تعمد السيدة "لينا علي" في كل عام مع نهاية فصل الصيف إلى تجفيف مؤونتها من الخضار المتوافرة، لتكون عوناً لها في تحضير وجبات شتوية لذيذة بتكلفة قليلة.

مدونة وطن "eSyria" التقت السيدة "لينا علي" من سكان قرية "العصيبة" في ريف مدينة "بانياس"، بتاريخ 14 تشرين الأول 2014، لتحدثنا عما أسمته بإدارة الاقتصاد المنزلي، حيث قالت: «ربة المنزل يجب أن تكون مدركة تماماً لأهمية تحقيق الاكتفاء الذاتي لأسرتها من مختلف المواد التي تدخل في الوجبات اليومية، وهذا يعتمد على فصول الإنتاج الزراعي وكيف يمكن أن تستغل تدني الأسعار في المواسم الزراعية لمختلف المنتجات، ومحاولة التخزين منها لفصل الشتاء الذي عادة ما تتوافر فيه الخضار العشبية فقط، وذلك عبر تيبيس "تجفيف" الخضار الطازجة طبيعياً، لتبقى محافظة على مكوناتها الغذائية والصحية لحين استخدامها.

في ظل غلاء الأسعار بشكل جنوني وكبير، لم يعد بمقدور رب الأسرة تأمين كافة متطلبات أسرته حين طلبه والحاجة إليها، وهنا وجدت أهمية تجفيف الخضار وحفظها لغير مواسمها وخاصة منها الشتوية، حيث تتضاعف الأسعار مقارنة مع توافر هذه الخضار في مواسم إنتاجها، وبذلك أكون ساهمت بتحقيق اكتفاء ذاتي لأسرتي مادياً بإشراف زوجي، وبإنتاجي المحلي أو المعروف بالبلدي

ولي في هذا المجال تجربة أعتز بها لأنها أمنت لي مختلف حاجيات منزلي من تعدد الخضار إلى تعدد الوجبات في فصل الشتاء، وخاصة منها التي يحبها أبنائي، كالباذنجان والبندورة والفليفلة والكوسا والبامياء، وغيرها العديد من الخضار.

شتول الفليفلة

حيث أقوم بزراعة ما أرغب بتجفيفه أو ما قمت بتجربة تجفيفه في عام سابق ونجحت، في حقلي المنزلي الصغير الذي لا يتجاوز الخمسين متراً مربعاً، في خطوة لإدارة اقتصادي المنزلي، وتأمين مختلف حاجياته الخاصة بالطهي والتغذية.

وفي هذه الفترة أقوم بتجفيف الفليفلة الحمراء التي أنتجتها من حديقتي المنزلية، حيث أقوم بغسلها جيداً وتنظيفها مما في داخلها من "شروش" وبذور، وأشكها عبر إبرة خياطة نظيفة جداً بخيوط خياطة عادية وأعلقها على الجدران الخارجية للمنزل، المعرضة لأشعة الشمس، وأتركها عدة أيام حتى تتخلص من المياه فيها، ثم أقوم بجمعها ووضعها في أكياس خاصة بالمؤونة ضمن البراد، فتبقى على ذات الحالة أشهر عدة لحين حاجتها».

وتتابع: «وفيما يخص الباذنجان الذي أنتجه في حقلي الصغير دون الحاجة إلى شراء أي كمية من التاجر، أقوم بغسله جيداً ومن ثم تفريغه من محتوياته أو تقطيعه إلى دوائر، وتعليقه بخيوط قوية ومتينة على شكل حلقات دائرية، وتعلق على الجدران المعرضة لأشعة الشمس، لحين جفافها، وبعدها أضعها في البراد لحين إعادة استخدامها، فأقوم بنقعها بالماء الفاتر لعدة دقائق لتصبح طرية ومطاوعة للاستعمال والطهي».

ما تقوم به السيدة "لينا" نوع من التأقلم مع الواقع والظروف الحياتية، وهنا تقول: «في ظل غلاء الأسعار بشكل جنوني وكبير، لم يعد بمقدور رب الأسرة تأمين كافة متطلبات أسرته حين طلبه والحاجة إليها، وهنا وجدت أهمية تجفيف الخضار وحفظها لغير مواسمها وخاصة منها الشتوية، حيث تتضاعف الأسعار مقارنة مع توافر هذه الخضار في مواسم إنتاجها، وبذلك أكون ساهمت بتحقيق اكتفاء ذاتي لأسرتي مادياً بإشراف زوجي، وبإنتاجي المحلي أو المعروف بالبلدي».

وفي لقاء مع الباحث التراثي "حسن اسماعيل" قال: «ما تقوم به بعض ربات المنازل في الوقت الحالي هو استمرار لما كانت تقوم به جدات الماضي من تجفيف للخضار، حيث لم يكن يوجد ثلاجات تحفظ الخضار، فكانوا يلجئن إلى عمليات التجفيف الطبيعي تحت أشعة الشمس، ليؤمن مؤونة الشتاء من تلك الخضار.

فهو طقس تراثي عرف وانتشر في الريف الساحلي المعروف بزراعاته المتنوعة، كما أنه حالة من التكيف والتأقلم مع الفصول السنوية وقلة المنتجات الزراعية في بعضها.

وتعد هذه الطريقة في تأمين المؤونة الشتوية صحيحة وسليمة، لأن أشعة الشمس تفعل فعلها بالخضار وتحافظ عليها من الجراثيم كما أن تعقيم الشمس معروف، لذلك لا خوف على الصحة من عمليات التجفيف الطبيعي».