سلة غذائية شبه مكتملة من الخضار البلدية والفواكه الاستوائية، ينتجها أهالي قرية "حريصون" للأسواق الداخلية والخارجية، بفضل توافر بيئة زراعية متكاملة أساسها الطبيعة والعنصر البشري.

مدونة وطن "eSyria" زارت قرية "حريصون" التابعة لمدينة "بانياس" بتاريخ 5 أيلول 2014، والتقت السيد "قاسم قاسم" للتعرف على المجتمع الزراعي شبه المتكامل في القرية، وعنه قال: «في البداية عندما نريد التحدث عن بيئة ما ووصفها بالبيئة الزراعية، يجب أن نوضح مقومات البيئة الزراعية، وهذا أمر أدركته من خلال خبرتي الزراعية وعمري الذي ناهز الخمسة والثمانين عاماً، قضيتها بالعمل الزراعي منذ نعومة أظفاري، ومن ثم يجب أن نوضح قدرات هذه البيئة الزراعية الطبيعية منها والبشرية على حد سواء، وما هو دورها مجتمعة في إغناء هذه البيئة الزراعية، وهنا يمكنني القول إن البيئة الزراعية هي البيئة التي تعتمد على الإنتاج الزراعي بشكل شبه كامل، إن لم نقل إنه كامل تماماً، إضافة إلى أن هذه البيئة يجب أن تكون منتجة لمختلف أنواع الزراعات الطبيعية والمحمية بتنوعها الكبير المعروف للجميع، وهذه المقومات للبيئة الزراعية متوافرة في قرية "حريصون" بشكل شبه تام، لذلك نقول إن بيئة قريتنا بيئة زراعية، ناهيك عن العنصر البشري الخبير بزراعة مختلف أنواع الزراعات، والمعتمد على الزراعة في معيشته بشكل كبير، الذي ساهم في نضج هذه الخبرة الزراعية منذ القدم، واللافت في الأمر أن قرية "حريصون" بما تملكه من مقومات زراعية سنتحدث عنها لاحقاً، استقطبت العاملين بالزراعة والخبرات الزراعية من مختلف القرى والمحافظات، ما ساهم في إغناء الخبرات على جميع الصعد.

الطبيعة المناخية المعتدلة والرطبة في القرية، والقرب الشديد من سطح البحر، جعلا منها بيئة مناسبة ملائمة لزراعة مختلف أنواع وأصناف الفواكه الاستوائية، وهذا دفعني إلى زراعة ما يقارب اثني عشر صنف فاكهة استوائية، منها: "المنكا، والأفوكادو، والكيوي، والقشطة، والكاكاو، والبن، والنخيل الملكي، والباباظ، والأناناس"، وغيرها العديد من الأصناف الأخرى الاستوائية والبلدية، وجميع هذه الأصناف تؤمن لي الاكتفاء الذاتي وفائضاً جيداً للتسويق في الأسواق المحلية

وقرية "حريصون" كجغرافية منخفضة تماماً عما يحيط بها من مناطق جغرافية، ومنذ القدم هي موطن لأغلب ما تنتجه الطبيعة من أمطار وسيول، ما ساهم في عملية نقل وتجدد للتربة بشكل مستمر، وبالتالي إغنائها بمختلف العناصر الغذائية اللازمة لنمو المزروعات بشكل جيد، وبشكل أوضح يمكن القول إن جميع السيول المطرية القادمة من القرى الجبلية المحيطة بنا والمرتفعة عنا بشكل ملحوظ كقرية "رأس الوطا" وقرية "محورتي" وقرية بشنانة"؛ تساهم بنقل التربة منها إلينا مما يجعلها متجددة بشكل شبه دائم.

عز الدين قاسم

إضافة إلى أن طبيعة المناخ المعدل والرطب في مختلف المواسم والفصول، والارتفاع البسيط عن سطح البحر وهو حوالي ستة أمتار فقط، جعل من بيئتنا في القرية بيئة مناسبة جداً لمختلف الزراعات، ومنها الزراعات الاستوائية».

