بعيداً عن هموم الواقع الراهن تبقى عواطف أنثى مجتمعنا سبب همومها، محركها السعي لامتلاك المنزل وطيب العلاقة مع الأولاد والفتى الذي أصبح شاباً متزوجاً يلهث خلف لقمة عيشه.

إذاً هي العاطفة التي تمنع الأنثى أو الفتاة من الالتفات إلى حياتها الأنثوية مع زحمة الهموم وقلة الترف، فالسيدة الشابة "سلام محمد" المتزوجة منذ حوالي العامين ترى أن ما يؤرقها في وقتنا الحالي التفكير بامتلاك منزل، رغم أن هذا التفكير بالعموم هو من اختصاص الرجل في مجتمعاتنا الشرقية، وهنا قالت لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 8 تشرين الثاني 2014: «قبل ارتباطي وزواجي ممن أحببت كنت أدرك أن امتلاك منزل سيبقى حلماً بالنسبة لي، ومع هذا لا يتوانى تفكيري في كل لحظة خلوة مع نفسي من التفكير بمنزل المستقبل، وهذا لأني ربة منزل وسيدة تفكر بعواطفها الشرقية أكثر ما تفكر بعقلانية الإنسان، خاصة مع قدوم مولودي الجيد الذي زاد من ساعات تفكيري وتأملي بالمستقبل».

من هنا يمكن القول إن كل هم يؤرق الفتاة أو السيدة المتزوجة يصبح مشروعاً منتجاً يحقق سعادة في بعض الأحيان، وذلك بمحاولة التفكير بحلول عبر التكيف مع المشكلة

وتضيف السيدة "سلام": «مولودي الجديد صعب الطباع ولا يهدأ في مختلف ساعات النهار، وهذا انعكس على ساعات نومي بالعموم، فأصبحت أتمنى ساعات نوم إضافية، ولكن لا أتمنى أن تكون على حساب تلبية حاجياته، وهذا من طبع الأنثى، العواطف الجياشة المفعمة بالعطاء تجاه الآخر، وهذا الآخر قد يكون الزوج وقد يكون الطفل وقد يكون الوطن».

أما السيدة "ليلى شدود" فقالت إن أكثر الأمور التي تشوب حياتها التي باتت خالية تماماً من أبنائها الذين فرحت بهم وزوجتهم كما قالت "على حياتها"، هو هم ابنها الوحيد الذي يعمل بعقد موسمي في إحدى المؤسسات الحكومية، وهنا توضح حديثها بالقول: «كثيراً من هموم الحياة تنساها ربة المنزل، ولكن يبقى الهم الوحيد هو حياة الابن والسعي لتحقيق عيش رغيد فيها، خاصة إن كان هذا الابن رب أسرة ورجلاً طيباً وبسيطاً.

حيث أبقى أغلب الأوقات أفكر كيف سيتابع حياته الأسرية في ظل هذه الظروف الصعبة والغلاء المتزايد في كل يوم؟ علماً أنه رجل لا يمل العمل بعد عمله اليومي بالعقد الشهري، فيذهب إلى تركيب شرائح البيوت المحمية مع صديق له، كما يعمل في قطاف المواسم الناضجة مع صديق آخر، وهنا تبدأ عاطفتي الجياشة تجاهه تشغل فكري وحتى لساني بالدعاء الدائم له، فلا يمكن للأم أن تبقى مكتوفة الأيدي تجاه ابنها، وبالمقابل أنسى حياتي وما يمكن أن ينقصها خلال تفكيري السابق».

السيدة "لينا علي" ترى أن همها الوحيد حتى آخر فترة حياتية إسعاد زوجها بقدوم مولود ذكر، لذلك عملت بطاقة أكبر مما تستطيع لتلبية رغبته حتى بات لديها ست فتيات دون قدوم الذكر، وهنا بدأت تفكر بمنهجية أكثر بحياة بناتها، وكيف ستعمل على تربيتهن وتعليمهن وتأمين مستقبلهن، وهذا التحول كان نقلة نوعية في حياتها، وهنا قالت: «أنا استطعت التكيف مع واقعي الحالي وتغيير نمط تفكيري، وأعتقد أن ما قمت به جزء من الحل الذي أنشده لمستقبلي ومستقبل أسرتي كاملة، وأنا متأكدة بعد تجربتي بالتأقلم مع كل واقع جديد، أن الحياة أجمل والصعاب أهون من أن نفكر بها بتعقيد، وهذا أفرج عليّ أمور حياتية كثيرة خاصة بما يتعلق بالمنزل من أمور المؤونة والمعيشة المرتفعة، حيث تداركت هذا الأمر وبدأت ترتيب مؤونة منزلي بطريقة تقليدية، وهي التجفيف بالشمس بما يبعدني عن الحاجة للتفريز وهموم انقطاع التيار الكهربائي المستمر.

لا جرم هذا أمر يؤرق كل ربة منزل نتيجة عواطفها وحسها المرهف تجاه أسرتها، وقلما نجد الحلول السريعة لمثل هذه الأمور، كما أنني استعضت عن هموم التسوق وتأخر مرور البائع الجوال في حينا، بمحاولة زراعة أغلب متطلبات منزلي اليومية من الخضار في حديقة منزلي الصغيرة، التي وفرت لي خضاراً طازجة ومستمرة لحاجتي المنزلية ومؤونة الشتاء أيضاً».

وتختم السيدة "لينا": «من هنا يمكن القول إن كل هم يؤرق الفتاة أو السيدة المتزوجة يصبح مشروعاً منتجاً يحقق سعادة في بعض الأحيان، وذلك بمحاولة التفكير بحلول عبر التكيف مع المشكلة».