عرف الناس المربي الراحل "فائز الدخيل" بدماثة أخلاقه وطرافة حديثه، وسعة علمه وقربه من الكتاب، ألف كتاباً عن مدينته التي يعشق، ونال وسام "المسامر" بعد أن ترك إرثاً من الاحترام والتقدير في قلوب وعقول كل من عرفه.

أحب المربي "فائز" مهنته كثيراً وتنقل لأجلها بين مدارس عدة داخل المحافظة وخارجها، وهذا بحسب حديث الكاتب والباحث "يوسف مصطفى" لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 10 أيار 2016، وأضاف: «عرف المربي "فائز دخيل" بعمله الدؤوب لنجاح مهنته وإدارته الجيدة للتعليم، وعليه عين موجهاً، وثقف نفسه جيداً بالقراءة، حيث يمكن القول عنه إنه قارئ من الدرجة الرفيعة، ألمّ بمختلف المعارف، وهذا لم يمنعه من أن يكون مستمعاً جيداً إلى الصغير قبل الكبير، وهنا أقول إن بلورة ثقافته تجلت بهذا الأمر، كما انفتاحه على الرأي الآخر، وجرأته بالتعاطي مع مختلف القضايا وتقديمه لها بمحاضرات مهمة؛ أي إن ثقافته لم تنحصر به، بل أوصلها إلى الآخر ليستزيد بها معرفة، وهذا نبل أخلاق منه».

بقي في "اليمن" نحو ثلاث سنوات، درس المجتمع اليمني بمختلف جوانبه حتى ألف كتاباً قدمه للشعب اليمني كبصمة إيجابية لوجوده هناك، فأحبه طلابه كثيراً، واستمروا بالتواصل معه حتى مدة قريبة من وفاته، إضافة إلى أنه نظم لهم قصائد بأسماء القرى اليمنية، كهدية منه إليهم

ويتابع: «والأبرز أنه كتب تاريخ مدينة "الدريكيش" بحرفية وحيادية عالية، ضمن كتاب حمل عنوان: "تاريخ المدينة"، وكان ثمرة بحثه المعمق بالتاريخ الاجتماعي والجغرافي، والمتناقل بالتواتر عبر رجالات عاصروا مراحل متعددة من عمر مدينته، فوثق الكثير من الأمور المهمة، وأصبح مرجعاً يعتمد للمهتمين بتاريخ المدينة.

الكاتب والباحث يوسف مصطفى

كما تميز بالطرافة والنكتة من خلال الأحاديث الطريفة التي نطق بها، فمنها الهادف والموجه، ومنها الناقد للمفارقات الاجتماعية، وعليه عرف بالبساطة ولم يدّعِ يوماً بعلمه الواسع، وهذا تواضع منه».

وفي لقاء مع المهندس "جندب فائز دخيل" قال: «منذ الصغر أهتم والدي المعلم "فائز دخيل" بالعلم، فدرس المرحلة الابتدائية والإعدادية في مدينة "الدريكيش" على يد المربي الفاضل "عبد الحميد محفوض"، وحصل على أهلية التعليم من مدينة "يبرود"، علماً أن الظروف الاجتماعية لم تكن بسيطة بل كانت صعبة ومعقدة، وأعتقد أن هذا كان دافعاً كبيراً للتحصيل العلمي، فجدي كانت له مقولة شهيرة لأبنائه، وهي: (لن تتمكنوا من العيش إلا إن تحصنتم بالعلم، لأن المنطقة منطقة فقر وعمل ويعيش الجميع على ناتج الطبيعة)، ووالدي حمل هذه المقولة معه وعمل بها، وجعل منعكساتها على المجتمع إيجابية».

المهندس جندب دخيل

ويتابع: «لقد أثر في نفوس طلاب القرى التي درّس فيها، وهو أمر أدركناه بعد رحيله من الوفود التي أتت لتقديم التعازي عند وفاته، فهو درّس في قرية "دوير رسلان" عام 1960 وأدرك أن جميع الطلاب ذكور، فاندفع باللقاءات مع الأهالي لحضهم على تعليم بناتهم، وطلب من مدير التربية في "اللاذقية" آنذاك أن يرسل إلى المدرسة معلمة لتشجيع تعليم الإناث في القرية، وكان له ما أراد».

اهتم المربي الفاضل "فائز" بالزراعة، ونقل خبرته فيها إلى القرى التي درّس فيها، وهنا قال المهندس "جندب": «ساهم بتشجير محيط مدرسة "دوير رسلان" بالأشجار الحراجية من حسابه الخاص، أحضرها من بلدة "بوقا" في محافظة "اللاذقية" وهي الآن غابة جميلة. مارس النشاط الاجتماعي إلى جانب التربوي، فكان منزله عبارة عن منتدى للجميع للتزود بالعلم والمعرفة بمختلف أجناسه، ففي الخمسينيات شارك بفرقة كشفية في "دمشق" وحصل حينها على وسام المسامر لطرافة حديثه ومتعته للآخر، وأوفد إلى "بلغاريا" للتعرف إلى تجربة الطلائع فيها، ليعود ويساهم بتأسيس منظمة "طلائع البعث" مطلع السبعينيات».

المدرس يونس إبراهيم

سافر المربي "فائز" ضمن البعثة التعليمية السورية إلى اليمن، وكانت له بصمته الخاصة، حيث قال ابنه "جندب": «بقي في "اليمن" نحو ثلاث سنوات، درس المجتمع اليمني بمختلف جوانبه حتى ألف كتاباً قدمه للشعب اليمني كبصمة إيجابية لوجوده هناك، فأحبه طلابه كثيراً، واستمروا بالتواصل معه حتى مدة قريبة من وفاته، إضافة إلى أنه نظم لهم قصائد بأسماء القرى اليمنية، كهدية منه إليهم».

أما المدرّس "يونس إبراهيم" من أهالي مدينة "الدريكيش"، فقال: «لقد كان المربي "فائز دخيل" معلماً ناجحاً في تعليمه، تميز بسماحة الخلق، وصدقه ومحبته، وفي كثير من المواقف أمامنا لم يتشبث برأيه الصحيح خلال نقاش ما، كي لا يخسر صديقه ومناقشه، أما مهنياً فقد كان يعطي وفق طاقاته، لأنه آمن -وقالها مرات عديدة- بأن الإنسان المثقف والمتعلم هو من يستطيع أن يبني ويطور».

يشار إلى أن المربي "فائز دخيل" من مواليد مدينة "الدريكيش"، عام 1937.