن بقاء وجود هذه الحفريات في الطرق العامة سمة أساسية لها، خاصة مع انعدام إمكانية السير على الأرصفة في بعض الأحياء، ومنها شارع "سعد الله الجابري" في مدينة "بانياس"، حيث تتزاحم الأدوات المنزلية لأصحاب المحال المختصة ببيعها على الرصيف الضيق، إضافة إلى محال تجارة الجملة».

علي سليمان

وإن عدم التنسيق بين الشركات والمؤسسات الخدمية برأي الشاب "محمود" أساس المشكلة، وهنا قال: «إن الإشغالات العامة كحفر الصرف الصحي أو الهاتف أمر أرهق شوارعنا، فأرهقنا وحطم تماسك سياراتنا، ودفعنا للصيانة الدورية رغم ارتفاع أسعارها، وهنا تأتي إشكالية عدم التنسيق بين هذه المؤسسات والشركات، فاليوم مثلاً يتم تجهيز مشروع حفريات ما مع إطالة في فترة التنفيذ دون رادع من الجهات المعنية للتقيد بالزمن، وبعد عدة أيام يأتي أمر توسيع أو تحسين أو إصلاح أو إشغالات أخرى، فتقوم المؤسسة المعنية بإعادة الحفر في ذات المكان وبذات الأسلوب، فنعود إلى المعاناة السابقة، أي هنا عدم التنسيق بين المؤسسات الجيد لتتم الإشغالات بالتعاون فيما بينهم، حيث تقل التكاليف وتتحسن قيمة الخدمة».

الشاب الجامعي "مهند حسن" قال لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 28 شباط 2015: «الجهات المعينة بالحفريات تظن أن بعملها تقدم خدماتها للمواطنين، وهذا أمر حقيقي وواقعي من جهة، ولكن الخسائر الصحية والجسدية التي تكبدها له أكبر من قيمة هذه الخدمات، وخاصة في فصل الشتاء وامتلاء الحفر بالمياه وعدم إدراك مكانها الحقيقي لتجنبها؛ وهو ما يعني الوقوع في هذه البرك الاصطناعية والتعرض لوعكة صحية كما حدث معي في إحدى المرات.

مهند حسن

وبرأيي التنسيق بين الجهات الخدمية هو أساس للتخفيف من أعمال الحفر المستمر والوصول إلى خدمات حقيقية متكاملة للمواطن، فتكامل التخطيط والعمل يوفر الوقت والمال والعناء نتيجة أعمال حفرية لمرة واحدة تجهز خلالها جميع المشاريع دفعة واحدة، إضافة إلى أن الرقابة حل مثالي في بعض الأحيان».

السائق "إبراهيم علي" قال: «في كثير من الأحيان نعمد إلى صيانة سياراتنا اضطرارياً وفجأة؛ نتيجة مرور السيارة في حفريات مملوءة بمياه الأمطار، وهو ما يعني تحطم شيء ما في ميزانيتها الأمامية، وهذا ما أخشاه مع ارتفاع أجور الصيانة وثمن قطعها.

هذا ناهيك عن إغلاق الطرق في بعض الأحيان، وتغيير مساراتها واستهلاك المزيد من الوقت والوقود، وهو أمر مرعب مع ارتفاع سعر صفيحة البنزين، وهو ما يضطرني في بعض الأحيان للتهرب من التوصيلة مهما كانت قريبة أم بعيدة».

في حين أن المدرس "علي سليمان" أكد أن استمرار الحفريات شيء لا بد منه، لأننا في حالة تطور دائم، ولكن الالتزام بوقت وزمن الانتهاء منها أمر ضروري ومهم، مضيفاً: «التخطيط المستقبلي بعيد الأمد أساس في التخلص من مخاطر الحفريات والتشوهات البصرية التي تحققها، وهذا لكلا الطرفين المواطن والجهات الخدمية المعنية».