خرجت المربية الفاضلة "يمن الأعسر" من أسرة مثقفة متعلمة في مدينة "بانياس"، وحصلت على المرتبة الأولى في الثانوية العامة، وقدمت عصارة علمها باختصاص الفلسفة كتباً دراسية، فترجمت الكثير من الكتب التخصصية للصم والبكم والأطفال بوجه عام.

ابنة مدينة "بانياس" المربية الراحلة "يمن الأعسر" نُسبت إلى محافظة "حلب" لعطائها غير المحدود ودعمها لقضايا تنمية المجتمع ثقافياً وتفردها بإدارة أشهر مدارسها لسنوات عدة، وهنا قالت ابنتها الدكتورة "رندا إمام" في لقاء مع مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 8 نيسان 2019: «درست المربية "يمن" مراحلها الدراسية الأولى في مدرسة "الراهبات" في "بانياس"، وتابعت دراستها في مدرسة "اللاييك" بمدينة "اللاذقية"، وحصلت على المرتبة الأولى في الثانوية على مستوى "سورية"، وانتسبت إلى المعهد العالي للمعلمين قسم الفلسفة، وحصلت على إجازة في الفلسفة وأهلية التعليم الثانوي ودبلوم في التربية والإحصاء والتخطيط، وبعدها كلفت بإدارة دار المعلمات والعديد من المدارس الثانوية في "حلب"، منها مدرسة "نابلس" و"معاوية"، وحظيت على اهتمام وتعاون مهم من الأهالي انعكس إيجاباً على نسبة المتعلمين والمثقفين حينئذٍ.

كان منزلها أشبه بالمنتدى الثقافي يقصده رواد الثقافة والعلم في محافظة "حلب"، ومنهم الصديق المقرب من العائلة "سليمان العيسى"، ولا ننسى أنها كانت ضمن أفضل عشر نساء سوريات فاعلات في المجتمع وثقت إنجازاتهن، فكرّمن من قبل رئاسة الجمهورية

شغلت مركز عضو المجلس المركزي للاتحاد العام النسائي ونقابة المعلمين لعدة دورات، نظراً إلى الدور البناء في مدينة "حلب" وريفها تجاه القضايا المجتمعية والتثقيفية، وكذلك تجاه المرأة ومحاولة تفعيل دورها عبر خفض نسبة البطالة والأمية، كما أسهمت في تعديل مفاهيم دور المعلمين والمرحلة الثانوية، وتأليف العديد من الكتب المدرسية لمختلف المراحل، نتيجة غوصها في مراحل التعليم وتبني الكثير من الأفكار البناءة للمجتمع المتغير والمتطور باستمرار.

المربية يمن الأعسر

ونتيجة ثقافتها وإتقانها لعدة لغات ترجمت عن الفرنسية كتابين ومقالات متعددة، وألفت قصصاً للأطفال وصل عددها إلى أربعين قصة، وهذا لم يشغلها عن العمل مع الأطفال ناقصي السمع بعد تقاعدها، حيث كان شغفاً بالنسبة لها ضمن معهدي المتخصص بهؤلاء الأطفال».

وتضيف: «استقطبت أكفأ المدرّسات والمدرّسين في "حلب" في محاولة لترسيخ الكفاءة العلمية، ولم تنسَ الجانب الانضباطي في مسيرتها الإدارية والتعليمية، حيث رسخت مفاهيم النظام والانضباط حتى أصبحت المدرسة التي تديرها نموذجاً ومقصداً للمهتمين بالتحصيل العلمي، واهتمت شخصياً بالجانب المهني والدعم النفسي للطالبات والمدرّسات على حد سواء، وآمنت بالعمل كفريق واحد، حيث شعر كل فرد بأن عليه أن يقدم أفضل ما يستطيع».

"وحيد جلب" ممن عاصروا المربية "يمن" قال في رسالة موجهة إلى أبنائها: «تميزت المربية الفاضلة "يمن الأعسر" بأخلاقها العالية وثقافتها الواسعة التي عرفتها بها عندما كانت مديرة ثانوية "نابلس" أشهر مدارس "حلب" في تلك المدة، التي شهدت خلال إدارتها لها نقلة تعليمية نوعية من حيث نسبة النجاح والالتزام بمعايير جودة التعليم، واستمرت المدرسة على ذات النهج في التميز والعطاء».

"سوسن الأعسر" قالت: «حققت خلال دراستها الجامعية باختصاص الفلسفة وعلم الاجتماع المراتب الأولى في كل عام دراسي، وعملت مديرة لدار المعلمات في "حلب"، وفي مجال التنمية المجتمعية والتوعية تجاه التعليم، ونمّت أفكار المجتمع حول أهمية التحصيل العلمي في بناء تلك المجتمعات؛ وهو ما زاد من نسبة التعليم خاصة بين النساء الأميات في المجتمعات المستهدفة.

وكانت محاضرة متميزة في ذات المجال التنموي التعليمي عبر العديد من المحاضرات التي قدمتها، واستهدفته بوجه أساسي لرفع مستواه، ودعم وتنوير المرأة بحقوقها وواجباتها لتأخذ دورها فيه بأسلوب تنموي من حيث العمل وضرورة محو أميتها وبطالتها تجاه العمل المنتج».

وتتابع: «كان منزلها أشبه بالمنتدى الثقافي يقصده رواد الثقافة والعلم في محافظة "حلب"، ومنهم الصديق المقرب من العائلة "سليمان العيسى"، ولا ننسى أنها كانت ضمن أفضل عشر نساء سوريات فاعلات في المجتمع وثقت إنجازاتهن، فكرّمن من قبل رئاسة الجمهورية».

يشار إلى أن المربية الفاضلة "يمن محمد الأعسر" من مواليد مدينة "بانياس" عام 1932، توفيت عام 2015.