مثّل القرض الصغير الذي حصلت عليه "ريم إسماعيل" نقطة تحول كبيرة في حياتها، جعلت منها سيدة منتجة قادرة على إدارة مشروعها، وتحقيق دخل مادي يحسن مستوى عائلتها المعيشي.

وتعدّ "ريم" -من أهالي قرية "مرشتي" في ريف مدينة "بانياس"- نموذجاً لنساء الريف الساحلي المعطاء؛ اللواتي عملن على استثمار طاقاتهن في أعمال تتناسب مع البيئة الريفية التي يعشن فيها، حيث تقول خلال لقاء مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 26 نيسان 2016: «استفدت من القرض الصغير الذي لا تتجاوز قيمته خمسين ألف ليرة سورية، والذي حصلت عليه منذ عامين ونصف العام تقريباً من مكتب التنمية المحلية في محافظة "طرطوس" ضمن برنامج "مشروعي" للمشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر، حيث أسست مشروع تربية أبقار في منزلي من خلال شراء بقرة صغيرة وتربيتها».

أحرص كثيراً على العناية والاهتمام بالحيوانات التي أملكها، وأعطيها الكثير من الوقت والجهد لكوني أتعامل مع روح تقدم لي الفائدة، وساهمت في تحقيق الاكتفاء الذاتي للعائلة

وتضيف: «لم أتمكن بسبب ظروفي الخاصة من متابعة تعليمي، وتزوجت في سنّ مبكرة، وأصبحت أمّاً لأربعة أطفال، لكن هذا لا يعني أن أكون عالة على غيري؛ فلا بد من العمل لتأمين حاجات العائلة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي نمرّ بها اليوم، حيث زادت الحاجة إلى عمل إضافي لدى كل أسرة لتأمين مصروفها اليومي على الأقل؛ خاصة أنه لا معيل لنا سوى راتب الزوج الذي لم يعد يؤمن كامل متطلبات الأسرة في ظل موجة الغلاء الحالية».

السيدة ريم ترعى مشروعها

وبالإصرار والمتابعة بدأت العمل حيث قامت بمساعدة زوجها ببناء غرفة صغيرة للمشروع جوار المنزل، وتتابع حديثها بالقول: «اشتريت في البداية عجلة صغيرة بالمبلغ الذي حصلت عليه، وربيتها إلى أن أصبحت بقرة كبيرة حملت ثم ولدت، فقمت ببيع المولود وشراء بقرة ثانية بثمنه، واليوم أملك بقرتين وعجلاً صغيراً تتجاوز قيمتهم المليون ليرة سورية حسب الأسعار الرائجة».

ولم تقتصر الإدارة الجيدة للمشروع على تحقيق رأس مال كبير، بل شملت آثاراً إيجابية أكبر، وهنا تقول: «أقوم ببيع الحليب في القرية والقرى المجاورة بسعر يصل حالياً إلى مئة وخمس وعشرين ليرة سورية للكيلوغرام الواحد، وهو بالعموم لا يتناسب مع التكلفة الحقيقية للتربية، إلا أنه لا يمكن رفع الأسعار في القرية مراعاة لظروف السكان المتواضعة مادياً، إضافة إلى وجود تاجر يشتري كميات من الحليب ويبيعها في سوق مدينة "بانياس" بالسعر ذاته أيضاً، لكن هناك فوائد أخرى لهذه التربية؛ أهمها حصول العائلة على الألبان ومشتقاتها من حليب وجبن و"شنكليش"، وغيرها من مصدر نظيف، إضافة إلى الاستفادة من روث الأبقار في تسميد الأرض الزراعية، حيث أبيع الفائض عن حاجة أرضي أيضاً، كما يمكنني الاستفادة من المواليد الجديدة وبيعها».

المهندس سمير ديوب

وعن طريقة عنايتها بالمشروع تقول: «أحرص كثيراً على العناية والاهتمام بالحيوانات التي أملكها، وأعطيها الكثير من الوقت والجهد لكوني أتعامل مع روح تقدم لي الفائدة، وساهمت في تحقيق الاكتفاء الذاتي للعائلة».

ويؤكد المهندس "سمير ديوب" مدير مكتب التنمية المحلية في محافظة "طرطوس" أن ربة المنزل "ريم" تمكنت خلال مدة بسيطة من تسديد كامل القرض من خلال بيع منتجاتها من اللبن والحليب يومياً، إضافة إلى أنها تتابع باستمرار وتسأل عن قروض أخرى لتوسيع عملها».

في حين يرى "كاسر بدران" مختار قرية "مرشتي" أن "ريم" تستحق الدعم للوصول إلى رغبتها في توسيع مشروعها، حيث يقول: «بدأت من الصفر بالمشروع الصغير الذي تحول إلى مشروع كبير من خلال اندفاعها ورغبتها في العمل لتحسين ظروفها، لكن الظروف المادية تقف عائقاً في طريقها لتحقيق المزيد من الاستقرار والأمان لها ولعائلتها».