محصول موسمي استراتيجي تكلف بذوره مليارات الليرات، وفي ظل غياب استراتيجية واضحة لإنتاجها محلياً ابتكر بعض زارعيها طريقة للإكثار تجمع مزايا التوفير، واللا محدودية.

تعد زراعة شتول البندورة باستخدام الفروع من الطرائق القديمة التعويضية التي تحل مشكلات النقص في البذور عند بداية الموسم الزراعي، أو تعويض التالف منها بعد الزراعة، ومع دخول "سورية" عام 2011 في حرب كونية تسببت بحصار اقتصادي حرم البلاد من سلع كثيرة ورفع أسعار بعضها الآخر، تأثرت زراعة البندورة تأثراً واضحاً بسبب غلاء المواد المستخدمة في زراعتها، وخاصة البذور، وفي تفصيل ذلك يقول المزارع "أحمد برهوم" من منطقة "الخراب": «تقطف الفروع -المتواجدة بكثرة على نبتة البندورة- بشكل متساوٍ من حيث الطول من 7 إلى 10سم، ثم تنزع الأوراق ما عدا رأس النبتة وورقتين حوله، بعدها توضع الفروع في وعاء واسع يحتوي مبيداً فطرياً -عالي الفعالية- ممزوجاً بالماء، وذلك لمدة 5 دقائق، ثم تنقل الفروع الجاهزة إلى "أوعية الفلين" الخاصة بزراعة بذور البندورة، حيث تتبع نفس طريقة زراعة البذور، ويراعى في كامل العملية السرعة من أجل عدم تعريض أنسجة الفروع للهواء وفقدان كمية زائدة من مياهها، وبالنسبة إلينا كمزارعين ننتقي الفروع من نوع واحد، أو عدة أنواع لكن مفصولة عن بعضها، لمراعاة حاجات كل نوع من الأسمدة والري، وأمراض البندورة الكثيرة، ونبقي الشتول 15 يوماً في العبوات قبل نقلها إلى الأرض، مع نسبة إنبات تصل أحياناً لـ100%».

أعمل في المزارع بطريقة "النسبة المئوية"، وفي مختلف المزارع التي عملت بها كنت أعمد كجميع المزارعين إلى تفريع البندورة وزراعتها لتعويض النقص في ذلك الوقت، لكن في هذا العام قررت -حيث أعمل- زراعة مساحة كبيرة من شتول البندورة بطريقة التفريع، وكما تشاهدون فإن النبتة الناتجة عن التفريع أعطت نسبة إنبات 100% تقريباً

يعود السيد "أحمد" بحديثه إلى الأسباب قائلاً: «اعتدت كما جميع مزارعي البندورة تعويض نقص الشتول، أو تلفها في الأرض بعد الزراعة بقطف فروع البندورة وغرسها في الأرض مباشرة أو تجهيزها قبل مدة معينة بنفس طريقة زراعة البذور، لكن تكلفة "ظرف البذور" الواحد ارتفعت كمثال من 5000 ل.س قبل الحرب في "سورية"، إلى 30 وحتى 50 ألف ل.س، وهو ما دعانا للبحث عن طريقة لخفض التكاليف بأية وسيلة ممكنة، ومن مجمل الأساليب التي حاولنا اتباعها "الإكثار بواسطة الفروع"، وهذه جاءت كنتيجة أكثر من الأسلوب، فكثيرون من المزارعين تركوا بيوتهم البلاستيكية من دون زراعة بسبب التكاليف الهائلة المترتبة عليهم "سماد عضوي، سماد كيماوي، بذور، نايلون، تعقيم،..."، وباعتبار أن البذور من أكثر التجهيزات تكلفة فقد جاءت هذه الطريقة كحل جزئي لدى بعض المزارعين -وإن كان لا يزال خجولاً- على اعتبار أن هذه الطريقة مجربة سابقاً، وتعطي نتائج جيدة مضمونة».

النتائج الأولية لزراعة البندورة بطريقة التفريع

توجهت مدونة وطن "eSyria" إلى "مديرية زراعة طرطوس" بتاريخ 25 تشرين الأول 2014، للحديث مع الأستاذ "عطا شماس" رئيس شعبة الخضراوات، للحديث عن أسلوب زراعة البندورة بطريقة التفريع، حيث قال: «أعرف هذه الطريقة جيداً، وكنا نستخدمها عادة لتعويض النقص عندما يكون محدوداً، لكن من دون أي اعتماد حقيقي على هذه الطريقة، لذلك لا أعتقد أنها حل لمشكلة غلاء البذور والتكاليف، فالجذور الناتجة عن عملية الزراعة ضعيفة، وتظهر من جوانب الفرع المغروس، بعكس البذرة التي تعطي جذر وتدي هو الأهم بالنسبة للنبتة، كذلك فإن النبتة الناتجة عن التفريع تطول لغاية 60سم ولمدة شهرين، قبل أن تعطي أول أزهارها ذات القيمة الإنتاجية، إضافة لموضوع الإنتاج خلال الموسم بحد ذاته يختلف بين الطريقتين، ناهيك عن انكشاف أنسجة الفرع عند قطعه عن النبتة الأم، وتعرضه في بعض الحالات إلى أمراض التربية "فطريات وعفن"، وضعف أمام مرض "النيماتودا" الخطير جداً».

ولبحث الموضوع أكثر توجهنا إلى إحدى المزارع المخصصة لزراعة "البندورة"، فحدثنا السيد "خالد حمادي" مزارع من مدينة "رأس العين"، ويعمل منذ 12 سنة في زراعة البندورة المحمية في "طرطوس"، وقال: «أعمل في المزارع بطريقة "النسبة المئوية"، وفي مختلف المزارع التي عملت بها كنت أعمد كجميع المزارعين إلى تفريع البندورة وزراعتها لتعويض النقص في ذلك الوقت، لكن في هذا العام قررت -حيث أعمل- زراعة مساحة كبيرة من شتول البندورة بطريقة التفريع، وكما تشاهدون فإن النبتة الناتجة عن التفريع أعطت نسبة إنبات 100% تقريباً».

محاولة تعميم التجربة على نطاق أوسع

ومن خلال تتبع العملية في أكثر من مكان، تحدث المزارعون بإيجابية كبيرة ربما تكون ناتجة عن الحاجة التي فرضتها تكاليف البذور، وربما تكون قناعة حقيقية بالنتائج، خاصة فيما يتعلق بعنقود الزهر الذي يكون موجوداً أساساً عند قطف الفرع، الذي يعطي مباشرة عند زراعته في الأرض، إضافة للنتائج الجيدة خلال الموسم الإنتاجي عندما تتبع الطريقة الصحيحة في التفريع ومحاولة التجذير للفرع، بعكس الرأي العلمي عبر الأستاذ "عطا شماس" الذي أوضح أبعاد مخاطر هذه الطريقة، وعند سؤال المزارعين عن هذه المخاطر وجهوا إلينا دعوة خلال الموسم لمتابعة النتائج بطريقة عملية، لنوثق النتيجة الحقيقية بعيداً عن الآراء.

خلال حديث الأستاذ "عطا شماس" لمدونة وطن