تعد الشائعات التي تنتشر في المجتمعات الواهنة فكرياً وثقافياً، بيئة خصبة لتمرير الكثير من الأمور اللا أخلاقية، عبر أفراد استغلوا استغلالاً كبيراً تقانة الاتصالات والمعلومات لزيادة قدرتهم الهدمية والسلطوية.

الكثير من الشائعات تجد في الأزمات بيئات حاضنة عبر مروجيها، أو المتعاملين معها بقصد أو بغير قصد، فهم موظفون لخدمتها وترويجها في المجتمعات، فهل هي قادرة متسلطة بطبيعتها أم هي كما "بيت العنكبوت ضعيفة"؟ كما قال الأب "إليا سميا" راعي كنيسة "قلب اليسوع" في مدينة "بانياس"، متابعاً لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 12 كانون الثاني 2015: «لو تحدثت بالعموم يمكن القول إن الشائعات مرض مزمن ينتشر في المجتمع الضعيف بسرعة كبيرة، على مبدأ أن النار مشتعلة ويمكن زيادة نسبة اشتعالها، فلو تحدثنا بالإشاعات مهما كان نوعها، كأننا نضع عليها محروقات لزيادة نسبة احتراقها، لذلك من الأفضل ألا نعيرها أي اهتمام.

مع تنامي ثورة تقانة الاتصالات والمعلومات، تحولت الشائعات الشفهية إلى شائعات إلكترونية، وتنامى خطرها وسرعة انتشارها وتغلغلها في المجتمع عبر المجموعات الافتراضية على صفحات التواصل الاجتماعية، وهذا في أغلب الأحيان، لأن بعض المواقع الإلكترونية الإخبارية منها أو الاختصاصية في جوانب مهنية معينة، تحاول التأكد من المعلومات قبل الحديث فيها وتناقلها، على مبدأ المحاكاة المنطقية العقلية، وبذلك تتخلص مما يمكن أن يكون كلاماً فارغاً أي شائعات بالعامية، وهنا لا ننكر أن بعض المواقع الإلكترونية غير المهنية تعتمد على هذه الكلمات المفرغة من محتواها كعنصر جذب للمتلقي، فتطلقها وتروج وتنسبها لمجهولين أو مبهمين وجودياً بالنسبة للجميع

فمن يعمل ويروج لها يجب تصنيفه بالعامل في المجال غير الأخلاقي، لأن عمله هذا غير أخلاقي، وهذا بصرف النظر عن صحة الشائعة أو كذبها، لأن من يستطيع أن يدرك الحقيقة الله فقط، لذلك يجب عدم الحديث بالاحتمالات لأي أمر كان، كي لا نساهم في انتشاره، لأن ديننا دين محبة وتسامح عن الخطايا.

الأب إليا سميا

والحديث بالشائعات والبحث عن الحقيقة فيها، مساهمة في نشرها، وهذا أمر مرفوض مجتمعياً، لأننا قد نسيء لشخص ما خلالها، وهذا مرفوض دينياً».

ويتابع الأب "إليا" فيقول: «الكلمة سيف ذو حدين، ومن أخطر الكلمات على المجتمعات الكلمات الإعلامية أي المنشورة عبر وسائل الإعلام، لأن متلقيها كثر، وخاصة الإنترنت، حيث وجدت الشائعات فيه بيئة خصبة ووسيلة سهلة وسريعة لانتشارها، لذلك يجب الحذر من العبث بالكلمات غير الموثوقة.

تمام زينو

وهنا أؤكد على المحبة والتسامح فيما بيننا ضمن اللا حدود، وأن نتعامل مع بعضنا بعضاً بعيداً عن تناقل الأحاديث والشائعات، لأن من يتعامل وينقل ويخلق الشائعات هو شيطان بعيد كل البعد عن الله، ولو أردت طرح مثال من أرض الواقع أقول: إنه خلال القداس وتقديم الموعظة تؤول أحياناً الكلمات والمفردات إلى أمور مختلفة، بعيدة عن العظة الحقيقية، وهنا لا أحاول محاسبة من يؤولها، وإنما أنساه، لأن الله لم يمنحه أكثر من هذا التفكير السطحي».

