يعاني مرتادوا الحدائق العامة الهاربون من روتين الحياة بين الجدران الإسمنتية، من أمور تمس قيمة ومكانة وجمالية هذه الحدائق، فتراهم هاربين بين ظل الأشجار والطبيعة، باحثين عن الراحة في الحديقة.

فمن أهم مقومات التمتع بالحديقة العامة العناية بعناصر الجمال الطبيعي فيها، والأخلاقي في بعض الأحيان، كما يفعل الشاب "أحمد عزوز" ورفاقه، حيث قال لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 5 شباط 2015: «اعتدت زيارة حديقة "الباسل" كل يوم خميس، قبل عطلة نهاية الأسبوع، مع رفاقي في ورشة الخياطة التي أعمل بها، حيث نحضر معنا بعض الحلوى والمكسرات والعصير الطبيعي، ونجلس تحت أشعة الشمس الدافئة، ونتحدث عن أمور العمل وما يمكننا أن ننجزه في الأسبوع المقبل، فالتفكير النشيط نتيجة المناخ الجميل والرحب في الحديقة، أي إنها بالنسبة لنا فسحة للراحة لا بد منها».

أنا مع وضع رقابة صارمة على مرتادي الحدائق ومراقبة جميع مواقعها الشجرية أو العشبية، بهدف احترام وجود الكثيرين من الناس المحتاجين لها، كالأطفال أو المعمرين ومحبي الرياضة والمطالعة

ويتابع الشاب "أحمد": «في أغلب الأحيان نجلس في هذا المكان المرتفع المكشوف ضمن الحديقة، لنبتعد عن كثير من الأمور والمظاهر غير الجيدة في الأماكن العامة التي يقصدها الجميع ومن مختلف الأعمار، ومنها العاطفية والاجتماعية وأقصد بالاجتماعية تواجد عدد من الأشخاص يستقلون المسطحات العشبية للنوم عليها لساعات، غير مكترثين ببقية المرتادين وراحتهم، وكأن هذه الحديقة ملك لهم دون غيرهم».

مهند وإلى يمينه علي

الشاب "محمد الحمدو" قال: «لا يمكن أن نغادر الحديقة العامة بعد ساعات جميلة وممتعة فضفضنا فيها هموم عملنا لبعضنا بعضاً، ونترك خلفنا بقايا ما تناولناه من طعام وشراب وغيره، وهذا ليس قولاً أمامك فقط، وإنما فعلاً نقوم به دون أمر من أحد، يدركه من يجلس بعدنا في ذات المكان، وهذا ما تربينا عليه في منازلنا لحماية ما هو ملكنا وملك غيرنا.

ولكن ما يزعجني عدم احترام الحديقة العامة من قبل بعضهم، الذين يتركون مخلفاتهم وفضلات طعامهم في المكان الذي استمتعوا فيه وقضوا ساعات طويلة، فهم يساهمون بإبعادها عن الجمال والألق المفروض والمعتاد فيها، وكأنهم يشوهون وظيفتها الحقيقية المنشودة منها».

محمد الحمدو وأحمد عزوز وسراج الدين

وفي لقاء مع الشاب "علي منصورة" طالب حقوق سنة أولى، أكد أن استغلال الحديقة العامة للنوم فيها مثلاً لا يمكن وصفة بالعمل غير الجيد، وأوضح ذلك بقوله: «لو كنت من المعنيين فعلياً بأمر الحديقة -وهنا لا أقصد أني غير معني كفرد- لسألت أولاً عن سبب لجوء بعض الأشخاص إل النوم في الحديقة، وكأنها فندق لهم، ليبدأ عملي واهتمامي من هنا، أي أجد حلولاً للأسباب لأحقق النتائج المرجوة، أما دوري كمواطن فيتلخص بحماية الحديقة من نفسي وأوساخي خلال زيارتي لها، وإن أردت توجيه أية ملاحظة للقائمين عليها، يجب أن أدرك الشخص المعني، وهل هو جاهز لتقبل النقد والشكوى أم لا».

أما الشاب "مهند حسن" طالب كلية هندسة سنة رابعة، فقال: «رغم أني شاب لا يروق لي مظهر استغلال الحديقة من قبل الشباب والشابات، أو من قبل بعض المتطفلين على وظيفتها الاجتماعية، فمن الممكن أن يقصدها أطفال ويافعون في مقتبل العمر، فتكون بمنزلة تشوه أخلاقي غير مقصود، وهنا تكون الحديقة قد انحرفت عن وظيفتها الاجتماعية كفسحة للجمال والخضار ومتنفس للجميع، بفضل غير المهتمين بها، فيجب عليّ احترام حرمتها وكيانها ومرتاديها بعدم استغلالها لعبث الشباب».

بجوار حديقة الباسل

ويضيف السيد "مهند" كحلول للمحافظة على مكانة الحديقة اجتماعياً: «أنا مع وضع رقابة صارمة على مرتادي الحدائق ومراقبة جميع مواقعها الشجرية أو العشبية، بهدف احترام وجود الكثيرين من الناس المحتاجين لها، كالأطفال أو المعمرين ومحبي الرياضة والمطالعة».