كثيرة هي الطرائق التي اتبعها مزارعو البيوت المحمية لحماية محاصيلهم الزراعية من موجات الصقيع، وترافقت بمراحل تطور متعددة آخرها تقنية استخدام الرذاذ التي خففت عنهم الكثير من الخسائر المادية.

ما بين شهري تشرين الثاني وكانون الثاني هوس يعيشه مزارعو البيوت المحمية في المنطقة الساحلية، وخاصة منها السهلية كما في "سهل عكار" و"بانياس"؛ وتحديداً منطقة "حريصون" بما تشمله من مزارع متعددة، وهنا قال المزارع "علي قاسم" من قرية "حريصون" لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 7 شباط 2016: «في فصل الشتاء نعيش كابوس الصقيع في كل يوم تقريباً عند تدني درجات الحرارة وهطول الثلوج على المرتفعات وقدوم المنخفضات القطبية، وهو ما يعني خسارة المحصول الزراعي حتى ولو كان داخل البيوت المحمية، وتحمّل خسائر مادية كبيرة، وهذه الحالة بالذات دفعتنا كمزارعي بيوت محمية إلى تبني الكثير من الأفكار التي أبدعها المزارعون وجربوها ضمن مزارعهم، وآخرها تقنية رش رذاذ الماء فوق الشرائح البلاستيكية، التي حققت الكثير من الفائدة وخففت الأضرار إن لم نقل عدمتها.

خسائرنا كانت كبيرة جداً كل عام، مع استخدامنا وسائل التدفئة المعتمدة على المازوت، وذلك لأن التدفئة محصورة بأمتار قليلة جداً حول محيطها؛ أي إن الخسائر مرهقة والعملية غير مجدية، لكن بعد استخدام تقنية الرذاذ أصبحت زراعتنا أفضل، حتى إن أجسادنا لم يعد يرهقها السهر في المناخ البارد خلال حدوث الصقيع، وهذا بعد تجربة شخصية والتحول إلى تقنية الرذاذ

فعملية رش الرذاذ تقنية ري ضبابية خارج البيت المحمي، تستخدم شبكات مياه متطورة تعتمد البساطة بالتعامل من قبل المزارع، حيث خففت عناء السهر والعمل بتنشيط التدفئة الحرارية، التي تعد أقدم وسائل الحماية من الصقيع».

علي قاسم

ويتابع: «تقنية الرذاذ سهلة التركيب، يمكن للمزارع تنفيذها، حيث يعمل على مدّ أنابيب؛ قطر كل أنبوب 2سم، في أعلى قمة البيت المحمي وعلى امتداده، موصولة بشبكة أنابيب أخرى قادمة من مصدر مياه جيد، هو في الأغلب أحواض إسمنتية تسمى "بُرك"، وهذه الأنابيب مجهزة بفتحات بأبعاد متساوية فيما بينها، جاهزة لتركيب الرذاذات الصغيرة ضمنها، والمعنية بتحويل المياه المتدفقة ضمن الأنابيب إلى رذاذ فور خروجها منها».

المزارع "منذر محمد" من منطقة "سهل عكار" قال: «لدي ثماني قبب من البيوت المحمية، عانيت ما عانيت جراء الصقيع الحاصل كل عام، وجربت جميع الطرائق المتعارف عليها في التدفئة، وهو ما كان يرهقني جسدياً ومادياً، فقررت تركيب تقنية الرذاذ، وفعلاً بعد استخدامي لها وفرت الكثير على نفسي كالتعب والسهر والمال وحافظت على محصولي؛ وهو ما انعكس عليّ إيجابياً؛ وخاصة في ظل الارتفاع المتسارع في أسعار المواد الأولية اللازمة للزراعة، والمنعكسة على ارتفاع التكلفة الحقيقية للمنتج مهما كان».

يظهر أعلى البيت المحمي أنبوب أسود هو من شبكة الرذاذ

ويضيف: «تعتمد تقنية الرذاذ المبتكرة رش المياه فوق الشرائح البلاستيكية عبر الرذاذات باستمرار؛ وخاصة عندما ندرك بدء تدني درجات الحرارة وصولاً إلى درجة الصفر، وهو ما يعني تجمد المياه وتكوّن طبقة من الجليد على الشرائح، وهذه الطبقة تكون كعازل لما داخل البيت المحمي عن خارجه، مهمتها حماية المناخ الداخلي من تدني درجات الحرارة وإصابة المحصول بالأضرار، وهذا ما أعدّه إبداع المزارعين».

المزارع "عماد مرعي" من منطقة "سهل عكار" قال: «خسائرنا كانت كبيرة جداً كل عام، مع استخدامنا وسائل التدفئة المعتمدة على المازوت، وذلك لأن التدفئة محصورة بأمتار قليلة جداً حول محيطها؛ أي إن الخسائر مرهقة والعملية غير مجدية، لكن بعد استخدام تقنية الرذاذ أصبحت زراعتنا أفضل، حتى إن أجسادنا لم يعد يرهقها السهر في المناخ البارد خلال حدوث الصقيع، وهذا بعد تجربة شخصية والتحول إلى تقنية الرذاذ».

المهندس محمد حيدر

أما عن وسائل الحماية من الصقيع، فقال المهندس الزراعي "محمد حيدر": «كانت البداية شبه الأساسية عبر التدفئة وتسخين المناخ الداخلي بواسطة مدافئ المازوت، أو إشعال النيران خارج البيت المحمي لرفع درجة حرارة الجو، وهو الأمر الذي أبقى المزارعين في حالة ترقب دائم، خوفاً من حدوث أي طارئ غير محسوب، كانتهاء المازوت أو انخماد النيران.

أما في الوقت الحالي فأغلب المزارعين توجهوا نحو تقنية الرذاذ لحماية محاصيلهم الزراعية من الصقيع، وهي تقنية حديثة دخلت عالم الزراعة ووفرت الكثير من المال وقللت الخسائر، بما لها من استدامة عمرية جيدة».