لم يكن النجاح لديها نجاحاً علميّاً فقط في مجال هندسة العمارة، بل اقترن بنجاح موهبتها في الرسم أيضاً، وبإصرارها الكبير وعزيمتها التي لا تلين تمكنت من السير نحو حلمها ومازالت مستمرة.

مدونة وطن "eSyria" التقت الفنّانة "رشا حسون" لتحدثنا عن بدايتها مع الرسم، فحدثتنا قائلةً: «بدأت موهبتي منذ الطفولة؛ ففي المرحلة الابتدائية كنت أرسم وأستغرق في الرسم لساعاتٍ طويلة محاولةً إظهار أدق التفاصيل في رسوماتي الطفولية، تنبه أستاذ الرسم في المدرسة إلى ذلك وأعجب بلوحاتي كثيراً، فتحدث مع أهلي عن موهبتي وضرورة المتابعة وتقديم الدعم والاهتمام اللازم، وخلال دراستي الإعداديّة والثّانوية لم أنقطع عن موهبتي التي طالما أحببتها، ففي أوقات فراغي ومن خلال التدريب الذاتي المستمر، تمكنت من الوصول إلى مستوى شبه احترافي في رسم البورتريه بأقلام الرصاص».

لا شك أن بيئتي كان لها -ولا يزال- أثر كبير في تنمية موهبتي، فأنا جزء من هذه البيئة سواء كانت أسرتي أو مجتمعي بوجه عام، كل ما حولي من أشخاص وأحداث سيؤثّر بي ويعطيني دافعاً قويّاً لمتابعة موهبتي وصقلها أكثر فأكثر، ولا بدّ من الإشارة أيضاً إلى تأثّري الكبير بطبيعتنا السّاحرة، وخاصةً لكوني أعيشُ في ريف "طرطوس" الجميل، بمناظره الخلّابة وطبيعته الملهمة وتضاريسه المتنوعة، فكان له النّصيب الأكبر من لوحاتي الزّيتية والمائيّة

وعند الحديث عن تأثير البيئة المحيطة بها في نمو هذه الموهبة، أضافت "رشا حسون": «لا شك أن بيئتي كان لها -ولا يزال- أثر كبير في تنمية موهبتي، فأنا جزء من هذه البيئة سواء كانت أسرتي أو مجتمعي بوجه عام، كل ما حولي من أشخاص وأحداث سيؤثّر بي ويعطيني دافعاً قويّاً لمتابعة موهبتي وصقلها أكثر فأكثر، ولا بدّ من الإشارة أيضاً إلى تأثّري الكبير بطبيعتنا السّاحرة، وخاصةً لكوني أعيشُ في ريف "طرطوس" الجميل، بمناظره الخلّابة وطبيعته الملهمة وتضاريسه المتنوعة، فكان له النّصيب الأكبر من لوحاتي الزّيتية والمائيّة».

من لوحاتها

أما عن تحصيلها العلمي وتأثير دراسة الهندسة المعماريّة في موهبتها الفنيّة، فقالت "رشا": «لقد تخرّجت في كلية الهندسة المعماريّة عام 2015، وقد أحدثت دراستي في هذه الكليّة نقلةً نوعيّة في مسيرتي الفنّية، حيث اكتسبتُ مهاراتٍ جديدة منها تعلّم مبادئ الرّسم الأساسيّة، وتعلّم مبادئ الظل والمنظور بأسلوب أكاديمي على يد كادر تدريسي متميّز في جامعة "تشرين"، إضافة إلى تعلّم الرّسم بالألوان الخشبيّة والمائّية، كلُّ ذلك عزّز من قدراتي وإمكاناتي الفنيّة، التي انعكست بدورها على أدائي وتفوقي في سنوات دراستي الخمس، وبعد تخرّجي التحقتُ بمركز "أحمد خليل" رغبةً مني في تعلّم الرّسم بالألوان الزيتية.

أما عن العلاقة بين الفن والعمارة، فالعمارة هي الفنُّ الأوّل في الفنون السّبعة، التي تصنّف كالتالي: "العمارة أولاً، تليها الموسيقا، فالرسم، ثمّ النحت، وبعده الشّعر، فالرقص، وأخيراً السينما"، حيث إنّ جميع هذه الفنون مترابطة، و الرسم عزّز قدراتي وأعطاني قوةً وثقة خلال دراستي في كليّة الهندسة المعمارية، التي بدورها أكسبتني فهماً أكبر للخطوط والألوان والتّشكيل وتحليل أي شكل أو أي مشهد إلى خطوط هندسيّة بسيطة، أبدأ منها لوحاتي مهما بلغت درجة التّعقيد بها، وأؤكد أنّ الرسم إلى جانب العمارة إبداع وقوة، والعكس صحيح».

