تمكّنت المهندسة "ميرنا يوسف" من برمجة صبرها ومحبتها للتعامل مع الأطفال في صناعة لوحات فنية من الورق المقطع، عبر لفّه يدوياً وبوسائل بدائية ابتكرتها لتكون رديفة لعملها، فتعلّمت من الأطفال وعلّمتهم إنتاج لوحات فنية متكاملة العناصر والألوان.

البداية كانت من ملء أوقات فراغ الأطفال بأشياء مفيدة بعيداً عن وسائل الترفيه الإلكترونية غير الموظفة توظيفاً مفيداً، حيث وظّفتها لفن وموهبة لفّ الورق الذي يعدّ -بحسب وصفها- غير مطروق في "طرطوس" سابقاً، كما أوضحت "ميرنا يوسف" لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 28 أيلول 2018: «منذ الصغر لدي ميول فنية دفينة لم أستثمرها أو أوظّفها إلا بعد أن تزوجت وأنجبت الأطفال، لأن همّي الوحيد تربيتهم وتحسين مستوى إدراكهم للأشياء بعيداً عن طبيعة المجتمع المحيط بنا الذي يعجّ بالكثير من المتناقضات، فوجدت من الفن الشيء المفيد والملبي لهدفي، وانطلقت الفكرة من ملء أوقات فراغهم بأشياء يتمتعون بممارستها، لكوني ضد الأجهزة الإلكترونية بألعابها غير النافعة، لأنها لا تدع الطفل يعيش حياته الطفولية كما يجب باللعب والمرح وتنمية مهاراته وقدراته وهواياته.

أدوات فن لفّ الورق بسيطة، وهي عبارة عن إبرة اللفّ والورق، وفي الأغلب الإبرة غير متوفرة في الأسواق واستعضت عنها بعود (الشيش)، وكذلك أستخدم المشط للفّ بطرائق مختلفة، فأنتج أشكالاً مختلفة تماماً عن المعروفة في وسائل التواصل الاجتماعي

لكنني وظّفت شبكة الإنترنت لتعلّم فن لفّ الورق من خلال المواقع الأجنبية التخصصية، وقد بدا صعب المنال في البداية، لكن شغفي به دفعني إلى تعلّمه وإتقان مختلف مهاراته وتطويرها بما يتناسب وأدواتي الخاصة، حيث صمّمت مجموعة على صفحات التواصل الاجتماعي، وأسميتها "رسومات وإبداعات الأطفال"، وأضفت إليها صديقاتي ومعارفي الأمهات لتبدأ حكاية فن لفّ الورق وإنتاج اللوحات الفنية، وتعليم الأطفال واستثمار مهاراتهم وقدراتهم الكبيرة بما يفيدهم».

خلال معرضها في المركز الثقافي العربي بطرطوس

وتتابع: «بحثت كثيراً عن الأفكار والمهارات، وعملت عليها بكل جدية مهما بلغت من الصعوبة والغرابة في البداية، لأثبت قدرتي على تحقيقها، ونفذتها مع أولادي، وقدمتها على المجموعة لتجذب الصديقات والأطفال على حدّ سواء، وكانت المتابعة والثناء على المنتجات حافزاً للاستمرار والتطوير.

بعدها بدأ الأطفال يطلبون مني أن أعلّمهم مهارات هذا الفن المعتمد على الأوراق الملونة، لإنتاج لوحات وأشكال فنية قريبة من أفكارهم وأعمارهم، فانجذبوا إلى الأفكار الغريبة والجميلة وثابروا على تعلّمها، وهنا حققت ذاتي في هذا المجال ونجحت بخطوة مميزة غير مسبوقة على مساحة الساحة الفنية في "طرطوس"».

من أعمالها

وعن مشاركاتها وتطوير مهارات المهتمين، قالت: «بالمصادفة تعرّفت عبر وسائل التواصل الاجتماعي إلى الدكتورة "لبنى علي" المهتمة بمهارات الأطفال وتعليمهم الفن الهادف، فطرحت عليّ فكرة مشروعها المهتم بالأطفال وتنمية مواهبهم، فكنت المتطوعة ضمن فريق الأشغال اليدوية، وما قدمناه كان جاذباً ولافتاً للمشاركة بمشروع فني منوع، تحت اسم وعنوان عريض وهو: "أبناء الأمل"».

لوحاتها تحمل الكثير من الأفكار على الرغم من بساطتها، والعديد من الألوان الجاذبة على الرغم من وحدة تكوينها، وهنا قالت: «ما يجذب الأطفال للمتابعة الأفكار القريبة منهم أو الألوان، وكلا الحالتين عملت بهما وفق معايير العمل، لكن طورت أفكارها ببساطة، وقدمت من خلالها القطع الورقية الملونة ذات المقاسات الموحدة والمحددة، وبأدوات بسيطة أوجدتها لتكون بديلة عن الأدوات الأساسية غير المتوفرة، فبدل الإبرة الكبيرة المستخدمة لعملية لفّ الورق استخدمت أعواداً غير مؤذية، ويمكن أن يستخدمها الطفل بكل سهولة وأمان، كما أن الأطفال ساهموا بطرح الأفكار وتقديمها واقعياً، وكان لافتاً جمالها ودقتها.

من معروضاتها

فن لفّ الورق يتطلب الكثير من التركيز والمهارات، وهذا فرض الكثير من الصبر والهدوء في العمل، فتمكنت منه بالعمل المتواصل الذي أصبح شغفي اليومي، ودفعني إلى تعلم كل شيء فيه بأدق التفاصيل».

وبالنسبة لأدوات العمل، قالت: «أدوات فن لفّ الورق بسيطة، وهي عبارة عن إبرة اللفّ والورق، وفي الأغلب الإبرة غير متوفرة في الأسواق واستعضت عنها بعود (الشيش)، وكذلك أستخدم المشط للفّ بطرائق مختلفة، فأنتج أشكالاً مختلفة تماماً عن المعروفة في وسائل التواصل الاجتماعي».

وأكدت المهندسة "عبير زيدان" المتابعة لأعمال "ميرنا يوسف" باستمرار منذ البدايات، أنها استطاعت أن تقدم نقلة نوعية في مجال عملها غير المسبوق، وأضافت: «هذا دفعني لأكون متفاعلة معها بوجه دائم وقريبة من كل إنجاز تقوم به على الصعيد الفني، فالتطور الذي قدمته من مجال الألوان إلى مجال الأفكار كان لافتاً لجميع متابعيها، كما أنها تمكنت من تجسيد بعض أفكارها بما يمكن وصفه ثلاثي الأبعاد؛ كأحجار الشطرنج مثلاً، وهذا غير مسبوق أيضاً؛ وهو ما يعني أنها تملك شغفاً كبيراً تجاه ما تقوم به».

يشار إلى أن "ميرنا يوسف يوسف" من مواليد "طرطوس" عام 1976، درست هندسة الميكانيك، ولديها أربعة أبناء.