عند قيامه اعتمد المشروع على المزايا الإنتاجية لربات البيوت، ومع نضج الفكرة انتقل العمل إلى مستويات جديدة صناعية، تجارية، إعلامية.

انطلقت فكرة معارض أو "بازارات المنتجات المنزلية" منذ سنوات عديدة، من مبدأ إشغال ربات البيوت ببعض الصناعات اليدوية التي تملأ وقت الفراغ، وتؤمن لبعضهم مدخولاً مادياً إضافياً، لكن الفكرة ما لبثت أن تطورت وأخذت أبعاداً جديدة مع دخول "سورية" عام 2011 في أزمة وحرب قد تستمر لسنوات عديدة، وعن ذلك تتحدث لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 20 تشرين الأول 2014، السيدة "سوزان فخري" من "دمشق"، وهي مصممة أزياء ومنظمة معارض، بالقول: «تقوم فكرة هذه البازارات على بيع منتجات مصنعة في مراحلها الأخيرة يدوياً، حيث تصل إلى المستهلك مباشرة من دون وسيط، وتعد من جهة مستوى جديداً ونوعياً ضمن قطاعي الصناعة والتجارة، ومن جهة أخرى تعبر عن مقدرة المرأة بما يتجاوز كونها نصف المجتمع لتصبح في الخط الأول في لحظات التحدي التي تعيشها "سورية"، إضافة لدورها الأساسي كربة منزل، وبناء على ذلك يتم تنظيم البازارات بشكل معارض، تضم مجموعة من العارضين، وتدوم لعدة أيام، في صالات عرض يسهل وصول الناس إليها.

أنظم هذه البازارات منذ عام 1990، وحينها كان إقبال السيدات على عرض منتجاتهن متواضعاً، فمن أربع سيدات في المعرض الواحد إلى العشرات مع تطور الفكرة، لكن مع دخول الأزمة التي عصفت بـ"سورية" تضاعفت أعداد المشتركات إلى المئات ووصل العدد إلى 600 عارضة في بعض البازارات، وهذا الأمر يعكس القيمة الكبيرة التي حققتها

تقدم هذه البازارات أنواعاً عديدة من المصنوعات ضمن حاجات الأسرة الضرورية: "منظفات، ألبسة، إكسسوارات، مواد تجميل، وصناعات غذائية"، سواء أكان التصنيع كاملاً، أم إكمال المرحلة النهائية من المنتج وعرضه للمستهلكين».

من أجواء المعرض وزواره

جمعت البازارات ثلاثة قطاعات إنتاجية مهمة في المجتمع الحديث، فهي على المستوى الصناعي قدمت عبر السيدات المشاركات سلة كبيرة من المنتجات التي يحتاجها الإنسان والبيت، سواء أكانت حاجات أساسية أم كمالية، تقول عنها السيدة "حنان ريحاوي" ربة منزل ومصممة إكسسوارات من "دمشق": «أعمل في مجال تصميم الإكسسوارات التزينية النسائية، وقد عملت ضمن هذا المجال المهني من خلال الهواية، التي تطورت مع الوقت إلى عمل منظم أكسب من خلاله المال، وأمارس هواياتي في التصميم وإبداع الأشكال التزيينية، التي تقوم على مادة أولية نشتريها من السوق: "لولو، عقيق، مرجان، أحجار ملونة، أقفال للأطواق،..."، ثم عمل حرفي لاختراع أشكال متنوعة من الإكسسوارات، ومن ثم عرضها حصرياً في البازار الذي يمثل مجالنا الوحيد للتواصل مع المستهلك».

يمكن الانطلاق من كلام السيدة "حنان" إلى الجانب التجاري الذي يظهر أهمية البازار لكونه كياناً تجارياً قائماً بحد ذاته، ومن يعمل فيه لا يلجأ إلى منافذ أخرى للبيع، وهو ما يعطي البازار قيمة مضاعفة، تجعل زبائنه ينتظرون تنظيمه من فترة لأخرى، وفي هذا السياق تقول السيدة "سوزان فخري": «أنظم هذه البازارات منذ عام 1990، وحينها كان إقبال السيدات على عرض منتجاتهن متواضعاً، فمن أربع سيدات في المعرض الواحد إلى العشرات مع تطور الفكرة، لكن مع دخول الأزمة التي عصفت بـ"سورية" تضاعفت أعداد المشتركات إلى المئات ووصل العدد إلى 600 عارضة في بعض البازارات، وهذا الأمر يعكس القيمة الكبيرة التي حققتها».

السيدة "رجاء حمدان" بين معروضاتها اليدوية

وأما المستوى الإعلامي في عمل "بازارات الصناعات المنزلية"، فهو ما لاحظناه خلال زيارة أحد هذه البازارات، من وسائل ترويجية تعمل بأكثر من أسلوب لجذب المتسوقين، فالبازار يملك فريقاً تنظيمياً إعلانياً لتوزيع "المنشورات الترويجية"، إضافة لامتلاكه إذاعة داخلية للتواصل مع الزائرين، وتقديم العروض المغرية لهم، وهذا عمل قائم بذاته ضمن هذا الكيان الإنتاجي، يضاف إليه فكرة تجوال البازار داخل البلد وخارجها، وهذه العملية بحد ذاتها ترويج كبير للمنتجات السورية، على اعتبار أن معظم البازارات تقوم على فكرة الصناعة المحلية وخاصة اليدوية منها، وهو ما أكدته السيدة "سوزان" من خلال تنظيمها للكثير من المعارض في عدد من الدول العربية والأوروبية.

كما أن تنظيم البازارات خلال سنوات الحرب في "سورية" أثر إيجابياً في شريحة من التجار ممن فقدوا أعمالهم، وعن ذلك تقول السيدة "رجاء حمدان" من "دمشق": «أعمل منذ وقت طويل في تجارة الإكسسوارات، والمشغولات اليدوية، لكن متجري يقع في مكان خطر نتيجة الأعمال التخريبية التي تتعرض لها الأحياء والأسواق، ومعظم زبائني من طالبات الجامعة، وهو ما سبب انتكاسة كبيرة في عملي، من هنا جاء اشتراكي في البازار لسد بعض الخسارة التي تسبب بها إغلاق متجري، وفي نفس الوقت استمرارية الحياة والعمل بأي طريقة تمكننا من التواصل مع الناس، والتأكيد على أن المجتمع السوري ينبض بالحياة، وقادر على الإنتاج في أصعب الظروف».

السيدة "سوزان فخري" تتحدث لمدونة وطن

من هنا نجد أن هذا الكيان "البازار" الذي يبنى على عملية تكاملية "صناعية تجارية إعلامية" يمتلك مقومات المشروع ولو كانت صفته مؤقتة، وأهم من ذلك أنه يؤدي إلى تشغيل عدد كبير من السيدات من شريحة اجتماعية تعد خارج نطاق العملية الإنتاجية في المجتمع.