شوكت عاصي

وعن المعارض والجوائز الّتي حصلت عليها، قالت: «لقد كانت المعارض المدرسيّة أولى بداياتي التي وصلتُ من خلالها إلى النّاس، وبعدها أقمتُ عدّة معارض جماعيّة في المركز الثّقافي في "اللاذقية"، شاركت بها خلال دراستي الجامعيّة، وأيضاً كان هناك معرض جماعي لاتّحاد "شبيبة الّثورة" في المركز الثّقافي بـ"طرطوس" بمناسبة عيد الجيش العربي السوري عام 2016، إضافة إلى معرضٍ أقيم بمناسبة يوم البيئة العالمي عام 2017، ومعرض جماعي في المهرجان الثقافي الذي أقامه ملتقى "البيادر" الثقافي بعنوان: "الوفاء لدم الشهداء والجرحى" في صالة "طرطوس" القديمة عام 2018، إضافة إلى ثلاثة معارض جماعيّة قمنا بها في مركز "أحمد خليل" للفنون الجّميلة؛ توزّعت كالتالي: معرض "من أجل سورية" في المركز الثقافي بـ"طرطوس"، ومعرض "شباب وصبايا تحية للتشرينين" بمناسبة عيد وزارة الثّقافة والأعياد التّشرينية، في صالة المركز الثقافي في "صافيتا"، ومعرض "جولاننا" في المركز الثقافي بـ"طرطوس"، ومعرض جماعي في مهرجان "الخوابي"، وأخيراً مسابقة الفنون التشكيلية بعنوان: "قوس قزح" لـ"اتحاد شبيبة الثورة" هذا العام.

أمّا عن الجوائز التي حصلت عليها، فقد كان هناك تكريمات في المعارض الجّماعية التي شاركت بها من قبل جهات رسميّة عديدة».

لميس صلاح شريف

وتابعنا الحوار مع الفنانة "رشا حسون" بالحديث عن طموحها المستقبلي، فحدثتنا قائلةً: «أشعر بأن الرّسم بالنسبة لي حاجة يوميّة، هو ليس للتسلية أو ملء أوقات الفراغ، بل هو أوكسجين الحياة ومساحة للتعبير عن أفكاري ومشاعري، وباب أقوم من خلاله بإدخال أفكار جديدة محفزة على التغيير الإيجابي لي ولمن حولي ومجتمعي بأكمله إن استطعت، وأسعى دوماً إلى الأفضل، ولا أزال أرى أنّ الطريق طويل، ولا بدَّ من خوض التجارب الكثيرة للحصول على المزيد من الخبرات والمعارف، فهناك الكثير لم أكتشفه بعد، ورحلة التعلّم والتّطور مستمرة ولا تنتهي، وإنّ كل لوحة تجربة جديدة وولادة جديدة تثير في داخلي رغبة ملحّة في تعلّم المزيد».

والتقت مدونة وطن الفنان "شوكت عاصي" ليحدّثنا عن زميلته في الفن وصديقته في المعارض، فقال: «"رشا حسون" فنانة مبدعة وزميلة مقرّبة تملك إحساساً مرهفاً، وشخصيّة عفوية تعبّر عن نقاء قلبها، وتعكس بلوحاتها ولمسة ريشتها شخصيتها ومكنوناتها الدّاخلية من إبداع وفنّ راقٍ، وقد عرفت لوحاتها الواقعيّة الجميلة، ورسمها الانطباعي الّذي يعطي الحياة للوحاتها، التي تشعر بها تخاطبك وتخاطب أفكارك، دراستها المعماريّة أعطتها الكثير من الثّقافة الفنّية، وجعلت خيالها الخصب يكبر ليُظهر موهبتها الكبيرة ويساعدها على تخطي مراحل طويلة في مسيرتها الفنّية خلال مدة وجيزة، وأظن أنّ مستقبلها القادم سيحمل لها النجاح الكبير؛ وذلك لأنّ رسالتها الفنّية رسالة محبّةٍ وسلام».

وتواصلت مدونة وطن مع المهندسة "لميس صلاح شريف" زميلة الفنانة "رشا" في العمل الهندسي؛ لتحدثنا أكثر عن الرسامة "رشا" عن قرب: «بدأت معرفتي بالفنانة "رشا حسون" قبل سنتين، عندما بدأنا العمل معاً في مديرية الخدمات الفنّية في "طرطوس"، وأول ما يلفتك عند رؤيتها الكميّة الكبيرة من اللطف الذي تقابلك به، فهي إنسانة هادئة ولطيفة لا يمل من العمل معها، لا تعرف التذمر أبداً، وقد كنت إلى جانبها في كل المعارض التي أقامتها وشاركت بها، ومن يرى لوحاتها وأعمالها يستطيع أن يجد شخصيتها الهادئة منعكسة في تلك الرسوم، فهي تعكس شخصيتها وانطباعها من خلال رسوماتها المتنوعة».

الجدير بالذكر، أن الفنانة "رشا حميد حسون" من مواليد "طرطوس"، عام 1992.