تجارب فردية متعددة في زراعة الفواكه الاستوائية ضمن البيئة الساحلية، قام بها من وصفهم المعنيون الزراعيون بالمغامرين، فهي ناجحة بما يكفي لنتبناها مؤسساتياً ورسمياً، واعتمادها كزراعات رديفة.

وهذه التجارب كانت بالفعل مغامرة من القائمين عليها والمهتمين المشرفين والمتابعين لهذه الأنواع من الزراعات الاستوائية الدخيلة على بيئتنا الساحلية الرطبة والحارة، حيث كانت في وقت سابق -بحسب الكثير من آراء العاملين فيها- رخاءً اجتماعياً، ومن ثم تحولت إلى إنتاج ذي مردودٍ اقتصادي مغرٍ لمتابعة العمل بها كزراعة رديفة.

أنا أعتبر أن تجربتي بزراعة الفواكه الاستوائية ناجحة من حيث الزراعة التي جهزت التربة بالحصى والرمل لتكون مناسبة لها وذات تصريف جيد، ومن حيث نوعية الإنتاج الجيد، ومن ثم التسويق الذي يتم من الحقل عبر تجار وأصحاب محال مختصة بعصائر الفواكه الاستوائية

وهذا على حدّ تعبير المهندس "رفعت عطا الله" رئيس دائرة الإنتاج النباتي في "مديرية زراعة طرطوس"، مضيفاً لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 30 تشرين الثاني 2014: «تنتشر في المحافظة بعض التجارب الفردية من بعض أصحاب المزارع الخاصة أو المزارعين المغامرين كما تم تصنيفهم من قبل الإرشاد الزراعي، فمنهم من حصل على غراس من دول مجاورة مثل "لبنان"، ومنها شجيرات "المانجو"، ومنهم من أكد أنها زراعة اقتصادية ومربحة، نتيجة النجاح الذي حققته في البيئة الساحلية، وهناك عدة مواقع منتشرة في "الساحل السوري" نذكر منها: موقع السيد "سمعان سارة" في موقع "مرقية"، وموقع آخر للسيد "علي اسماعيل" في منطقة "جبلة"، وحالياً بعض المزارعين تشجعوا وأقبلوا على هذا الزراعة الجديدة، وبدؤوا بمساحات زراعية صغيرة على مساحات لا تتجاوز 2000 متر مربع، أي بمعدل حوالي ثلاثين إلى خمسة وأربعين شجرة فقط للدونم الواحد.

مزارع الفواكه الاستوائية إبراهيم قاسم

وهنا يجب التأكيد على وجود بعض الزراعات المدخلة التي شجعتها وزارة الزراعة ومنها زراعة الكيوي، ولها نجاح رائع وممتاز في مواقع عدة، علماً أنها في مواقع أخرى لم تكن نتائجها جيدة، ويمكن أن نرجع هذا لعدم الخبرة أو عدم ملاءمة التربة لها، حيث سبّبت بعض المشكلات، ولكن عموماً هي زراعة ناجحة وذات مردود اقتصادي جيد، ويمكن تقدير إنتاج الدونم الواحد بحوالي 3000 كيلوغرام».

ويتابع المهندس "رفعت" توضيح نقاط مهمة في ملاءمة الزراعات الاستوائية للبيئة الساحلية: «تتواجد زراعات أخرى حديثة كزراعة "الأفوكادو"، وهي زراعة استوائية لاقت اهتماماً وإقبالاً جيداً من قبل بعض المغامرين المزارعين، لكن واجهتها صعوبات متعددة منها ما يخص العملية التسويقية عامة، ومنها تركز الإنتاج في بداية العام خلال شهري "تشرين الأول" و"أيلول"؛ أي في مرحلة النضج الكامل، وهو ما يؤدي إلى اختناق السوق مع عدم إمكانية تسويقها لبقية المحافظات في الوقت الحالي.

فواكه استوائية

كما تتواجد زراعات جديدة كتجارب صغيرة خاصة لبعض المزارعين المغامرين كزراعة "الليتشي" و"الكاريسا"، و"الشاي"، و"القهوة"، و"الكاكاو"، وهنا يجب التأكيد مع تنوع الزراعات الاستوائية المدخلة إلى البيئة الساحلية ونجاح زراعتها فيها، أن هذه البيئة ملائمة جداً لمختلف الأصناف، ويمكن أن تكون مرتكزاً لمزارع ضخمة مهتمة بهذه الزراعات؛ بالاعتماد على ارتفاع درجة حرارة المناخ بوجه عام عن السنوات السابقة، وملاءمة طبيعة التربة ونسبة الحموضة فيها لنمو النبات، ونسبة الرطوبة».

ومن التجارب الزراعية الاستوائية الناجحة والمهمة بتنوع النباتات التي شملتها، تجربة السيد "إبراهيم قاسم" أو "مزارع الفواكه الاستوائية" كما يطلق عليه، من أهالي قرية "حريصون" في مدينة "بانياس"، حيث قال عنها: «بداية زراعتي للنباتات الاستوائية من عدة عقود، كانت بالنسبة لي رخاء اجتماعياً أتباهى به بين أصدقائي المهتمين والقائمين على مزارع ضخمة، وما لبثت هذه التجربة الصغيرة بمساحتها أن شدتني إليها كثيراً مع نجاحها زراعياً ومردوديتها الاقتصادية الجيدة، فبت أزرع مختلف الأصناف بخبرة فنية كبيرة استقيتها من بعض كتب المعهد الزراعي والخبرة الزراعية السابقة، حيث أزرع أكثر من خمسة عشر صنفاً استوائياً تنتج الثمار وأسوقها شخصياً رغم قلة الكمية لصغر المساحة المزروعة.

السيد سمعان سارة

التميز في نوعية الزراعة والاختلاف عن بقية أنواع المزروعات التي تزرع في منطقتنا، كان جاذباً للكثيرين للاطلاع عليها، ولكن دون مبادرة للخوض في غمارها».

ويتابع في أهمية نجاح تجربته فيقول: «أنا أعتبر أن تجربتي بزراعة الفواكه الاستوائية ناجحة من حيث الزراعة التي جهزت التربة بالحصى والرمل لتكون مناسبة لها وذات تصريف جيد، ومن حيث نوعية الإنتاج الجيد، ومن ثم التسويق الذي يتم من الحقل عبر تجار وأصحاب محال مختصة بعصائر الفواكه الاستوائية».

كما أن تجربة السيد "سمعان سارة" في موقع "مرقية" تجربة رائدة على مستوى المحافظة، من حيث الكمية المنتجة من صنف المانجو، وهنا قال: «مزرعة المانجو لدي تحوي ما يزيد على 400 شجرة نصف قزمية ضمن البيوت المحمية، ومن خلال هذه التجربة يمكنني القول إن زراعتها تحتاج إلى الكثير من العطاء والكرم والصبر، لأن في بداية الزراعة سيبقى المزارع ما يقارب العامين يدفع تكاليف متعددة دون إنتاج، ناهيك عن ثمن الغراس الأساسية، وهنا يجب التأكيد على أن تجربتي مع زراعة الفواكه الاستوائية لم تقتصر على زراعة المانجو فقط، بل تعدتها للكثير من الأشجار الفردية من أصناف متنوعة ضمن حديقة منزلي بعيداً عن مزرعة المانجو، أحضرتها من أميركا».