أما المهندسة "ذرى سويدان" الموظفة في المركز الثقافي بـ"بانياس" فقالت: «لقد استفحلت ظاهرة الشائعات في وقتنا الحالي كثيراً، خاصة فيما يخص الأحداث التي تمر بها بلادنا، حيث أصبحت مصادر المعلومات غير موثوقة، وغير مؤكدة، لأن مطلقيها أفراد عاديون أحبوا المرح واللهو كما يحلو لهم، ورغم إدراك هذا فهي تنتشر بسرعة، وهنا يجب تحكيم العقل والمحاكمات المنطقية للأمور التي يجب علينا أن ندركها في حياتنا الواقعية، لتبيان الحقيقة والصواب، قبل الحديث والغوص في غمارها، كما أنه يجب على المؤسسات المعنية أن تلعب دورها الحقيقي والمسؤول في التثقيف وبناء الشخصية القوية القادرة على هذه المحاكاة العقلية، كما أن علينا نحن كأفراد في هذا المجتمع مسؤولية تبيان الصحيح أو الصواب في هذه الأحاديث المتناقلة بين الناس قبل أن يطلق عليها شائعات، بدلاً من أن يقع الفرد بحيرة بين صدقها أو كذبها.

وهنا لا يمكن نكران البعد الثقافي الذي يملكه ويتحلى به الفرد في المجتمع، ودوره الكبير في مرور الشائعات وتغلغلها بالمجتمع أو عدمه، وهنا تعلو الخصوصية الطرطوسية ذات البيئة المجتمعية المثقفة عن بقية محيطها».

وتضيف الآنسة "ذرى": «مع تنامي ثورة تقانة الاتصالات والمعلومات، تحولت الشائعات الشفهية إلى شائعات إلكترونية، وتنامى خطرها وسرعة انتشارها وتغلغلها في المجتمع عبر المجموعات الافتراضية على صفحات التواصل الاجتماعية، وهذا في أغلب الأحيان، لأن بعض المواقع الإلكترونية الإخبارية منها أو الاختصاصية في جوانب مهنية معينة، تحاول التأكد من المعلومات قبل الحديث فيها وتناقلها، على مبدأ المحاكاة المنطقية العقلية، وبذلك تتخلص مما يمكن أن يكون كلاماً فارغاً أي شائعات بالعامية، وهنا لا ننكر أن بعض المواقع الإلكترونية غير المهنية تعتمد على هذه الكلمات المفرغة من محتواها كعنصر جذب للمتلقي، فتطلقها وتروج وتنسبها لمجهولين أو مبهمين وجودياً بالنسبة للجميع».

السيد "تمام زينو" تحدث عن مخاطر وطرائق تسويق الشائعات دون إدراك، فقال: «في مرحلة ما تصبح هاجس التفكير، وقد تثير الذعر في بعض الأحوال، أو تثير بلبلة وقلقلة بالمجتمع، أي افتعال الأمر قبل حدوثه، وخلق حالة من الازدحام في البحث عن الحقيقة، كما يحدث عند إشاعة خبر غلاء سلعة معينة، حيث يصبح هاجس الجميع التموين من هذه السلعة قبل غلائها، وهو ما يسبب في انقطاعها بعض الأحيان، فيأتي دور محتكريها، وهنا نكون قد ساهمنا بتحقيق غاية الشائعة، لذلك أرى أن أهم شيء هو عدم التحدث بها أو محاباتها للتحقق من صحتها، وإلا سنكون مروجين لها دون قصد.

وهنا يجب الإشارة إلى أن الكثير من الشائعات تنطلق في الأزمات، لأن مطلقها يدرك أن أفراد المجتمع الذي يطلقها فيه يبحثون عن مصدر يحصلون منه على معلومة أو خبر، إضافة إلى أن هؤلاء الأفراد جاهزون لتلقي أي كلمة مهما كانت، لذلك يجب التأكيد على أهمية تواجد مصادر معلومات رئيسية موثوقة تدلي بالحقيقة».