لم تكن "جنان ديب" تدرك أن دراستها للفنون النسوية ستحفز أفكارها وتكون فرصة عملها يوماً ما، فمن خلالها تحضر عجينة السيراميك يدوياً وتصنع الإكسسوارات و"الصمديات" المنزلية، لتحقق دخلاً مادياً يساعدها اقتصادياً.

إن المكونات البسيطة المتوافرة بوجه عام في متناول الجميع، وهي ليست كل شيء بالنسبة للحرفية "جنان ديب"؛ لأن طريقة التحضير والصناعة هي ما حاولت التميز به للمحافظة على فرصة عملها التي أبدعتها ووظفت لها كل طاقاتها، حيث تكمن قدرة التوظيف بحسب حديثها لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 10 آب 2016، بقيمة المنتج وحاجة السوق إليه، حيث قالت: «عندما تجلس الأنثى من دون أن تقدم أي فائدة لأسرتها سوى الخدمات الاجتماعية المعتادة والمطلوبة منها بوجه عام، وتنتظر أن يصرف عليها رب الأسرة وهي قادرة على الإنجاز والإبداع فيما تنجز، تكون هناك مشكلة كبيرة في منهجية التفكير التي تمتلكها، فهي في النهاية فرد من أفراد المجتمع المنتج بالعموم، أي ضمن الشريحة المنتجة، وعليه كانت أفكاري تتحفز باستمرار فيما يمكن أن أقوم به لأكون عوناً لأسرتي، خاصة بعد أن التحق زوجي بالخدمة العسكرية الاحتياطية، ففكرت بما تعلمته في الفنون النسوية وكيف يمكن أن أستفيد منه بمفردي لأوفر على نفسي المنافسة ريثما أنطلق في عملي، فكانت فكرة صناعة الإكسسوارات النسائية المطلوبة باستمرار لزينة النساء؛ أي صناعتها من مواد أولية متوافرة ولكنها تحتاج إلى جهد ومراحل صناعة يدوية، وذلك بغية التخفيف من أعباء البحث عنها جاهزة لدى التجار والسماسرة، ناهيك عن مشكلات وفرتها وارتفاع أسعارها وفق مزاجية السوق والتاجر، فكانت عجينة السيراميك هي الحل الذي قررت العمل عليه ومن خلاله».

عملها بعجينة السيراميك مميز ومتفرد وخاصة مع استخدامها للألوان في منتجاتها، التي تشعرني بحالتها النفسية وطبيعة الشغف الذي تمتلكه، إضافة إلى التصاميم اليدوية التي تنتجها، والتي لا تستخدم فيها أي قوالب مصنعة مسبقاً

وتتابع: «عجينة السيراميك مادة أولية للعمل وإنتاج الإكسسوارات، وهي تحتاج إلى مواد أولية لتحضيرها، منها النشاء والغراء، حيث أقوم بتحضيرها وفق نسب معينة من المادتين تخلطا إحداهما مع الأخرى لتكون مطاوعة وسهلة التعامل خلال مراحل صناعة الإكسسوارات منها.

من مشغولاتها

والقلة القليلة من الحرفيات يدركن مراحل صناعة العجينة، وهذا عامل أساسي في تميز حرفتي، إضافة إلى طريقة التعامل معها بعد إنتاجها، حيث أشكّل منها وبطريقة سهلة وبسيطة الخواتم والأساور وعقود الرقبة وأقراط الأذن والمجسمات الصغيرة كتحف الصالونات، والأهم أنني عكست طريقة العمل، فبت أصنع الجزء التزييني مثلاً من الخاتم وأصمم له القطعة المعدنية وبحرفية يدوية من دون استخدام أي معدات تفقد العمل قيمته الحرفية».

ميزة العمل الحرفي الذي تقدمه الحرفية "جنان" أنه يدوي بالكامل بحسب وصفها، حيث قالت: «لا أستخدم أي قوالب صناعية أو تصاميم موضوعة مسبقاً لصناعة "الصمديات" والتحف الصغيرة، وإنما أصمّمها يدوياً ومن وحي أفكاري مهما صعبت أو كثرت تفاصيلها، وهذا لأنني أمتلك مخزوناً كبيراً تجاه هذه الحرفة، فهي مصدر دخل يساعدني في حياتي الاقتصادية، لذلك يجب أن تحصل على كامل حقوقها الفكرية واليدوية وحتى التسويقية مني، وهذه ليست مجرد أفكار أو كلمات، وإنما شغف بالعمل؛ لأنني وجدت نفسي فيه».

مشغولات يدوية بعجينة السيراميك

وعن أسواق التصريف، قالت: «التصريف في الأغلب ضمن المعارض الفنية والحرفية التي أشارك فيها دائماً، إضافة إلى التصريف عبر العلاقات الاجتماعية؛ لأنني لا أملك محلاً لعرض منتجاتي، وأنا في حالة بحث دائم عن أسواق تصريف، معتمدة الجودة والتميز في المنتج».

الحرفية "دلال ديوب" أكدت أن طاقتها في العمل تتحفز بمتابعتها للحرفية "جنان"؛ لأنها في تجدد دائم بما تقوم به، مضيفةً: «عملها بعجينة السيراميك مميز ومتفرد وخاصة مع استخدامها للألوان في منتجاتها، التي تشعرني بحالتها النفسية وطبيعة الشغف الذي تمتلكه، إضافة إلى التصاميم اليدوية التي تنتجها، والتي لا تستخدم فيها أي قوالب مصنعة مسبقاً».

الحرفية دلال ديوب

أما الحرفية "روجيه إبراهيم"، فقالت: «الحرفية "جنان" موهوبة لأنها خلقت فرصة عمل لها في ظروف احتاجت فيها إلى المال، معتمدة ما تعلمته في مدرسة الفنون النسوية سابقاً؛ أي إن أفكارها شبه أكاديمية واختصاصية، فهي تصنع الورود الصغيرة بطريقة مختلفة تماماً عن الورود المعروفة في هذه الحرفة، وهي من القماش، بينما ما تقدمه هو بعجينة السيراميك، حيث إن عمرها الافتراضي أكبر، ويمكن أن يستمر لسنوات طويلة إن لم يتقصد الشخص العبث بها وتخريبها».

يشار إلى أن "جنان ديب" من مواليد مدينة "الدريكيش"، عام 1987.