ويتابع الجد "قاسم" في توضيح المقومات الزراعية التي توافرت في قرية "حريصون" وجعلتها بيئة زراعية، فيقول: «العامل الأساسي الذي توافر في القرية وجعلها بيئة زراعية بامتياز، هو توافر المياه الدائمة، فهنا تجد الآبار السطحية والارتوازية على حد سواء، بأعداد كبيرة، ويمكن القول إن كل منزل يملك بئراً أو أكثر بحسب المساحة المزروعة لديه، فعائلتي مثلاً تملك ما يقارب عشر آبار مياه، والسبب في ذلك شبكة المياه الجوفية الضخمة التي منت بها الطبيعة علينا، والأهم من كل ذلك بالنسبة للبيئة الزراعية، التسويق الزراعي الذي بات جيداً بفضل المسوقين من أبناء القرية وأصدقائهم المسوقين في بقية المناطق، الذين باتوا يدركون أهمية تكامل الإنتاج لدينا وجودة المنتجات، فيقصدون القرية لشراء منتجاتها دائماً».

إبراهيم قاسم

وفي لقاء مع الأستاذ "عز الدين قاسم" مدير مدرسة قرية "حريصون"، قال: «في حقول القرية ننتج مختلف أنواع الزراعات التي نراها في مناطق أخرى تنتج وفق تخصص بيئي ومناخي، أي إن تلك المناطق غير متنوعة زراعياً، على خلاف بيئتنا في القرية، فهنا ننتج على سبيل المثال لا الحصر الباذنجان والملفوف والذرة والقمح والبقوليات والفليفلة والبندورة والخيار، ومختلف أنواع الأشجار المثمرة التي تلاقي رواجاً جيداً في الأسواق، أي إنها أمنت الاكتفاء الذاتي للأهالي في القرية، وساهمت بتأمين اكتفاء مادي ناتج عن عملية التسويق المتكاملة، فمنهم من يشتري الإنتاج ويحضر مستلزمات الزراعة للمزارع.

إضافة إلى أننا منتجون زراعيون في معظم شهور السنة الواحدة، فلا يحدث انقطاع في العملية الزراعية إلا خلال فترات الحراثة وتجهيز الحقول أو البيوت المحمية للإنتاج الزراعي، علماً أننا نحاول في أغلب الأحيان زراعة أي صنف كان على مراحل وفترات زمنية متعاقبة، حتى لا يحدث انقطاع زراعي في هذا المحصول».

ويتابع الأستاذ "عز الدين": «المساحات الجغرافية الواسعة والمنبسطة في القرية أمنت بيئة مناسبة للزراعة، ومنها زراعات محمية ضمن البيوت البلاستيكية وزراعات خارجية في العراء، ما يعني أنها وفرت أساس الإنتاج الزراعي بكمياته الكبيرة التي تقدر بعشرات الأطنان للنصف الواحد، وأحياناً بمئات الأطنان، ومثال على ذلك ننتج في كل عام نحو عشرين طناً من الملفوف، ومئات الأطنان من البندورة، وكذلك الباذنجان والفليفلة؛ ما يعني أننا نقدم إنتاجاً وفيراً للتسويق الذي يؤمن الدخل المادي الجيد، ويؤمن فرص عمل زراعية ناتجة عن الزراعة كما قلنا، وفرص عمل تجارية ناتجة عن عمليات التسويق الزراعي الخاص بمحاصيل القرية».

أما السيد "إبراهيم قاسم" أو كما يسميه أبناء قريته "حريصون" بالمزارع النشيط، فقد اختص بالزراعات الاستوائية؛ ما أغنى بيئة القرية زراعياً، وعنها قال: «الطبيعة المناخية المعتدلة والرطبة في القرية، والقرب الشديد من سطح البحر، جعلا منها بيئة مناسبة ملائمة لزراعة مختلف أنواع وأصناف الفواكه الاستوائية، وهذا دفعني إلى زراعة ما يقارب اثني عشر صنف فاكهة استوائية، منها: "المنكا، والأفوكادو، والكيوي، والقشطة، والكاكاو، والبن، والنخيل الملكي، والباباظ، والأناناس"، وغيرها العديد من الأصناف الأخرى الاستوائية والبلدية، وجميع هذه الأصناف تؤمن لي الاكتفاء الذاتي وفائضاً جيداً للتسويق في الأسواق المحلية».