كثيرة هي معوقات مرور المشاة على الأرصفة؛ ومعوقاتهم الأكثر قلقاً ألسنة شاغليها من أصحاب المحال والبضائع و"البسطات"، حتى باتوا يدركون أنها ليست لهم، ولا يحق لهم الاستفادة من وظيفتها المرورية والاجتماعية.

بعض المشاة في مركز مدينة "طرطوس"، وخاصة في شوارع "حي المشبكة" حيث الزحمة المرورية الخانقة والأرصفة المشغولة بالبسطات وبضائع المحال التجارية المتنوعة، باتوا يسيرون بمحاذاة الأرصفة، أي ضمن الشوارع المخصصة لمرور السيارات، وهنا قال الشاب "مهند هيثم حسن" لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 22 شباط 2015: «من حقي السير على الرصيف المحاذي للشوارع المخصصة لمرور السيارات، ولكن بعضهم لا يدركون هذا الحق العام بالنسبة لي ولغيري كمشاة، فأضطر للسير بين السيارات رغم الزحمة المرورية، وهو الأمر الذي يعرض حياتي للخطر باستمرار، لذلك أحاول التخفيف من المرور في الشوارع المزدحمة بالسيارات، لأن أغلب أرصفة المدينة مشغولة بالكثير من الأمور التي سلبته وظيفته المرورية بالنسبة للمشاة، وهو الخيار أو الحل الأسهل لي، فلا يمكنني السير على الرصيف والحذر باستمرار من خطر إصابة تلك المشغولات من بضائع و"بسطات" بيدي أو كتفي، فعليّ الاعتذار من صاحبها ولملمة ما سقط على الأرض».

بعض أصحاب المحال التجارية يفترشون الأرصفة أمام محالهم بكراسي الجلوس وطاولات المشروبات الساخنة والباردة، وكأنها ملك لهم ولا يحق لأحد المرور عليها خلال هذه الفترة، وبرأيي هم يتابعون حركة مرور الأشخاص أمامهم كمضيعة للوقت والتسلية، متناسين أن لهذه الأرصفة التي يفترشونها لمتعتهم الشخصية وظيفة اجتماعية عامة، وهي حق لجميع الناس

ويتابع الشاب "مهند": «في أغلب شوارع المدينة نرى ممرات المشاة وخاصة منها الأرصفة مشغولة بالبضائع ومنها البلاستيكية كالأدوات المنزلية، ومنها طاولات محال الوجبات السريعة، ومنها برادات المحال التجارية وبضائعها كالمشروبات الغازية، ولا يمكن التمتع بالمرور على تلك الأرصفة ومتابعة ما يعرض على واجهات المحال للتسوق، وكأن أرصفة المدينة العامة أصبحت ملكاً لأصحاب المحال التجارية و"البسطات"، أي مدينتنا بلا أرصفة».

مهند حسن وعلي منصورة

أما الشاب "علي منصورة" طالب جامعي فقال: «بعض أصحاب المحال التجارية يفترشون الأرصفة أمام محالهم بكراسي الجلوس وطاولات المشروبات الساخنة والباردة، وكأنها ملك لهم ولا يحق لأحد المرور عليها خلال هذه الفترة، وبرأيي هم يتابعون حركة مرور الأشخاص أمامهم كمضيعة للوقت والتسلية، متناسين أن لهذه الأرصفة التي يفترشونها لمتعتهم الشخصية وظيفة اجتماعية عامة، وهي حق لجميع الناس».

المهندس "رفعت عطا الله" الموظف في قطاع الزراعة قال: «أوجدت الأرصفة لتسهيل حركة مرور المارة بين الأحياء والشوارع المكتظة بالسيارات، وأنا أعد المرور عليه عملاً حضارياً يمثل رقي الشعوب، ولكن إشغالها بالبسطات أو البضائع الخاصة بالمحال التجارية، خلق مشكلة في طبيعة العلاقة بين المواطن والرصيف، وهذا ما يمكن أن نسميه تشوهاً بصرياً لا يعكس قيمة الأخلاق العالية التي تمتعنا بها كمحافظة تميزت بنسبة تعلم أبنائها.

محمود درويش

فبإشغال هذه الأرصفة اضطررنا للسير وسط الشوارع بين السيارات وزحمتها، وهو ما يهدد حياتنا الشخصية بالخطر المستمر، وخاصة إن كان المار طفلاً أو فتى لا يمكنه التحكم بطبيعة المرور بين السيارات، ومن هنا أؤكد ضرورة مكافحة ظاهرة إشغال الأرصفة بتأمين أسواق خاصة لأصحاب "البسطات"، وتنبيه أصحاب المحال بعدم استثمار الرصيف أمام محالهم بما يعيق مرور المشاة».

الشاب "محمود درويش" "معقب معاملات"، أكد بداية أن من يشغل الرصيف هو شخص محتاج بالمطلق، ومضطر للعمل وتأمين المال وقوت يومه وأسرته، مضيفاً: «لو أردنا الحلول لمشكلة إشغال الأرصفة علينا تأمين العيش الكريم لهؤلاء الأشخاص، من خلال مواقع خاصة يشغلها بدلاً من الرصيف، والدليل على ذلك أننا نجد من يشغل الرصيف رأس ماله عدة آلاف فقط يقتات من تشغيلها المستمر.

المهندس رفعت عطا الله

وهنا لا أنكر أو أتهرب من أن هذه الظاهرة تمثل اعتداء على حقوق الطرفين المواطن والشاغل للرصيف، فبالنهاية هذا الشاغل هو مواطن وله حق بهذا الرصيف.

ولكن عندما تكون الرقابة على الجميع أي من يدفع ليشغل الرصيف ومن يقبض ليسمح بشغل الرصيف، فاعلة، نكون على بعد خطوة واحدة من تحقيق العدالة الاجتماعية بحقوق المواطن كائن من كان بهذا الرصيف».

وبالعودة إلى الشاب "علي منصورة" الذي يرى أن قانون المحاسبة لن يكون عادلاً فيما لو طبق بهذا الأمر، ويتابع: «أنا ضد هذه الفكرة بالمطلق، لأن بعضهم يملكون القدرة على استئجار أو شراء محال تجارية يوظفونها لعمل ما يمكنهم متابعته والاستفادة منه اقتصادياً، ومنهم من لا يملك هذه القدرة، فيجد في مكان تزاحم الأقدام محلاً تجارياً أو ما يعرف بالبسطات، وهذا نتيجة الحاجة إلى العمل لتحسين مصدر الدخل وبناء الأسرة.

وبالعموم جميع أرصفتنا ملأى بالبسطات وتجار السلع، وهم يحتكرونها كأنها ملكهم الشخصي، وهنا لا بد من خلق تبرير لهذا، وذلك نتيجة زيادة العدد السكاني، فمثلاً الوافدون إلى محافظتنا لا يملكون عملاً ماذا يفعلون؟ هل يمدون يدهم لعابري السبيل؟

أنا لا أجد في مشغولية الأرصفة أمراً معيباً أو أمراً مزعجاً لأن شاغليه بحاجة إلى العمل لتأمين عيش رغيد لأطفالهم.

ولكن بالمقابل أجد أن الحل المناسب لهذه المشكلة، تأمين أكشاك تجارية في مكان واحد وبطريقة منظمة وجميلة جاذبة لمن يرغب، وفق قواعد صارمة، هو الحل البديل لتأمين دخل يسير للأسرة مع كثافة العدد السكاني وقلة فرص العمل».