شغله العلم منذ مراحله العمرية الأولى، أبدع في مسيرة علمية عملية متميزة، حيث شغل مناصب عالية بكل جدارة، وكان من أوائل السوريين الذين نالوا درجة الدكتوراه في الحقوق من جامعة "باريس" الوطنية "السوربون".

مدوّنةُ وطن "eSyria" التقت "قسطنطين خوري" بتاريخ 25 آب 2020 ليحدثنا عن والده الراحل "حنا خوري" قائلاً: «درس المرحلة الابتدائية في مدرسة "السودا"، وتتلمذ على يدي المدرس "نقولا شحود" متفوقاً باللغتين العربية والفرنسية، وفي عام 1938 أرسله جدي إلى مدينة "بانياس" لإتمام المرحلة الابتدائية في مدرسة المعلم "يوسف" الداخلية للبنين، ونال الشهادة الإعدادية سنة 1940، ومن ثم التحق بمدرسة "اللاييك" الفرنسية بـ"طرطوس" ليدرس الثانوية وينال شهادتها عام 1943 بشقيها العلمي والأدبي».

درس المرحلة الابتدائية في مدرسة "السودا"، وتتلمذ على يدي المدرس "نقولا شحود" متفوقاً باللغتين العربية والفرنسية، وفي عام 1938 أرسله جدي إلى مدينة "بانياس" لإتمام المرحلة الابتدائية في مدرسة المعلم "يوسف" الداخلية للبنين، ونال الشهادة الإعدادية سنة 1940، ومن ثم التحق بمدرسة "اللاييك" الفرنسية بـ"طرطوس" ليدرس الثانوية وينال شهادتها عام 1943 بشقيها العلمي والأدبي

وتابع: «عام 1945 التحق بجامعة القديس "يوسف" اليسوعية لدراسة الحقوق، وكان نظام الدراسة بالمراسلة وبتقديم الامتحانات، نجح في إتمامها بتفوق مع تدريسه لمادة التاريخ في مدرسة "الحريري" الخاصة بـ"طرطوس"، واستطاع بذلك إعالة نفسه وعائلته في زمنٍ كان الفقر فيه مسيطراً على تلك البقعة الجغرافية من الوطن، وقد تتلمذ على يديه العديد من الشخصيات التي تبوأت لاحقاً مناصب هامة على المستوى الاجتماعي والحكومي».

قسطنطين حنا خوري

وعن نيله لإجازة الحقوق قال: «في عام 1949 نال شهادة الإجازة في الحقوق، والتحق بنقابة المحامين السوريين في "اللاذقية"، إلا أن طموحه العلمي في التحصيل ونيل الشهادات الأعلى لم يتوقف، فبدعم مادي ومعنوي من أشقائه في بلاد الاغتراب سافر إلى "باريس" ليتابع دراسته في جامعة "السوربون"، ونجح في نيل شهادة الدكتوراه بتفوق وبزمن قياسي بين عام 1951 و1953 ليكون من أوائل السوريين الذين نالوا درجة الدكتوراه من "السوربون"».

أما عن عمل الراحل في "سورية" فأضاف ابنه: «عند عودته للوطن توجه صوب العاصمة "دمشق"، حيث لقي فيها مرتعاً لطموحاته في المشاركة ببناء "سورية" الحديثة بعد التحرر من الاستعمار الفرنسي، فانضوى تحت السلك الحكومي وتم تعيينه كمستشار في مصرف "سورية المركزي" عام 1959، وبعد إقامة الجمهورية العربية المتحدة قررت حكومة إقليم "مصر" الجنوبي؛ أي "سورية" إنشاء المصرف الزراعي التعاوني ليلبي سياسة النهضة الزراعية في عهد الرئيس "جمال عبد الناصر"، فعهد له مهمة إنشائه، وسن المراسيم الخاصة به، وافتتاح فروعه في محافظات القطر، فكان ذلك، وعُيّن مديراً عاماً للمصرف الزراعي التعاوني حتى عام 1969، حيث أدار المصرف خلال هذه الفترة بنجاح يشهد له كل من عرفه آنذاك، وكان يسدي النصيحة لأبناء منطقته وكل من يلجأ له مستفيداً من علمه وخبراته، ويوفر لهم المبيت والوظيفة حين يزورونه في العاصمة "دمشق".

صورة لإجازة الحقوق

بعد أن أحيل للتقاعد في عام 1969 تقدم كخبير لمنظمة الأغذية والزراعة "الفاو"، التابعة للأمم المتحدة ومقرها العاصمة الإيطالية "روما"، حيث كان ذلك محطة هامة في حياته التي استمرت لمدة عام، نال فيها الخبرة الكافية بالتعامل مع المنظمات والمؤسسات الدولية، حيث صقلت خبرته وأضافت لنظرته للحياة بعداً لم يلمسه من قبل، فيما بعد اتجه نحو عمله الحر والخاص، ولم تثنه إقامته بـ"دمشق" عن التواصل مع بلدته وأبنائها، فكان لحنينه للماضي ولطفولته في براري الضيعة وبساتينها أثر في قراره بقضاء ما تبقى له من عمره بين أحضانها رغم حصوله على الجنسية الكندية منذ عام 1995، إلا أنه رفض الإقامة خارج الوطن، وقرر البقاء متمتعاً بالطبيعة التي أحب، محاطاً بالعائلة والأبناء والأحفاد والأصدقاء، إلى أن وافته المنية في 12 تشرين الثاني عام 2017، ودفن في البلدة التي أعطاها وأوصى أولاده بعطائها من بعده».

"نديم عرنوق" أحد أصدقاء وأقارب الدكتور "حنا"، حدثنا عن معرفته به قائلاً: «عندما يذكر اسم الدكتور "حنا خوري" ترى أمامك قامة كبيرة في العلم والمعرفة والثقافة، قامة أوصلته إلى مراكز عالية دون أن يؤثر ذلك في طيبته وتواضعه فهو بسيط ومتواضع ومحب للخير، كما أنه معطاء، لم يقصده أحد إلا وسارع لتلبيته، صريح يقول الحق ويشغله العدل، شجاع في مواجهة مصاعب وأزمات الحياة، يشجع الآخرين ويحفزهم ويرفع من معنوياتهم، كذلك كان جدَّياً يحمل المسؤولية، بالإضافة إلى أنّه وفيٌّ، مخلصٌ، كتومٌ وجديرٌ بالثقة».

يُذكر أنّ الدكتور "حنا خوري" من مواليد قرية "السودا" عام 1925.