أفكار زراعية لمحاولة الاكتفاء الذاتي، سكنت مخيلة السيد "سامي حسن"، كان لنشأته الريفية سبب فيها، وجدت سبيلها للتطبيق ضمن المدينة، فجعلته رب أسرة منتجاً لحاجيات منزله اليومية.

والهدف ليس الإنتاج فقط، وإنما كما أوضح السيد "سامي حسن" لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 5 تشرين الأول 2014، أن يصبح إنساناً مكتفياً من ناحية الحاجيات التي يضطر لشرائها بشكل يومي، وتشكل عبئاً عليه من ناحية الوقت والمال، وخاصة منها الحاجيات الزراعية التي تدخل في صلب الوجبات الغذائية الرئيسية، كالبندورة والخيار والبصل والملفوف والجزر والسلق والبامياء، والبقوليات، والخضراوات العشبية، والنباتات الطبية، والقرنبيط، وكل صنف بحسب موسمه الزراعي الفصلي؛ ما يخفف عنه وزوجته عناء التسوق والدخول في جدلية الخضار طازجة أم لا، مع التاجر.

العمل في "الجنينة" رائع جداً، وأجد فيه شيئاً من ذاتي وانتمائي وحاجتي، خاصة بعد الزواج وزيادة المسؤوليات ومتطلبات الحياة، وما أدت إليه هذه الظروف الصعبة من ارتفاع جنوني للأسعار وزيادة الحاجة، وهذا الأمر انعكس إيجاباً على تصميمي للاستمرار في العمل، لأنني أجده تطوراً نابعاً من الحاجة. والحمد لله أثمرت جهودي، وزاد تعلقي بهذا العمل وهذه الأرض، فأشعر مع إنتاج كل موسم بالنشوة الروحية والمادية الاقتصادية لما توفره عليّ من مال حين يبدأ الإنتاج، كما أنني أزرع ما أحب من أشجار مثمرة كالليمون والأكدنيا والعنب، والفريز، ولا تخلو حديقتي من شجيرات الياسمين والورود والجوري على جوانبها ومحيطها

ويضيف السيد "سامي" من سكان "حي القصور" أحد أحياء مدينة "بانياس": «في البداية يجب توضيح أن ما أقوم به هو محاولة للصمود في وجه الغلاء الفاحش للأسعار، ومحاربته، وهي خطوة أتمنى أن تلقى الرواج الجيد بين الناس لنتحول من مستهلكين إلى منتجين بحسب حالاتنا وقدراتنا الجغرافية من حيث المساحة التي يمكن زراعتها في حدائقنا المنزلية، والعضلية من حيث القدرة على تحدي الجهد والتعب وانتظار النتيجة المفرحة التي نحققها حين قطاف ثمرات الإنتاج.

تشكيلة خضار إنتاج محلي

فمساحة الحديقة المنزلية التي أملكها نحو تسعين متراً مربعاً، أمام الشقة التي أسكنها في الطابق الأرضي، ولو امتلكها كل فرد منا بجانب منزله، والأغلبية منا يمتلكونها، تكون مساحة جيدة جداً إذا تم تقسيمها واستثمارها بالشكل الأمثل، كما فعلت أنا بها، وبذلك نضمن التخلص من تحكم واستبداد التجار، ونحقق اكتفاء ذاتياً، ونتحول إلى منتجين على خلاف ما أرادونا عليه مستهلكين لكل شيء.

إن عملي في سلك التدريس لم يثنني عما عقدت العزم عليه بالتحول إلى إنسان منتج يستحق العيش على هذه الأرض المعطاءة، وإنما أعطاني أفكاراً تخدم ما تأخرت في إنجازه، وتعلمته من حياة والديّ الريفية عبر مساعدتهما بالعمل في الحقل.

إنتاج الفريز

كما أن اختصاصي بتدريس مادة الجغرافية، كان له الدور الإيجابي الكبير من حيث الإحساس بقيمة هذه الأرض وترابها الخّير المعطاء، الذي لم يبخل في يوم من الأيام علينا».

