المطاعم العائمة، السباحة، الصيد، زيارة الجزر، عناصر جذب يمكن استغلالها لإيجاد سياحة بحرية، تعد محركاً للنهوض بالقطاع السياحي، وفرصة لتعميق ثقافة السياحة الداخلية.

لا يقتضي الموضوع التشعب فيه بما يخرجه عن الإمكانيات المتاحة حالياً للنهوض بسياحة داخلية تبحث عن نافذة تخرج من خلالها قوية ومقنعة لمحبي السياحة من أبناء البلد، الباحثين عن أسلوب من أساليب الترفيه، الذي يمكن إيجاده في السياحة البحرية التي تعد خارج حسابات أي نشاط سياحي في "سورية"، ومن ثم يمكن اعتبارها عنصر إلهام لأي حراك سياحي يعتمد على الغرابة والإبهار، من هنا لا بد لنا من بحث الموضوع مع من خبره على أرض الواقع ولو بتجارب صغيرة يتحدث عنها لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 31 تشرين الأول 2014، الصياد والمنقذ البحري "علي العلي" الذي تعاون مع "فريق المدونة الاستكشافي" لبناء رؤية واقعية عن فكرة السياحة البحرية من خلال جولة بحرية حول الجزر الواقعة أمام شاطئ مدينة طرطوس "أرواد، الحباس الكبرى، وجزر الحباس الجنوبية أو المخاريط"، حيث قال: «أعمل في مجال الصيد والرحلات البحرية منذ صغري، وورثت المهنة عن والدي، ورغم أن القارب مخصص للرحلات البحرية إلا أننا نستخدمه للصيد لعدم وجود عمل دائم في مجال الرحلات البحرية لمحبي البحر وجولاته، وقد اقتنيت عدة زوارق بعضها كان مهيأ بدرجة جيدة للجولات البحرية السياحية، وقد اصطحبت أناس كثر في جولات قصيرة، سواء لمشاهدة جزيرة أرواد من كافة أطرافها، أو بقية الجزر الأخرى أمام مدينة "طرطوس"، عدا جولات البحر الليلية، وممارسة متعة الصيد البحري، أو السباحة في عرض البحر والغطس».

كانت الرحلة البحرية التي قمنا بها في "كشاف الفوج السابع" برفقة "فريق مدونة وطن الاستكشافي" رائعة للغاية، جربنا فيها أنشطة كثيرة في عرض البحر، وعلى جزيرة "الحباس"، سواء بالصيد، أو جمع المحار والصدف، والسباحة، والتمتع بجمال البحر، هذه الأنشطة وغيرها الكثير مما يمكننا القيام به، التي أتمنى تفعيلها بالطرائق المناسبة لتطوير السياحة الداخلية

لم نستطع في مديرية سياحة "طرطوس" استيضاح بعض الجوانب المتعلقة بالسياحة البحرية، والأفكار القديمة والمستقبلية حول تطويرها، بسبب منع إجراء أي لقاءات صحفية لأي غرض كان في الظروف الراهنة التي تشهدها البلاد، لكن الأفكار المتداولة لدى الجهات الرسمية ذات الصلة بهذا الموضوع تؤكد أن الأمر متعلق لدرجة كبيرة بالقطاع الخاص ومبادراته لبناء هذا القطاع المهم في السياحة الداخلية خاصة، على اعتبار أن المياه الإقليمية السورية تتميز بهدوء مياهها لمدة 300 يوم في السنة، عدا تشكيلات المرجان الخاصة بهذه المنطقة من مياه المتوسط وخصوصاً حول الجزر السورية، ومزايا أخرى تجعل الاستثمار في هذا الجانب مضموناً لدرجة كبيرة.

