نافسها الرجال في مهنتها فنافستهم وأبدعت، وبين أكوام الخيوط والملابس تقضي 18 ساعة في الصبغ والكيّ والتجهيز، ومن أنوثتها لمسة عجز أصحاب المهنة عن إضفائها.

عادت الآنسة "نبال حسن" إلى مدينة "صافيتا" لتمارس عملها في مجال الحلاقة النسائية "كوافيرا" فاصطدمت بمجتمع وجد في اسم الرجل تميزاً لا بد منه عندما يجري الحديث عن أحدث "قصات الموضة، وتجهيز العرائس"، فانكفأت وبحثت لها عن مهنة توازي عمل الرجال صعوبة وتزيد، فكان عمل المصبغة وجهتها التي فتحت أمامها باب التحدي، واضعة نصب عينيها الجهد الكبير، والحاجة إلى الإتقان، والمعرفة الواسعة، وصولاً إلى اللمسة الخاصة التي ستكون فارق التميز بينها وبين أصحاب المهنة.

أقضي نهاري كاملاً في المشغل، بين الزبائن، والأماكن التي ترتبط بمهنتي، تاركة عمل الصباغة إلى الليل حيث أقوم بإعداد الأصبغة، وترتيب القماش والألبسة، ووضع الوجبات لصبغها، وذلك لساعات متأخرة، متممة بذلك شغفي بعملي، وكل ما يمنحه للإنسان من تألق وحافز للحياة

زارت مدونة وطن "eSyria" مصبغة الآنسة "نبال حسن" بتاريخ 10 شباط 2015، وعن تجربتها تحدثت بالقول: «لو تناولنا الموضوع من وجهة النظر الاجتماعية فإن مجتمعنا منفتح وليس بهذا المستوى من التعقيد والانغلاق الذي يمنع المرأة من ممارسة حقوقها، فكان الدخول وكسر تقليد مهني اجتماعي معين أمراً مقبولاً من حيث المبدأ، في حين انتقل مستوى المواجهة إلى الكلام وردود الأفعال الملأى بالإشارات السلبية، وعلامات الاستفهام عن دخولي ضمن مجال مهني يعد خاصاً بالرجال، وهنا لا يتجاوز الأثر بعض الإحباط الذي لا يتسع له الوقت أساساً، فطاقة الإبداع أقوى من أي تأثير أو تراجع، وأنا بالأساس أهوى المنافسة، وأحب تقديم كل ما أستطيع لأجل المهنة التي أعمل بها».

الأنسة "نبال حسن" في مصبغتها

عملت "نبال حسن" بمهنتها الجديدة بعد ترك عمل "كوافيرا" بداية عام 2011، وكانت قد عملت "كوافيرا" بعد عودتها من "دمشق" قرابة عام 2008، وفي ذات السياق تحدثنا إلى السيد "علي غزالة" خياط من مدينة "صافيتا"؛ حيث قال: «يوجد في جزئيات عمل المصبغة تفاصيل تحتاج إلى جهد جبار للقيام به، يعجز عنه الرجال أحياناً، ويترك بعضهم المهنة لهذا السبب، سواء كان ذلك بسبب الجهد المبذول، أو بسبب الحاجة إلى دقة كبيرة في اختيار الصباغ المناسب، ودرجات الحرارة المناسبة، وتفاصيل كثيرة من صلب عمل الصباغين، ولهذه التفاصيل مجتمعة وجدت في صديقتي "نبال حسن" خير من عمل بالمهنة بجد وابتكار يشهد به كل من زار مصبغتها».

يحد عمل المصبغة من حركة المهنية "نبال حسن" مانعاً إياها من تفاصيل كثيرة يرغب الإنسان بعيشها وسط مجتمعه، وفي ذلك تقول: «أقضي نهاري كاملاً في المشغل، بين الزبائن، والأماكن التي ترتبط بمهنتي، تاركة عمل الصباغة إلى الليل حيث أقوم بإعداد الأصبغة، وترتيب القماش والألبسة، ووضع الوجبات لصبغها، وذلك لساعات متأخرة، متممة بذلك شغفي بعملي، وكل ما يمنحه للإنسان من تألق وحافز للحياة».

في حديثها لمدونة وطن في مركز عملها في مدينة صافيتا

لكن رغم روح التحدي الواضحة لديها لا تخفي "نبال" إحساس التعب الذي تشعر به بين الفينة والأخرى، ربما لجهد كبير بذلته في لحظة ما، أو لنتيجة تنتظر ظهورها بعد عمل قامت به، وهي لا تسمي ذلك تراجعاً وانكفاء، وإنما لحظات تمر على الإنسان ما تلبث أن تنتهي مع قدوم يوم جديد وعمل جديد، مدعم بروح المثابرة والطموح لتحقيق الأفضل.