الخبرة الزراعية المكتسبة من الحياة الريفية التي عاشها الأستاذ "سامي" في كنف أسرته الريفية، لم تكن بسيطة، وهنا قال: «قبل الزواج والاستقلال كنت شريكاً جيداً لعمل والدي بالحقل الريفي ضمن القرية، وهذا منحني الكثير من الخبرة الزراعية التي لم تجد طريقها للتطبيق ضمن أحياء المدينة التي أسكن، مع كثرة الأعمال التدريسية التي التزمت بها، إلا في هذه "الحاكورة" الصغيرة أمام منزلي؛ التي أنا سعيد بها كثيراً، ومن أهم ما طبقته من الخبرات السابقة طريقة تقسيم المساحة المزروعة لتتناسب مع ما أريد زراعته فيها ولتشمل مختلف الأصناف دون أن يؤثر بعضها في بعضها الآخر.

إضافة إلى أنني أدركت تقسيم مراحل الزراعة إلى مواسم تتناسب ونوعية المزروعات وفصل الزراعة الشتوي أو الصيفيٍ، أي إنني أزرع موسماً شتوياً وموسماً صيفياً، وأنا الآن بصدد تجهيز الحديقة لزراعة موسم شتوي يؤمن لي مختلف خضار الشتاء التي أحتاجها، وتكون خضاراً طازجة ونظيفة كاملة النكهة والفائدة بشكل يومي».

الحديقة المنزلية بالنسبة للسيد "سامي" لم تكن مجرد حقل زراعي للإنتاج فقط، وإنما بحسب رأيه مكاناً للراحة النفسية من ضغوط الحياة، وهنا قال: «العمل في "الجنينة" رائع جداً، وأجد فيه شيئاً من ذاتي وانتمائي وحاجتي، خاصة بعد الزواج وزيادة المسؤوليات ومتطلبات الحياة، وما أدت إليه هذه الظروف الصعبة من ارتفاع جنوني للأسعار وزيادة الحاجة، وهذا الأمر انعكس إيجاباً على تصميمي للاستمرار في العمل، لأنني أجده تطوراً نابعاً من الحاجة.

والحمد لله أثمرت جهودي، وزاد تعلقي بهذا العمل وهذه الأرض، فأشعر مع إنتاج كل موسم بالنشوة الروحية والمادية الاقتصادية لما توفره عليّ من مال حين يبدأ الإنتاج، كما أنني أزرع ما أحب من أشجار مثمرة كالليمون والأكدنيا والعنب، والفريز، ولا تخلو حديقتي من شجيرات الياسمين والورود والجوري على جوانبها ومحيطها».

وفي لقاء مع السيدة "مها محفوض" زوجة الأستاذ "سامي" قالت: «انطلقت فكرة استثمار الحديقة المنزلية بتشجيعي، وأسعى مع زوجي حالياً إلى تطويرها بمختلف الجوانب، من ناحية الأصناف التي يمكن إدخالها للزراعة، لأنها حققت لنا سعادة بالإنتاج الذي توفره لنا، والقيمة العملية التي أمنتها لنا بعملنا بها، ناهيك عن الوفرة الاقتصادية التي وصلت حتى التسعين بالمئة، وتمكنا من استثمارها في جوانب أخرى من حياتنا الأسرية، وهنا لا أنكر أنني كنت سعيدة بإضافة أصناف الورود إلى الزراعة لما منحت الحقل الصغير من جمالية مع تنوع المنتجات والألوان فيها، رغم أنها أخذت حيزاً صغيراً من الأرض الصغيرة ضمن المدينة، أي بمعنى لا يمكننا التوسع بها أكثر من هذا.

وبالعموم نحن في عائلتنا لا يوجد شيء لا يمكن استثماره لتحقيق الاكتفاء الذاتي، فوالدي الذي يبلغ من العمر ثمانية وسبعين عاماً، مازال يعمل في أرضه بخبرته المتوارثة التي يقدمها لكل مهتم وراغب بتحقيق ذاته في هذا المجال».