الصيد والاستجمام من ضمن الأنشطة السياحية البحرية

وبغرض التركيز على الجانب الممتع في الأنشطة البحرية التي تمثل مفهوم السياحة البحرية تحدثنا الدكتورة "لمى حسن" صيدلانية وأديبة، ومن رواد الحركة الكشفية الحديثة باتجاه الطبيعة السورية بمكوناتها، عدا كونها من الجهة المنظمة في فريق "سلام يا طبيعة"، وتقول: «لا يمكن أن تعرف المدينة التي تنتمي اليها حتى تكتشفها عن قرب من خلال مُسُر تمشي فيها في الطبيعة، كالتي نقوم بها في سلام يا طبيعة، ومن خلال الرحلات البحرية أيضاً، الغريب أن هذا الجانب يكاد يكون غائباً عن ذهن كثيرين حيث تقتصر العلاقة مع البحر بالسباحة صيفاً أو بتأمل الغروب على الشاطئ، بينما تملأ رحلة بحرية القلب والعقل بصفاء البحر والسماء وهدوء الزرقة، وتجعلك ترى مدينتك بعين جديدة كأنك تتعرف إليها للمرة الأولى، منذ سنوات اعتدت الذهاب مع الأصدقاء في رحلة قصيرة إلى أرواد ومنها في المراكب التي تعمل كوسيلة نقل بين "طرطوس، وأرواد"، فترى المدينة تبتعد عنك وقد بانت ملامحها وأبنيتها بحلّة جديدة، وتنظف رئتيك باستنشاق نسمات البحر النقية، ولعل من أجمل الرحلات التي قمت بها كانت ليلاً حيث تتلاشى ملامح الأبنية كلما ابتعدت عن الشاطئ لتبرز جبال "طرطوس" المضاءة، ويبدو البحر والجبل في مشهد جميل متلألئ، خاصة مع شعاع القمر الذي يرافق الرحلة، كما لا أنسى الرحلة إلى أرواد مع جمعية "أنا السوري"، حيث مررنا بصخرة في وسط البحر أدهشتني، كانت تغطيها الطحالب والنوارس، كما تعرفنا القسم الغربي من "أرواد" وبقايا السور الفينيقي والآثار الأخرى المتواجدة في المنطقة، ورغم زيارتي السابقة لأرواد إلا أن صفاء الموج وزرقته الغريبة في ذلك الشاطئ الصخري كان مشهداً يشبه ما نراه في الجزر السياحية المروَّج لها عالمياً، إن ساحل مدينتنا لا يزال كنزاً غير مكتشَف، وأتشوق لاكتشاف المزيد».

من جهته يقول الشاب "مرهف سرديني" عضو في "كشاف سورية - الفوج السابع": «كانت الرحلة البحرية التي قمنا بها في "كشاف الفوج السابع" برفقة "فريق مدونة وطن الاستكشافي" رائعة للغاية، جربنا فيها أنشطة كثيرة في عرض البحر، وعلى جزيرة "الحباس"، سواء بالصيد، أو جمع المحار والصدف، والسباحة، والتمتع بجمال البحر، هذه الأنشطة وغيرها الكثير مما يمكننا القيام به، التي أتمنى تفعيلها بالطرائق المناسبة لتطوير السياحة الداخلية».

المناظر الخلابة من جزر وأجواء بحرية مثيرة في المياه الإقليمية السورية

أما الختام فبحديث للبحار "علي العلي" حيث يقول: «آمل أن تصبح العملية منظمة تنظيماً أفضل، وأن تتضافر الجهود الحكومية الخاصة لإيجاد سياحة بحرية حقيقية، نعمل من خلالها عبر شبكة متكاملة، تؤمن الاستمرارية لقطاع واسع من العاملين في مجال السياحة والبحر، والمتضررين من تراجع القطاع السياحي في "سورية"، حيث تتحول السياحة إلى داخلية تؤدي أغراضاً كثيرة، أهمها استثمار رؤوس الأموال داخلياً، وتعريف السوريين ببيئتهم الجميلة المجهولة من قبل الكثيرين».

حديث البحار "علي العلي" لمدونة وطن