في خطوة جيدة لمواجهة ظاهرة غلاء أسعار الألبسة، نجد الكثير من المحاولات الفردية والعائلية لإعادة ترتيب رتم الحياة اليومية، خاصة أن الغلاء مرهون بجشع التاجر غير المقبول.

هناك من أعاد للحياة والاستعمال اليومي ما كان يركنه من ملابس في خزانته في مرحلة الترف الوظيفي، وهنا قال الأستاذ "خالد حيدر" لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 2 كانون الأول 2014: «بكل بساطة لا بد من مواجهة ظاهرة غلاء أسعار الألبسة المرتكزة أساساً على جشع التاجر، بمزيد من التقشف، وبمزيد من تنظيم إنفاق الشراء، وفي تجربة شخصية لي أعتقد أننا نتألم كثيراً لكي نتكيف مع هذا الواقع بعد سنوات من الرخاء، وللعلم أنا متفاجئ من ارتفاع الأسعار عدة أضعاف، وهنا أحجمت عن الشراء بكل تأكيد، إضافة إلى أني بدأت استرجاع ما كان مركوناً من ملابس في خزانتي الشخصية من عدة سنوات، وقد عممت هذه التجربة على كامل أفراد عائلتي ببساطة ودون هموم أو تعسر، وهناك تجارب موازية لتجربتي من قبل بعض الأصدقاء الذين أدرك معرفتهم شخصياً.

بكل بساطة موضوع الأسعار مرتبط بالسوق وعوامل عديدة، منها تكاليف الصناعة المرتفعة وأجور النقل واليد العاملة أيضاً، وشجع التجار وهو الأمر الأهم، وجميعها أضيفت على التكلفة الأساسية واستثمرت لمصلحة الأزمة الراهنة

ولم تتوقف عملية التقشف ومواجهة جشع التجار عند هذه الخطوة الشخصية أو العامة على حد علمي، عند هذا الحد، بل كان هناك تجربة شخصية أيضاً مع ملابس "البالة"، فرغم أنها أوروبية ومستوردة غدت أرخص من الملابس المحلية الصنع، ولا أجد في هذا الأمر شيئاً من العيب أو النقص، وإنما أدعو الجميع للتكيف والتأقلم نفسياً مع كل المستجدات والتسوق من "البالة"، فهي كما قلت بضائع أوروبية وذات جودة عالية وزهيدة الثمن مقارنة مع جودتها و"ضيانها" بالاستعمال».

الأستاذ خالد

ويضيف الأستاذ "خالد" بتوضيح مبررات الغلاء من وجهة نظهر الخاصة، فيقول: «بكل بساطة موضوع الأسعار مرتبط بالسوق وعوامل عديدة، منها تكاليف الصناعة المرتفعة وأجور النقل واليد العاملة أيضاً، وشجع التجار وهو الأمر الأهم، وجميعها أضيفت على التكلفة الأساسية واستثمرت لمصلحة الأزمة الراهنة».

الآنسة "رزان حسن" أكدت دون خجل لكونها شابة في مقتبل العمر، أن مرحلة التقشف في عملية الشراء وصلت إلى درجة حوالي خمسين بالمئة من قيمة المشتريات المعتادة، وتتابع: «الأسعار مرعبة جداً مقارنة مع دخلنا الشهري كموظفين، فقد تصل قيمة أي قطعة ملابس نسائية مثلاً في الوقت الراهن إلى أربعة أضعاف سعرها الحقيقي في الأحوال العادية، وهذا وضعنا أمام أمر واقع وخيار صعب جداً، هو أنه يجب أن نختار أمراً من اثنين أما الطعام أو اللباس، لذلك توجهت نحو محال "البالة" ولأول مرة أفعلها بسبب الظروف لحالية وجشع التاجر، هذا مع التأكيد على أهمية التأقلم مع الواقع وإلا سيسحقنا».

السيدة أمل

وعن تجربتها الشخصية في مجال إعادة تدوير ملابسها ورتيها قالت: «من أهم ما يمكن أن أقوم به كثبات على المواقف والمبادئ إعادة إصلاح بعض الملابس عند تعرضها لأي مشكلة فنية، وهنا يلعب دوراً مهماً الذوق والأفكار الجميلة التي قد أبدعها من مخيلتي لكوني فنانة تشكيلية، أمتلك حساً فنياً وذائقة بصرية تمكنني من تحقيق التجانس الفني بما أقوم به، وأنا شخصياً أعتبر هذه المبادرة تحدياً لجشع التجار، لأن ما يقومون به غير منطقي ولا يتناسب وأخلاقيات تجارنا الذين عاشرناهم في سنوات سابقة، وعرفهم التجاري الواقعي».

