تعتمد الحرفية "نسرين إبراهيم" العاملة في حرفة تنسيق الصدف، وأسرتها، على ما يشتغلونه من نماذج تزيينية بمواضيع مختلفة، لتأمين مصدر دخل يعتمدون عليه منذ عقود، وكأنها حرفة متوارثة بالنسبة لهم.

فقد ارتبطت حرفة تنسيق الصدف بالنسبة لأسرة "نسرين إبراهيم" بحياتهم اليومية ومجرياتها، وطبيعتهم البحرية التي يجمعون منها الصدف البحري لأعمالهم التزيينية، معتمدين على السياح والمتنزهين على الكورنيش البحري لتسويق منتجاتهم، وهذا بحسب حديث "إبراهيم" لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 24 نيسان 2015، حيث أضافت بالقول: «نعمل بحرفة تنسيق الصدف كأسرة متكاملة منذ سنوات طويلة، بعد أن تعلمناها بالتتابع كأفراد الأسرة من عمي "نادر عبد اللطيف بدعة" وهو والد زوجي الذي تعملها هو الآخر من أمهر العاملين بها سابقاً، وذلك منذ زمن طويل أيضاً، فحين ندرك مصاعب الحياة، ونحرص على الحفاظ على هذه الحرفة اليدوية بين أيدينا لنوظفها كمصدر دخل نعتمد عليه في معيشتنا، يجب أن نتشبه بهذه الحرفة ونستمر في إحيائها، خاصة أننا الوحيدون العاملون فيها كجمع وإنتاج وتسويق، فأنا مثلاً تعلمتها وتعلقت بها بعد أن كنت أعدها تسلية لتمضية الوقت، فأصبحت مصدراً للحصول على مورد مالي يُعتمد عليه لمواجهة الظروف الصعبة، مع عدم توافر مصدر دخل آخر يقارن بها».

هي تحف جميلة مرتبطة بالبيئة البحرية، ولا يمكن أن تفنى إذا أدرك مقتنوها طريقة الحفاظ عليها، لذلك أشتري منها لمختلف المناسبات، وأراها هدية قيمة

وفي حرفة تنسيق الصدفيات الكثير من الأمور التي قد تخفى على الكثيرين، ومنها على سبيل المثال جمع الصدف، وهنا قالت "نسرين": «مرحلة جمع الصدف يمكن اعتبارها رحلة تنزه بحرية، حيث يقوم شباب العائلة بعملية الجمع عن الشاطئ البحري في أوقات يمكنهم زيارة الشاطئ فيها، وهذه الأصداف المجموعة تدخل مجال العمل التنسيقي بعد تنظيفها وغسلها فوراً، وهنا يكون عملنا إبداعياً فنياً، حيث نقوم بتصميم القطع والأشكال الخشبية وغير الخشبية المراد تصديفها، ونعمد إلى وضع الصدف عليها بطريقة تزيينية تغطي كامل الهيكل الأساسي لتبدو القطعة وكأنها كتلة صدفية، ومن هذه القطع علب المحارم والصناديق الخاصة بحفظ الجواهر وكل ما هو ثمين، وهي قطع للاستخدام المنزلي، إضافة إلى المواضيع التعبيرية والواقعية من وحي أفكارنا كالأكواخ وغيرها التي تستخدم لزينة الصالونات».

نسرين إبراهيم

وتتابع "نسرين": «في عملية التصديف هذه نستخدم أنواعاً خاصة من الصدف ونطلق عليها أصدافاً بحرية بلدية، أي نجمعها ونحضرها من بحرنا، ولها أنواع وتسميات متعددة منها: "الضفر، المحار"، ونوع آخر صغير جداً يسمى "الزلف"، ناهيك عن "البوق، العجل والصدفة الحمراء"».

وفي لقاء مع الحرفي "نادر عبد اللطيف بدعة" قال بداية عن مرحلة تعلمه الحرفة: «تعلمت من حوالي خمسة وعشرين عاماً حرفة "التصديف" من عائلة "التنبوك" التي تركت العمل بها منذ سنوات طويلة، لأبقى وحدي فيها كجمع وعمل وتسويق، حيث يوجد بعض الأشخاص ممن يسوقون القطع من دون جمع موادها الأولية أو العمل عليها، وهذا جعلني مسؤولاً أمام استمراريتها في محافظتنا».

من المشغولات الصدفية

ويتابع "بدعة": «ما نجمعه من البحر نشتغل عليه حرفياً وله زبائنه، ولكن ما نشتريه مستورداً من دول كالفلبين والصين والبحر الأحمر، يكون بأحجام كبيرة وأشكال متناسقة وجميلة، فلا يحتاج إلى حرفية، وإنما يحتاج إلى تشذيب وتجميل فقط، ولهذه الأنواع زبائنها ممن يدركون قيمتها المادية المرتفعة والجمالية الرائعة، ومنها مثلاً: "كوبا، شوكة، ميلو ومرجان" وهي مخصصة للزينة فقط وليست للاستخدام كالأصداف البلدية، حتى إن لها مستوردين خاصين يتعاملون بها».

لكل عمل هموم وشجون، وحتى لحرفة التصديف همومها، وعنها قال "بدعة": «لدينا "بسطة" دائمة على مدخل "ميناء أرواد" في "طرطوس"، وعمرها يزيد على عقدين من الزمن، وتعرضنا رغم عدم وجود غيرنا إلى الكثير من المضايقات والمخالفات من قبل المعنيين في المحافظة بهدف إزالتها، ولكننا صمدنا لأننا نحافظ على حرفة بحرية تأبى الزوال، وهي مصدر دخلنا الوحيد تقريباً، ومنها تعتاش أسر بكاملها عبر المشغل الخاص بها الذي أديره بنفسي، حيث إنني وأسرتي عملنا بها وأسسنا لعمل لا يزول إلا بزوال البحر، وأسس أبنائي أسرهم منها، عبر معرفة طرائق التسويق والعمل والمحافظة عليها.

نادر بدعة

فالتسويق مثلاً جيد يعتمد على "البسطة" وبعض التجار المتعاملين مع مشغلنا وبعض التجار المتجولين على الدراجات الهوائية، معتمدين بذلك على السياح والمتنزهين من داخل المحافظة وخارجها».

وفي لقاء مع الشابة "لينا إبراهيم" المتسوقة لبعض التزيينات الصدفية، قالت: «هي تحف جميلة مرتبطة بالبيئة البحرية، ولا يمكن أن تفنى إذا أدرك مقتنوها طريقة الحفاظ عليها، لذلك أشتري منها لمختلف المناسبات، وأراها هدية قيمة».