لم يحل ارتفاع تكاليف الإنتاج وانخفاض المردود المالي دون استمرار مزارعي البيوت البلاستيكية بطرطوس في العمل وزراعة المزيد من المحاصيل الزراعية على أمل أن تتحسن ظروف هذه الزراعة وتقل صعوباتها ومشاكلها.

الملخص: لم يحل ارتفاع تكاليف الإنتاج وانخفاض المردود المالي دون استمرار مزارعي البيوت البلاستيكية بطرطوس في العمل وزراعة المزيد من المحاصيل الزراعية على أمل أن تتحسن ظروف هذه الزراعة وتقل صعوباتها ومشاكلها.

وهناك أيضاً مشكلة التسويق وغياب الرقابة عن سوق الهال، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف الشحن وانعدام التصدير، وعدم توفر الأسمدة في المصرف الزراعي، وارتفاع أسعار المستورد منها، وارتفاع مستلزمات الإنتاج كافة

أيام عمل متواصلة صيفاً وشتاءً تكاد لا تخلو من لحظات فرح عند بدء ظهور الإنتاج خالياً من الأمراض وحتى لحظات قطاف ثمار نضرة مرغوبة في السوق، لكنها لحظات سرعان ما تخبو شيئاً فشيئاً مع بدء المعاناة التي لم يستطع المزارعون التغلب عليها طوال تلك السنوات، والمتمثلة في انخفاض أسعار المنتجات.

زراعة البذور

يبدأ العمل الزراعي في البيوت المحمية بتجهيز الشرائح البلاستيكية و(رتي) ما يمكن (رتيه) أو تبديل ما أكلت الأشهر من عمره وبات عرضة للتلف بسبب ظروف المناخ، وكذلك تجهيز البذار ذات المواصفات المرغوبة في السوق ضمن العبوات الفلينية، أو محاولة شراء الشتول الجاهزة المطعمة بجذر مقاوم، وكل ذلك حسب القدرة المالية للمزارع، كما يقول المزارع "ناجي حسن" في حديثه لمدوّنة وطن.

بعد عمليات تعقيم التربة وتجهيزها لاستقبال تلك الشتول، يحين موعد جهود أخرى لا تخلو من المعاناة وتتعلق بنوعية وجودة الأسمدة والأدوية الزراعية، والتي يضيف المزارع "حسن" أنها في حالات كثيرة تكون بمواصفات غير جيدة ولا سيما المهرب منها، ويقول: «منذ بداية الحرب الحالية بدأنا نلحظ انخفاض الفاعلية في الأدوية المستخدمة للوقاية من الأمراض الزراعية، وهذا ما أدى إلى زيادة التكاليف من خلال تكرار عمليات الوقاية من الأمراض والتسميد التغذوي للحصول على النتيجة المرجوة، عدا عن الأمراض التي تصيب الثمار، ورغم كل تلك المعاناة لا نستطيع الاستغناء عن هذه الزراعة، فوالدي كان يعمل بها وأقاربي أيضاً من العاملين بها وأغلب أبناء قريتي "خربة السناسل" في مدينة "بانياس"، وكأنها حرفتنا أو علامتنا التجارية التي خلقنا لها، إضافة إلى أن البعض منهم عمل بهذه الزراعة وتاجر بمنتجاتها ومستلزماتها الأولية».

شتول البندورة

ويتابع: «عائلات كثيرة تعمل بهذه الزراعة وتعتمد عليها بشكل أساسي في معيشتها، منهم من يعملون كمزارعين بالحصة أو بأجور يومية لدى مالكي البيوت المحمية، وقد تكبد أصحاب البيوت هذا الموسم خسائر كبيرة نتيجة ارتفاع تكاليف الإنتاج وبيع المنتج بسعر أقل من سعر التكلفة بحوالي /400/ ليرة، حيث تبلغ تكلفة كل كيلوغرام من البندورة حوالي /1000/ ليرة».

المزارع "علي حاتم" قال: «لا بديل عن عملنا بزراعة البيوت المحمية التي توفر سلة غذائية مهمة ومتنوعة للمحافظة والمحافظات الأخرى وأهمها البندورة والخيار والباذنجان والكوسا، وتوفير حاجيات المنزل من مختلف الخضار التي تزرع على جانبي البيت المحمي من الداخل كالفاصولياء والخس والبصل وغيرها، وقد واجهنا صعوبات كبيرة خلال تواتر انخفاض وارتفاع قيمة الليرة السورية، حيث ارتفع سعر عبوات التعبئة "فلين" لسعر خيالي وصل لحوالي ألفي ليرة، ناهيك عن ديون الصيدليات الزراعية التي باتت تحتسب حين السداد».

إنتاج البندورة

ويضيف: «الموسم السابق اشتريت الشتول المطعمة على جذر مقاوم للتخلص من أمراض التربة كالنيماتودا والعفن وغيرها، وكان سعر الشتلة الواحدة حوالي ألف ليرة بعد أن كان سعرها الموسم الزراعي قبل الماضي لا يتجاوز 250 ليرة، وكذلك أصبحت كل عملية مكافحة للأمراض تكلف حوالي ثلاثين ألف ليرة بعد أن كان تكلفتها بالحدود العظمى عشرة آلاف ليرة، وهذا ساهم بزيادة تكاليف الإنتاج وخفض الأرباح».

التاجر "طلال حسن" أكد أنه يعمل بزراعة البيوت المحمية منذ سنوات طويلة، وطور نفسه ليصبح تاجراً بمنتجاتها في سوق هال مدينة "بانياس" وفتح قنوات تصديرية عبر أصدقاء له في الدول المجاورة، إلا أنه يشكو من ارتفاع تكاليف الإنتاج بشكل عام، والتي أصبحت عبئاً ثقيلاً على كاهل المزارعين حين انخفاض الأسعار في أوقات الذروة، ورغم ذلك يبقى هذا العمل هو الوحيد الذي يمكنه العمل به وسيورثه لأبنائه».

وفي لقاء مع المهندس الزراعي "محمد حسن" رئيس دائرة الإنتاج النباتي في مديرية زراعة طرطوس أكد أن عدد البيوت المحمية حالياً يقدر بحوالي 145284 بيتاً محمياً، وقد زادت عن العام الماضي حوالي 11325 بيتاً، رغم الصعوبات ومعوقات العمل التي من أهمها الري، حيث لا يوجد انتظام في مواعيد وكميات المياه الموزعة في شبكات الري الحكومية، وفي شبكات الري الخاصة لا تتوفر الكهرباء والمحروقات لتشغيل المضخات والغواطس، ويتابع: «وهناك أيضاً مشكلة التسويق وغياب الرقابة عن سوق الهال، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف الشحن وانعدام التصدير، وعدم توفر الأسمدة في المصرف الزراعي، وارتفاع أسعار المستورد منها، وارتفاع مستلزمات الإنتاج كافة».