السيدة "أمل جريعة" ترى أن الأناقة بالعموم لا يطلب منها أن تكون مصحوبة بالترف، وإنما الذوق وحسن التدبير، وتضيف: «يمكن أن يرتدي الإنسان "جاكيتاً" لها ثلاث سنوات مركونة في خزانة الألبسة مع بلوزة جديدة، فتبدي أناقة جميلة وجديدة نوعاً ما على رتم الملابس اليومية، وهذا أمر مطلوب في وقتنا الحالي في ظل جشع التجار وارتفاع أسعار الملابس إلى حد لا يمكن أن يطاق.

الدكتورة سوسن

كما يمكن التأكيد على أن النظافة الشخصية جزء مهم من الأناقة، حيث تعكس حالة من الأناقة الجاذبة في المجتمع المحيط، وهنا لا أقول إن بإمكاني محاربة جشع التجار، وإنما أستطيع وبكل تأكيد التحايل عليهم بذكاء، فليس من الضروري لأبدو أنيقة أن أشتري كل يوم قطعة ملابس جديدة، وإنما "الشياكة" ومعرفة الملائم للجسد من الملابس هو ما يمكن أن أصفه بالأناقة الشخصية».

ومع كل هذا الاحتداد على ظاهرة الغلاء في أسعار الملابس، تبرر السيدة "أمل" جزءاً من هذه الظاهرة فتقول: «قبل هذه الفترة العصيبة على بلادنا كنا نعيش حياة رفاهية جيدة من ناحية اللباس، لذلك من الضروري أن نجد الكثير من المبررات والأسباب التي نعزي ظاهرة الغلاء لها في هذه المرحلة الطارئة على مجتمعنا وحياتنا، والتي سنتجاوزها بكل براعة ومسؤولية».

وقد أوضحت السيدة "أمل" البراعة والمسؤولية بقولها: «عدت إلى بعض القطع القديمة التي حدثت فيها بعض المشكلات، وتعاقدت مع خياط ماهر لإعادة إصلاحها، والفكرة هنا أني بحثت عن هذا الخياط كثيراً، لأن أهم ما يميزه انخفاض أسعار أجوره الحرفية، وهي حالة ومصادفة أشعرتني بالسعادة».

أما الدكتورة "سوسن حكيم" فقد كان لها رأيها الخاص أوضحته بقولها: «في الماضي كانت السيدة ترتدي ملابسها لأيام متواصلة ولفترات طويلة، ولكن في المدة الأخيرة مع تطور المجتمع قلبت القاعدة، وأصبح من البديهي أن تبدل ملابسها في كل ظهور لمجتمعها المحيط أو عملها الوظيفي، ولكن في وقتنا الحالي عادت تلك القاعدة للنور بخطوة جبارة من سيدة مجتمعنا التي تظهر في كل مرحلة أنها سيدة جديرة بالاحترام، حيث تأقلمت مع واقعها، وتكيفت مع إمكاناتها وقدراتها الشرائية، وهذا أمر طبيعي وعادي في هذه الظروف الصعبة، إضافة إلى أنه يوجد تَغييرات صغيرة يمكن لنا نحن النساء أن نفعلها باستمرار كتغيير "إشارب"، أو طبيعة الإكسسوارات أو "الستراسات"، فتبقينا في تجدد مظهري أنيق ولائق.

إضافة إلى أنه تتواجد محال تجارية مرتفعة الأسعار، ومحال آخر منخفضة أو مناسبة الأسعار لنا، يمكن التسوق منها، وبالعموم نحن أصحاب الدخل المحدود لا نشتري من أول محل تجاري ندخل إليه للتسوق، وإنما نبحث في أكثر من متجر لنقوم بالشراء، ونحاول أيضاً تطبيق قطع ملابس مفردة بعضها مع بعض لتصبح لباساً كاملاً متناسباً يعطي نتيجة جمالية متناسقة وملائمة لأناقة السيدة، ومتوافقة وإمكانياتها المادية».