قدمت المهندسة الحرفية "إنعام حمودي" أفكارها الخاصة في تصميم الحليّ والجواهر، ومزجتها مع دراستها لأصول تزيين المرأة في المرحلة الفينيقية، فأنتجت إكسسوارات لها خصوصيتها الجمالية، بعد أن أطرت موهبتها بالرسم على الفخار بذات الرؤية.

مراحل حرفية متعددة بدأتها بالرسم على القماش وتصميم الحلي، وتابعت بأصول تزيين الفخار بروح شرقية مع مراعاة جمالية الألوان وتداخلاتها، وهذا بحسب حديثها لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 6 كانون الأول 2017، حيث تابعت القول عن نشأتها ودور البيئة الاجتماعية فيما تقدمه بمجال حرفتها: «نشأت في كنف عائلة متعلمة؛ فوالدي مدرّس وباحث في التاريخ، ومن مؤسسي الجمعية التاريخية في "حمص"، أما والدتي، فهي قارئة ممتازة للأدب والتاريخ، ولها فضل كبير في تعليمي مهارات الحرف اليدوية التراثية المحلية، وهذه النشأة كان لها الأثر الإيجابي في مختلف مشاركاتي منذ الصغر، حيث كانت لي مشاركاتي المتعددة في الرسم والنحت، وأذكر أنني قدمت عملاً تخيلياً في تلك المرحلة عن "قلعة حمص"، حيث اعتمد فيما بعد كمرجع تاريخي للباحثين التاريخيين».

لا أدري إن كانت الحرفة وسيلة لتحقيق الذات، وأظن أنها حالة إبداعية أحاول من خلالها إضافة لمسة خاصة بي، لتضاف إلى مخزوننا الحضاري الجميل الذي نرتكز عليه وننتمي إليه

وتتابع: «أثناء دراستي الجامعية عدت إلى هواية الرسم بعد انقطاع عدة سنوات نتيجة ضغط الدراسة، وكنت من الزائرين الدائمين لـ"التكية السليمانية" لما تزخر به من فنون وحرف، وهذا ساهم في تأطير أفكاري وتنمية ذائقتي البصرية، وانعكس على طبيعة أعمالي، ومن تلك الزيارات وجدت في الفخار مادة جيدة للتعبير الفني بالرسم عليه، بعد صقل سطحه نوعاً ما، ومنحه ألواناً متناغمة مع الفكرة الأساسية في إنتاج الحالة التراثية المفقودة منه بطريقة مبتكرة.

من أعمالها الفخارية

ومع الوقت زاد اهتمامي بدراسة الرموز والزخارف الشرقية والمحلية، ودراسة تطورها تاريخياً، ومحاولة تفسيرها وردها إلى أصولها، وكانت هذه بداية لحلم صناعة خزف سوري محلي له خصوصيته السورية».

وعما إذا كانت قد حققت ذاتها من هذه الحرفة، قالت: «لا أدري إن كانت الحرفة وسيلة لتحقيق الذات، وأظن أنها حالة إبداعية أحاول من خلالها إضافة لمسة خاصة بي، لتضاف إلى مخزوننا الحضاري الجميل الذي نرتكز عليه وننتمي إليه».

من مشغولات الحلي التراثية

أما فيما يخص تأثير دراستها للهندسة الإلكترونية في مشروعها الحرفي، فقالت: «في مراحل دراستي الجامعية الأخيرة كان لي فرصة العمل مع أصدقاء موهوبين في مجال التصميم والإعلان باستخدام برامج الحاسوب، فاتجهت للعمل كمصممة غرافيك للإعلانات وشعارات الشركات، وأنشأت مع زوجي مكتب غرافيك في مدينة "حمص" للتصميم الإعلاني، وكانت نقطة مضيئة في هذا المجال، حيث كنا من أوائل مستخدمي هذه التقنية في الإعلان».

لقد كان للمهندسة "إنعام" مشاركة في "معرض الباسل للإبداع والاختراع" بدورته الأخيرة قبل شهرين، وحصلت على الجائزة الأولى، وهنا قالت: «أنا وأبناء بلادي "سورية" تضررنا من الحرب، وشخصياً خسرت منزلي في "حمص"، وانتقلت للسكن في مدينة "طرطوس"، ووجدت في حلمي ومشروعي طريقة للمحافظة على توازني الداخلي، وبذات الوقت وجدت فرصة لتطوير مشروعي باتجاه توثيق الوحدات الزخرفية في المنطقة، التي قلما نجد في المراجع معلومات عنها، وذلك من خلال مشاهداتي في البيئة المحلية الغنية، ونقلها بالألوان الزيتية على القماش والفخار، مع ما أجده في المراجع التاريخية عن حضارات المنطقة، وخاصة الفينيقية.

التكريم

وما لفت نظري مهارة الحرفي الفينيقي، وخاصة في مجال صناعة الجواهر الزجاجية والذهبية، فكانت جزءاً من مشروعي ومكملاً له؛ أي في مجال تصميم وصناعة الجواهر والحلي التراثية، وطورت المشروع حيث يأخذ بعداً له طابع استثماري يؤمن فرص عمل للفنانين والحرفيين المهرة، وقد نجحت فيما جعلته هدفاً لي.

وحصلت على منتج عالي المستوى وقادر على المنافسة في التسويق، حيث قدمت ورقة عمل إلى "معرض الباسل"، ونلت الجائزة الأولى من خلال مشاركتي بأعمالي الرسم على القماش والفخار وصناعة الجواهر التراثية المعتمدة على نماذج وأصول فينيقية».

وتضيف: «لم تغب عني أيضاً النماذج التراثية الفرعونية والإفريقية لما لها من جمال ووقع خاص، وخاصة عندما لاحظت تفردها في أسواق التصريف، حيث كانت غير مألوفة وجديدة، وخاصة في الأسواق اللبنانية».

وفي لقاء مع المهندسة "فدوى سلمان" أكدت أن ما تقدمه الحرفية "إنعام" واتجاهها نحو توثيق الحلي والجواهر التراثية بروح عصرية، يكاد يكون متفرداً؛ وهذا انعكس على الجمالية التي تبحث عنها المرأة فيما ترغب باقتنائه بوجه عام، وتتابع: «ما تقدمه في الكثير من الروح الشرقية المتجددة، خاصة في مجال مشروعها بالرسم على الفخار، وبرأيي إنها تساهم بمنح الفخار والخزف طابعاً خاصاً يمثل الانتماء الحضاري القديم».

أما الحرفية "سمر الأخرس"، فقالت: «لقد كان لها أثر كبير في حرفتي بتصميم الأزياء، فقد كانت تشجعني، وقدمت العديد من الأفكار التراثية التي يمكن العمل عليها، وقد تمكنت منها بموهبتي الخاصة، فمنحت القماش روحاً شرقية بإبداع عصري».

يشار إلى أن المهندسة الحرفية "إنعام منذر حمودي" من مواليد "حمص" عام 1968، مقيمة في "طرطوس"، ولديها ثلاثة أبناء متميزين في دراستهم، وطلاب أولمبياد على مستوى القطر في مادة الفيزياء.