يكثر في هذه الأيام من السنة الطلب على النباتات البرية التي اكتسبت بقيمتها الغذائية زبائن خاصين؛ وهو ما شجع بعض أبناء الريف الساحلي للعمل بها كفرصة عمل موسمية لها مردوديتها الاقتصادية المتواضعة.

فالنباتات البرية الغذائية سوق متكامل له مرتادون ومتسوقون، كما له عماله المختصون بكل نوع من الأنواع، يقول المعمر "علي غانم" من أهالي ريف مدينة "بانياس" لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 22 تشرين الثاني 2015: «في كل فترة من فترات السنة تُنبت الأرض البرية أصنافاً مختلفة من النباتات البرية، فمنها الطبي والغذائي والعطري، وفي هذه الفترة أي ما بين شهري تشرين وحتى نهاية شهر كانون الأول تقريباً، تنبت النباتات البرية الغذائية التي نخرج لجمعها باستمرار بعد هطول أول رية أمطار، بعد أن تنمو تلقائياً نتيجة وجود البذور مسبقاً من النباتات الأم في التربة.

بعض العاملين بجمع النباتات البرية يحضرون النباتات الغذائية كما يجمعونها من الطبيعة، وهنا تكون لهم أجورهم وأتعابهم الخاصة لما جمعوه؛ والمختلفة تماماً عن سعر من يقوم بعملية التوضيب تلك النبتات مسبقاً، فأقوم بعملية تنظيفها ووضعها ضمن باقات صغيرة ومن ثم أرشها بالماء لتبقى نضرة، وهذا العمل نوع من المحافظة على الزبائن وكسب زبائن جدد

نجمعها في رحلة جماعية قد تطول لساعات نقضيها بين أحضان الطبيعة، بمختلف أنواعها، ومنها: "القرص عنة"، و"البلغصون"، و"الخبيزة"، و"السلبين"، و"الهندباء البرية"، ونوضبها جيداً بعد جمعها وتنظيفها من التربة، ونصنفها ضمن أنواعها المتجانسة ضمن باقات صغيرة يسهل على محبيها شراؤها، لأن أسعارها ليست زهيدة، نتيجة عناء ومشقة جمعها، وهذه النباتات بالنسبة لنا فرصة عمل موسمية ننتظرها كل موسم، فبعضهم يتفرغون لجمعها طوال موسم نموها».

الجد علي غانم

إن لعملية جمع النباتات البرية الغذائية خبرة حققتها فرصة العمل التي كونتها، يقول "حسان حسين" من ريف مدينة "طرطوس": «هذه النباتات البرية الغذائية تحتاج إلى خبرة جيدة في عملية جمعها، فالمحافظة على شكلها الجيد خلال عملية جمعها لا يمكن لأي عامل بها لا يمتلك الخبرة تحقيقه، خاصة إذا لم تتم العملية من الجذور الأساسية تحت التربة بواسطة السكين الحادة، فالزبائن يرغبون بشراء كامل النبتة الغذائية، لأن لعملية الطهو فنوناً وأذواقاً تختلف من شخص إلى آخر، ولكوني تاجراً تمرس على هذه التجارة واختص بها، أدرك أذواق ربات المنازل وما يحتجنه، لذلك أخبر العاملين بهذا المجال بالمواصفات المطلوبة لكل نبتة، ليستمر سوق العمل له، فأضمن سوق عملي وأحافظ على زبائني الذين اعتادوا في كل موسم شراء أنواع معينة من تلك النباتات الغذائية».

ولا يبدأ سوق عمل "حسان" بالنباتات البرية الغذائية بعملية التسويق فقط، وإنما بعملية التوضيب التي تجذب الزبائن، ويقول: «بعض العاملين بجمع النباتات البرية يحضرون النباتات الغذائية كما يجمعونها من الطبيعة، وهنا تكون لهم أجورهم وأتعابهم الخاصة لما جمعوه؛ والمختلفة تماماً عن سعر من يقوم بعملية التوضيب تلك النبتات مسبقاً، فأقوم بعملية تنظيفها ووضعها ضمن باقات صغيرة ومن ثم أرشها بالماء لتبقى نضرة، وهذا العمل نوع من المحافظة على الزبائن وكسب زبائن جدد».

"بسطة" البائع حسان حسين

"ليلى عبد الله" ربة منزل تحاول شراء أكبر كمية من النباتات البرية الغذائية في كل موسم، لأنها مدركة لفوائدها، وتقول: «تعد هذه النباتات وجبات غذائية مستمرة ومهمة وأساسية بالنسبة لي ولأسرتي خلال مواسمها الأساسية، فأحاول أن تكون على مائدتي اليومية بمختلف أنواعها وبمختلف طرائق تحضيرها وطهوها، وخاصة "القرص عنة" و"البلغصون"، فالأولى وجبة أساسية من المقبلات التي تكون كنوع من "سلطات" الخضار الغنية بالمعادن، ويمكن أيضاً طهوها، أما الثانية فتحتاج إلى عملية طهو على نار هادئة، ويمكن أن يضاف إليها البيض لتكون وجبة غذائية مفيدة، ويمكن أن تحضر مع الثوم فقط وزيت الزيتون».

بائعة النباتات البرية "مطيعة سليمان" من قرية "عين غنام" تقول: «اعتدت بيع هذه النباتات منذ عام 1991 وحتى الآن، فهي مصدر رزقي الوحيد، وبها أسست أسرة قوامها أحد عشر شخصاً، حيث أقوم بجمع هذه النباتات البرية الغذائية في مواسمها برفقة أبنائي وزوجي، إضافة إلى بعض النباتات الغذائية المنتجة محلياً في حقلي الصغير كالبقدونس والسلق والرشاد وغيرها، وتعد وجبات غذائية أساسية للكثيرات من ربات المنازل، وهو الأمر الذي شجعني على العمل طوال تلك المدة».

البائعة مطيعة سليمان